“لنسمح بأن تلهمنا قصة القديسين الرسولين بطرس وبولس والغيرة الرسولية التي طبعت مسيرة حياتهما” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي بمناسبة الاحتفال بعيد القديسين الرسولين بطرس وبولس
ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الخميس القداس الإلهي في بازيليك القديس بطرس بالفاتيكان بمناسبة الاحتفال بعيد القديسين الرسولين بطرس وبولس، منح خلاله درع التثبيت عددا من رؤساء الأساقفة الجدد وللمناسبة ألقى الأب الأقدس عظة استهلها بالقول لننظر إلى الرسولين بطرس وبولس: صياد من الجليل جعله يسوع صيادًا للبشر؛ والفريسي مضطهد الكنيسة الذي تحول بالنعمة إلى مبشِّر للأُمم. في ضوء كلمة الله، لنسمح بأن تلهمنا قصتهما والغيرة الرسولية التي طبعت مسيرة حياتهما. إذ التقيا بالرب، عاشا خبرة فصحية حقيقية: لقد تحررا، وانفتحت أمامهما أبواب حياة جديدة.
تابع البابا فرنسيس يقول أيها الإخوة والأخوات، عشية السنة اليوبيلية، لنتوقّف عند صورة الباب. في الواقع، سيكون اليوبيل زمن نعمة نفتح فيه الباب المقدس، لكي يتمكن الجميع من أن يعبروا عتبة ذلك المزار الحي الذي هو يسوع، وأن يعيشوا فيه خبرة محبة الله التي تُنعش الرجاء وتجدد الفرح. وحتى في قصة بطرس وبولس هناك أبواب تُفتح.
أضاف الأب الأقدس يقول لقد روت لنا القراءة الأولى قصة تحرير بطرس من السجن؛ تحتوي هذه القصة على العديد من الصور التي تذكرنا بخبرة عيد الفصح: تحدث هذه الحادثة خلال عيد الفطير؛ ويذكّرنا هيرودس بشخصية فرعون مصر؛ ويتم التحرير ليلاً كما حدث لبني إسرائيل؛ والملاك يعطي بطرس نفس التعليمات التي أعطيت لإسرائيل: قُمْ على عَجَل، أُشْدُدْ وَسَطَكَ بِالزُّنّار، وَاربِطْ نَعلَيكَ. وبالتالي فإن ما يُروى لنا هو خروج جديد: الله يحرر كنيسته، وشعبه المقيد بالسلاسل، ويظهر نفسه مرة أخرى كإله الرحمة الذي يعضد مسيرته. وفي ليلة التحرير تلك، انفتحت أبواب السجن أولاً بأعجوبة؛ ثم يقال عن بطرس والملاك الذي يرافقه أنهما وجدا نفسيهما أمام “البابَ الحَديدَ الَّذي يَنفُذُ إِلى المَدينة، فانفَتَحَ لَهما مِن نَفْسِه”. هما لم يفتحا الباب، بل انفَتَحَ لَهما مِن نَفْسِه. إنه الله الذي يفتح الأبواب، هو الذي يحرر ويمهد الطريق. وإلى بطرس – كما سمعنا في الإنجيل – كان يسوع قد أوكل مفاتيح الملكوت؛ لكنه اختبر أن الرب هو الذي يفتح الأبواب أولاً، وأنه يسبقنا على الدوام.
تابع الحبر الأعظم يقول كذلك أيضًا كانت مسيرة الرسول بولس أولاً خبرة فصحيّة. فهو في الواقع، قد حوّله أولاً القائم من بين الأموات على الطريق إلى دمشق، ومن ثم، في التأمل المستمر بالمسيح المصلوب، اكتشف نعمة الضعف: عندما نكون ضعفاء – يقول – في الواقع، عندها نكون أقوياء، لأننا لم نعد متمسكين بأنفسنا، وإنما بالمسيح. وإذ أمسك به الرب وصلب معه، كتب بولس: “فما أنا أحيا بعد ذلك، بل المسيح يحيا في”. لكن الهدف من كل هذا ليس التدين الحميم والمعزّي؛ بل على العكس، لأن اللقاء مع الرب قد أشعل الغيرة للبشارة في حياة بولس. وكما سمعنا في القراءة الثانية، أعلن في نهاية حياته: “لكن الرب كان معي وقواني لتعلن البشارة عن يدي على أحسن وجه ويسمعها جميع الوثنيين”. ولكي يخبرنا كيف منحه الرب العديد من الفرص لكي يعلن الإنجيل، يستخدم بولس صورة الأبواب المفتوحة. وهكذا يقال عن وصوله إلى أنطاكية مع تيموثاوس أنهما “جمعا الكنيسة عند وصولهما، وأخبرا بكل ما أجرى الله معهما وكيف فتح باب الإيمان للوثنيين”. كذلك يقول مخاطبًا جماعة كورنثوس: “لقد انفتح لي باب كبير”؛ وإذ كتب إلى أهل كولوسي حثّهم قائلاً: “صلوا من أجلنا أيضا كيما يفتح الله لنا بابا للكلام فنبشر بسر المسيح”.
أضاف الأب الأقدس يقول أيها الإخوة والأخوات، لقد عاش الرسولان بطرس وبولس خبرة النعمة هذه. لقد لمسا لمس اليد عمل الله الذي فتح لهما أبواب سجونهم الداخلية وإنما أيضًا السجون الحقيقية التي سُجنوا فيها بسبب الإنجيل. كذلك، فتح أمامهما أبواب البشارة لكي يختبرا فرح اللقاء بإخوة وأخوات الجماعات الناشئة ويحملا رجاء الإنجيل للجميع.
وختم البابا فرنسيس عظته بالقول أيها الإخوة والأخوات، لقد تسلّم اليوم الأساقفة والمتروبوليت الذين نالوا السيامة في العام الماضي درع التثبيت. في الشركة مع بطرس وعلى مثال المسيح، باب الخراف، هم مدعوون لكي يكونوا رعاة غيورين يفتحون أبواب الإنجيل ويساهمون بخدمتهم في بناء كنيسة ومجتمع أبوابهما مفتوحة. وأودُّ أن أوجّه تحيّة ودّيّة إلى وفد البطريركية المسكونية: أشكركم على مجيئكم للتعبير عن الرغبة المشتركة في الشركة الكاملة بين كنيستينا وأوجه تحيّة من القلب إلى أخي العزيز برتلماوس. ليساعدنا القديسان بطرس وبولس لكي نفتح باب حياتنا للرب يسوع، وليشفعا فينا، وفي مدينة روما، وفي العالم أجمع. آمين.