مع بداية العام الجديد نشرت وكالة فيديس الكاثوليكية للأنباء مقالا سلطت فيه الضوء على معنى الاستشهاد بالنسبة للكنيسة وكتبت أن الجماعات المسيحية الأولى بدأت تدفن الشهداء وتكرم من كانوا شهوداً لإيمانهم بالمسيح وصولا إلى حد إرقاء الدماء.
المسيحيون الأوائل بدأوا يكرمون الشهيد من خلال التجمّع حول ضريحه ليرفعوا الصلوات ويقوموا ببعض القراءات، ثم لاحقاً تلا ذلك الاحتفال الإفخارستي. تكريم الشهيد يعني إحياء ذكرى من استجابوا لدعوة الرب لهم، واعتبار هذا الشهيد قدوة لحياتهم. منذ زمن الرسل، وفقا للتقليد الكنسي بدأ يُطلق الشعار اللاتيني Christus in martyre est الذي يعني “في الشهيد يوجد المسيح”، في إشارة إلى كون الاستشهاد علامة للمحبة لا للعنف. وعندما يسلكون الدروب التي رسمها الشهداء، لا يتعامل المسيحيون مع الاضطهاد والعنف بواسطة مشاعر الانتقام والأخذ بالثأر، على الرغم من الاضطهادات وأعمال العنف التي يمكن أن يتعرضوا لها، بل يواجهونها من خلال المحبة والأخوة. كما أن شهادة الشهيد ليست عقيمة على الإطلاق.
أضاف مقال وكالة فيديس أن الكنيسة، التي تحركها هذه القناعة الراسخة، تسير على هذه الدرب منذ قرون، وتسلط الضوء على حياة العديد من الرجال والنساء، في كل زمان ومكان، الذين لم يترددوا في إراقة دمائهم من أجل المسيح وإنجيله. وها هي دائرة دعاوى القديسين تقترح هؤلاء الشهداء كمثال للكنيسة الجامعة، مع أن ثمة العديد من الشهداء الذين سقطوا على مر العصور، وظلوا مجهولين لغاية اليوم، بيد أن الله يعرفهم.
في هذا السياق شاءت وكالة الأنباء الكاثوليكية أن تسلط الضوء على عدد من الشهداء الذين أقرت الدائرة الفاتيكانية لدعاوى القديسين باستشهادهم، ومن بينهم ثلاثة مرسلين سافيريان: لويجي كارارا، جوفاني ديدونيه وفيتوريو فاشين، والكاهن أليبير جوبير، الذين قُتلوا في الثامن والعشرين من تشرين الثاني نوفمبر ١٩٦٤ في الكونغو على يد جماعات كانت تحركها مشاعر الكراهية المناهضة للدين. في الخامس من تشرين الأول أكتوبر الماضي تم إحياء الذكرى السنوية العشرين لاستشهاد المرسلة العلمانية في الصومال أنا لينا تونيلي، التي قُتلت في مثل ذلك اليوم من عام ٢٠٠٣، وللمناسبة نُظمت لقاءات واحتفالات في إيطاليا وأفريقيا، سلطت الضوء على فكر ونشاط تلك الشهيدة المسيحية الإيطالية.
في فرنسا تم إحياء الذكرى السنوية السابعة لاستشهاد الكاهن الفرنسي جاك هاميل، الذي قُتل داخل كنيسته خلال احتفاله بالقداس في السادس والعشرين من تموز يوليو ٢٠١٦. وقد تحولت كنيسته وجهة للعديد من الحجاج والمؤمنين الذين يتوقفون للصلاة والتأمل في الكنيسة المكرسة للقديس أسطفانوس أول الشهداء المسيحيين. للمناسبة تم إنشاء مركز استقبال بالإضافة إلى معرض يذكر الزوار بالتزام الكاهن هاميل لصالح الحوار بين الأديان. كما أن الرعية تشهد العديد من المبادرات التي تُنظم سنوياً إحياء لذكرى هذا الشهيد والرسالة التي عاش من أجلها، وهي مبادرات موجهة إلى الشبان بنوع خاص. كما أن اتحاد الإعلاميين الكاثوليك الفرنسيين أنشأ جائزة تحمل اسم الأب جاك هاميل، تُمنح منذ سنوات لصحفيين يقدمون إسهاماً لصالح السلام والحوار بين الديانات تماشياً مع الرسالة التي عاشها الكاهن الفرنسي الراحل.
وقد احتُفل العام المنصرم أيضاً بالذكرى السنوية الثلاثين لاستشهاد الكاهن الإيطالي بينو بولييزي، في الخامس عشر من أيلول سبتمبر ١٩٩٣ في باليرمو على يد عصابات المافيا وقد تحدث عن هذا الموضوع البابا فرنسيس مشيرا إلى أن الكاهن الراحل عانق الصليب وصولا إلى حد إراقة الدماء، وقد عاش المحبة إلى أقصى حد على مثال الرب يسوع.