حملايا – السبت 29 حزيران 2024
“أنت هو المسيح ابن الله الحي ”
صاحب الفخامة، سيادة راعي الأبرشية، كاهن الرعية، والآباء، أصحاب السعادة، النائب والقائمقام، حضرة العميد ممثل قائد الجيش، رئيس مجلس بلدية حملايا وأعضاء المجلس، مختارها والمجلس الاختياري، العميد رئيس مكتب مخابرات جبل لبنان، الأخويات، لجان الوقف، أيها الاخوة والأخوات الأحباء أهالي حملايا والمنطقة المحبوبين،
اليوم نحتفل بعيدين كبيرين، عيد الرسولين بطرس وبولس، وعيد القديسة رفقا، عيد ميلادها، فكما تعرفون كان اسمها الأول، بطرسية، ثم حولت اسمها الى رفقا، اسم المرحومة والدتها التي كانت تحبها كثيرا، وقد تيتّمت بوفاة والدتها وهي في عمر ست سنوات وكانت هذه الصدمة الأولى في حياتهاـ تلتها صدمة ثانية وهي صدمة زواج والدها فيما كانت في دمشق لخدمة أربعة أيام، عاشت وفوجئت بإمرأة في بيتها، زوجة والدها، فتأثرت كثيرا على أمها وفهمت أن طريقها صعب، فيه صليب، وهكا راحت تفكّر بماذا يعني هذا الايمان، إيمانها بالمسيح، أنت هو المسيح ابن الله الحي، هذا هو ايمان بطرس الذي قال له يسوع أنت الصخرة وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي، والكنيسة تُبنى من جيل لجيل على صخرة إيمان المؤمنين بالمسيح، هكذا بدأت حياتها، اذ دخلت جمعيّة المريمات في بكفيا وكان مرشدها الخوري يوسف الجميّل الذي دعاها زنبقة حملايا، والتي وبعد أن استرشدته قال لها أن مدعوّة للترهّب في جمعية المريمات حيث انطلقت بإبمان كبير، والايمان هو فضيلتها الأساسية، وفضيلة كل مسيحي، فمن دونه لا ننفع شيئا، هو صخرة إيماننا، وفي الواقع دخلت جمعية المريمات وراحت تعلّم التعليم المسيحي في بكفيا والشبانية ودير القمر وجبي ومعاد، وكانت تترك أثراً بالغاً في النفوس، لأنها كانت تعيش قوة الايمان، وأتتها الصدمة الرابعة عندما حُلّت جمعية المريمات وأصبحت مع جمعية قلبي يسوع ومريم، وأُرسل خبر الى جميع الراهبات للانتقاء بين الجمعية الجديدة أو العودة الى العالم العلماني، فاضطربت للغاية، وكانت يومها في معاد، فراحت تصلّي وتستلهم الله ماذا يطلب منها، فإذا برؤيا من ثلاثة رهبان، مار انطونيوس الكبير، ومار سمعان العامودي، ومار جريس لأنها كانت في كنيسته في معاد، ومار سمعان كان لدير مار سمعان ايطو حيث دخلت، ومار انطونيوس هو علامة للرهبنة اللبنانية، فسمعت صوت يقول لها ستترهبين في الرهبنة اللبنانية، وهكذا دخلت دير مار سمعان في أيطو، يومها كتب المحسن الكبير أنطوان في معاد الى رئيسة الدير والرئيس العام يقول أنها ستصل إليهم نعجة، نعجة بتواضعها وايمانها وأخلاقها، وهكذا حملت اللقبين في بداية حياتها، زنبقة حملايا والنعجة.
وذات يوم أحد، أحد الوردية، عام 1885 سجدات أمام القربان وقالت ربي لماذا لا تفكّر فيّي وتشركني في آلامك، وفي الليلة ذاتها ابتدأ الوجع المؤلم في رأسها حتى أصبحت عمياء ومفكّكة كلياً، 17 سنة في دير مار سمعان أيطو، و 19 سنة في دير جربتا، وهي تعاني من العمى ومن فقدان جميع قواها، وقالت للراهبات أن لا ينسوا الجرح السادس والذي يعني جرح المسيح في كتفه حيث حمل الصليب، فهي كانت مفكّكة كلياً ومع هذا عاشت بفرح عظيم، ولم يسلم منها سوى أمرين، صوتها الجميل وأصابعها كي تعمل بها.
ماذا تعلّمنا القديسة رفقا؟ تعلمنا اليوم ونحن نعيش ظروفاً صعبة للغاية، أن نجعل هذه الصعوبات وسيلة للثبات في الايمان، وأن نعيش ما قاله القدس بولس الرسول، وهو أن نتمّ في جسدنا ما نقص من آلام المسيح من أجل الكنيسة.
أيها الاخوة، دعونا لا نقلّل من حجم وصعوبة الظروف التي نمر بها، فهي دعوة لنا كي نعيش صليب الفداء، وكي نشارك المسيح في حمل صليب الفداء، فالعالم بحاجة الى من يفتديه، وهذه دعوتنا في لبنان اليوم، وبهذا الايمان يجب أن نقبل بالواقع الذي نعيشه اليوم.
نعم، عاشت القديسة رفقا إيمان بطرس وبولس الذي لم يتزعزع، ونحن أيضاً يجب أن نتعلم إيمان مشاركة المسيح في مسيرة الفداء، وهذا مطلبي لكم، ألا ندع آلامنا ومعاناتنا دون معنى، بل أن نتشاركها مع المسيح، كي نعيش بفرح وصبر ودون قلق، بهذا القول أريد أن أتمنى لكم عيداً مباركاً، عيد القديسين بطرس وبولس، وعيد القديسة رفقا، متمنياً أن يكون العيدين مباركين عليكم وعلى عائلاتكم وعلى حملايا، ووطننا لبنان.
آمين.