في تمام الساعة السادسة والنصف من مساء يوم الثلاثاء 9 تمّوز 2024، قام غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بزيارة إلى الكنيسة السريانية الأرثوذكسية الشقيقة، وذلك في كاتدرائية مار أفرام السرياني ودار النيابة البطريركية في أستراليا ونيوزيلندا، في سيدني – أستراليا.
رافق غبطتَه في هذه الزيارة أصحابُ السيادة: مار باسيليوس جرجس القس موسى الزائر الرسولي في أستراليا ونيوزيلندا، ومار برنابا يوسف حبش مطران أبرشية سيّدة النجاة في الولايات المتّحدة الأميركية، ومار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد وأمين سرّ السينودس المقدس، والمونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب يوحنّا إينا كاهن إرسالية سيدني، والأب ماجد آل حنّا الكاهن المساعد في إرسالية سيدني.
استُقبِل غبطتُه من صاحب النيافة مار ملاطيوس ملكي ملكي النائب البطريركي للسريان الأرثوذكس في أستراليا ونيوزيلندا، أمام المدخل الخارجي للكاتدرائية. فدخل غبطته في موكب حبري مهيب، يتقدّمه الأساقفة والخوارنة والكهنة والشمامسة، وهم يؤدّون ترانيم استقبال رؤساء الأحبار بأصواتهم الشجيّة.
ولدى وصول غبطته إلى أمام المذبح، ترأّس رتبة صلاة خاصّة أُعِدّت بهذه المناسبة بحسب الطقس السرياني الأنطاكي، بمشاركة أصحاب السيادة الأساقفة والآباء الخوارنة والكهنة والشمامسة وجمع من المؤمنين. وأقام غبطته في نهايتها تشمشت (خدمة) العذراء والقديسين.
ثمّ انتقل غبطته إلى قاعة الكاتدرائية حيث التقى بالأساقفة والخوارنة والكهنة والشمامسة وجمع من المؤمنين، وفي مقدّمتهم الذين يعملون في خدمة لجان رعية الكاتدرائية.
وألقى نيافة المطران مار ملاطيوس ملكي ملكي كلمة رحّب فيها بغبطته، فقال: “صاحب الغبطة، بارخمور سيّدنا، أهلاً وسهلاً بكم بين شعبكم ورعيتكم وأهلكم وأقربائكم وأحبّائكم، ونرحّب أيضاً بأصحاب السيادة الإخوة المطارنة والآباء الكهنة والشمامسة وجميع الحاضرين”.
وتابع نيافته: “نتمنّى لكم، يا صاحب الغبطة، الإقامة السعيدة، وندعو لكم بالنجاح والتوفيق في رعاية الكنيسة السريانية الكاثوليكية في كلّ مكان، ولا سيّما هنا في أستراليا، بهمّة سيّدنا المطران جرجس القس موسى والآباء الكهنة، ونحن نلتقي دائماً ونتشارك شؤون الخدمة بفرح، ونعمل يداً بيد، ونساعد بعضنا البعض، ونعكس رابط الأخوّة الموجود بين غبطتكم وبين قداسة سيّدنا البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس”.
وأردف نيافته مجدِّداً “اعتزازنا بالمحبّة والوحدة التي تجمعنا ونحن نخدم شعبنا السرياني الواحد في هذه الظروف الصعبة، ولكنّنا نتّكل على الرب الذي يقوّينا ويبارك خدمتنا رغم التحدّيات”، متناولاً بإسهاب واقع انتشار الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في أستراليا ونيوزيلندا، وكيفية تأمين الخدمة الروحية والراعوية الضرورية للمؤمنين.
وختم نيافته قائلاً: “بصلواتكم وبركاتكم، يا سيّدنا صاحب الغبطة، تكبر رعايانا، أكانت سريانية أرثوذكسية أو سريانية كاثوليكية، ونحن نأمل أن تتوسّع أكثر فأكثر. نطلب منكم البركة، ونتمنّى أن تزورونا باستمرار وتصلّوا من أجلنا. أهلاً وسهلاً بكم، بارخمور”.
وردّ غبطة البطريرك بكلمة محبّة أبوية، أعرب في مستهلّها عن “الفرح الكبير الذي يملؤنا عندما نأتي ونزوركم، يا صاحب النيافة، ونزور حضرات الخوارنة والكهنة الأفاضل، والشمامسة والشمّاسات ولجان الكنيسة. وكما تفضّلتم وذكرتم في كلمتكم الترحيبية اللطيفة والنابعة من قلبكم المحبّ وروحكم الأخوية، نحن كنيسة واحدة، ومع أخينا صاحب القداسة سيّدنا البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني، نحن على تواصُل دائم، ونلتقي مرّاتٍ كثيرةً، ونتبادل الزيارات، ونبذل كلّ جهدنا كي تبقى كنائسنا مزدهرة بأبنائها وبناتها وبإكليروسها، أكانوا في بلاد الانتشار أو في الشرق، وأنتم تعرفون، يا صاحب النيافة، ما حصل في شرقنا العزيز في السنوات العشرين الأخيرة، من تهجير قسري واقتلاع لشعبنا من أرض الآباء والأجداد”.
ونوّه غبطته إلى أنّنا “كبطريرك نقوم بكلّ ما بوسعنا كي نزور أبناءنا وكنائسنا، ونعتبر نفسنا إخوةً لكم، لأنّ الكنيسة السريانية هي واحدة، إيمانها واحد، ليتورجيتها واحدة، لغتها السريانية واحدة، شعبها واحد، وأيضاً تقاليدها واحدة. وتتذكّرون جيّداً أنّنا، مع قداسة أخينا البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني، بذلنا الجهود كي نحيي معاً مئوية سيفو عام 2015. يتكلّمون رسمياً دائماً عن إبادة الأرمن التي حصلت فعلاً عام 1915، لكنّنا نحن السريان عانينا أيضاً هذه الإبادة، قتلاً وتهجيراً قسرياً، وفرغت للأسف المناطق التي كان آباؤنا وأجدادنا يعيشون فيها. ومع هذا كلّه، سنبقى شعب الرجاء، مستذكرين كلّ حين قول الرب يسوع لنا: أنا معكم، لا تخافوا، وقوله أيضاً: إن كانوا اضطهدوني فسوف يضطهدونكم أيضاً”.
ولفت غبطته إلى أنّنا “نتبع طريق الرب يسوع القائل لنا: من أراد أن يتبعني فليكفر بنفسه ويترك كلّ شيء ويحمل صليبه ويتبعني. فنحن نقدّم هذه الشهادة، وأنتم هنا في أستراليا التي استقبلَتْكم، تعيشون وتقدّمون شهادة الإيمان والتقوى، ولن نتراجع مهما عظمت الصعوبات والتحدّيات، بل سنبقى شهوداً للرب يسوع ولكنيستنا السريانية حتّى الاستشهاد”.
وختم غبطته كلمته مجدِّداً التأكيد على أنّنا “نحن وأصحاب السيادة الأساقفة والآباء الكهنة، نأتي إليكم ونحن فرحون جداً، لنزور إخوتنا وبيتنا السرياني. ونضرع إلى الرب يسوع أن يبارككم في كلّ ما تقومون به، كي تجعلوا من هذه الأبرشية حقيقةً عائلةً روحيةً واحدةً تتمسّك بالشهادة للإيمان بالرب يسوع، وبالتعلّق بلغتنا السريانية، وبتراثنا العريق، بشفاعة أمّنا مريم العذراء والدة الإله، ومار أفرام السرياني، وجميع القديسين والشهداء”.
وأهدى غبطته إلى نيافته ميدالية سيّدة النجاة البطريركية، عربون محبّة وشكر وتقدير، تخليداً لهذه الزيارة المباركة.
كما أهدى نيافته إلى غبطته نسخة من الكتاب المقدس باللغة السريانية بإصدار جديد وجميل، كما أهدى نسخة منها أيضاً إلى أعضاء الوفد المرافق لغبطته.
وتبادل غبطته مع نيافته والخوارنة والكهنة الأحاديث حول الأوضاع الراهنة في منطقة الشرق الأوسط، وما يجابهه المسيحيون فيها من مصاعب ومعاناة، وكذلك شؤون خدمة المؤمنين في بلاد الانتشار وتحدّياتها. كما أجاب غبطته على بعض الأسئلة والاستفسارات التي طرحها عليه بعض الكهنة والمؤمنين بخصوص مواضيع كنسية عدّة.
وبعدئذٍ منح غبطتُه الجميعَ البركة الأبوية، ليغادر بعدها مودَّعاً من نيافته والكهنة والمؤمنين كما استُقبِل بمجالي الحفاوة والإكرام والتقدير، وسط جوّ من الفرح الروحي.