“بفضل التمييز ومقاسمة التعدد في الخبرات والمعرفة، يمكن لـ CHARIS أن تقوم بخدمتها، وأن تساعد المجموعات الفردية على الخروج من ضيق معين في الرؤية وأن تمنحَهم نفَسًا مواهبيًّا وكنسيًا أوسع” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته إلى المشاركين في لقاء التجديد المواهبي الكاثوليكي
في إطار مبادرة “مدعوون، محوّلون، ومُرسلون” التي نظّمها التجديد المواهبي الكاثوليكي في قاعة بولس السادس في الفاتيكان من الثاني وحتى الرابع من تشرين الثاني نوفمبر التقى قداسة البابا فرنسيس عصر السبت المشاركين في هذا اللقاء وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة قال فيها يسعدني أن ألتقي بكم، بعد حوالي خمس سنوات من البداية الفعلية لنشاطكم “كمنظمة خدمة دولية لجميع أشكال التجديد المواهبي الكاثوليكي”.
تابع البابا فرنسيس يقول أعلم أنكم تقومون بإجراء تقييم ولهذا السبب من المناسب أن تسألوا أنفسكم بعض الأسئلة: كيف يسير عمل الـ CHARIS؟ كيف تسير الخدمات المحلية للشركة؟ ما هي الرسائل التي يرسلونها لنا؟ ما هو الوضع الصحي للتجديد المواهبي الكاثوليكي في العالم؟ هل ينمو في النضج الكنسي؟ إنَّ هذا الأخير، في الواقع، هو الهدف الرئيسي لخدمتكم، والذي يجب أن تضعوه على الدوام نصب أعينكم، ولاسيما في الصلاة.
أضاف الأب الأقدس يقول من خلال الإصغاء وقبول كل ما تطور في هذه السنوات الأخيرة، على مستوى “تيار النعمة” أي التجديد المواهبي الكاثوليكي، تُدعى CHARIS لكي تكون صوتًا يرافق جميع الجماعات ويدلها على الدرب الذي عليها اتباعه في الشركة. إن CHARIS، إذا جاز التعبير، هي “نافذة” على عالم التجديد المواهبي الكاثوليكي الواسع والمتنوع. ولدى الأشخاص الذين فيها فرصة استثنائية “للنظر” من هذه النافذة والنظر إلى أبعد، والذهاب أبعد من الخبرة المحلية ومعرفة غنى ما يولّده الروح القدس في كل مكان، في سياقات ثقافية واجتماعية وكنسيّة مختلفة. وبفضل التمييز ومقاسمة هذا التعدد في الخبرات والمعرفة، يمكن لـ CHARIS أن تقوم بخدمتها، وأن تساعد المجموعات الفردية على الخروج من ضيق معين في الرؤية وأن تمنحَهم نفَسًا مواهبيًّا وكنسيًا أوسع.
تابع البابا فرنسيس يقول إن الهدف الذي تقترحونه، والذي شجعته بنفسي، هو نشر ما يسمى بـ “ندوات الحياة الجديدة” في كل مكان ومن أجل الجميع. إنها لحظات من “البشارة الأولى”، التي تقدم للأشخاص إمكانية اللقاء بيسوع الحي، بكلمته وروحه، وبكنيسته التي يختبرونها كبيئة مضيافة، كمكان نعمة، ومصالحة وولادة جديدة. ولهذا السبب أحثكم على اقتراح هذه الندوات على أوسع نطاق ممكن. لذلك أسألكم اليوم: هل يتمُّ تقديم ندوات الحياة الجديدة في مختلف السياقات الكنسية، حتى في تلك الصغيرة والبعيدة، وحتى بين الفقراء، وفي الضواحي؟ قد تكون العقبة أن نعتقد بأن الهيكليات الكبرى والقادة البارزين هم وحدهم الذين يمكنهم أن يقدّموا هذه الندوات، بينما في الواقع، حتى المجموعات الراعوية الصغيرة والمسؤولين المحليين يمكنهم أن ينظّموا هذه الندوات ويقترحوها على الأشخاص الذين يقيمون في مناطقهم. وينبغي أيضًا أن يؤخذ في عين الاعتبار أن ندوات الحياة الجديدة غالبًا ما يعيشها الأشخاص كخبرات مُشرِكة تحدد تغيير مسار حقيقي في حياتهم. ولكنها، في البداية، نار مُتَّقدة، شديدة جدًا، ومعرضة لخطر التلاشي إذا لم يتم تغذيتها. ولهذا السبب بالتحديد، بعد الندوات، من الأهميّة بمكان أن يُصار إلى مسارات تنشئة ملائمة، تساعدنا لكي نحافظ على النعمة التي نلناها حيّة وتعضد عملية نمو تدريجي في الإيمان، وفي حياة الصلاة، وفي السلوك الأخلاقي، وفي المشاركة في الأسرار، وفي المحبة وفي رسالة الكنيسة.
أضاف الأب الأقدس يقول أود الآن أن أذكر بجانبين حاضرَين في النظام الأساسي لـ CHARIS. الأول: أهمية “تعزيز ممارسة المواهب ليس في التجديد المواهبي الكاثوليكي وحسب، وإنما في الكنيسة بأسرها أيضًا”. إن الخدمة التي يمكن لـ CHARIS أن تقوم بها هي على وجه التحديد تعزيز المواهب وتشجيعها لكي تضع نفسها في خدمة الكنيسة جمعاء. وبشكل خاص، ينبغي على الدوام تقدير المواهب التي تخدم البشارة والنشاط الإرسالي، لاسيما تجاه الذين لم يتعرّفوا على يسوع المسيح بعد. والثاني هو “تشجيع التعمق الروحي والقداسة للأشخاص الذين يعيشون خبرة المعمودية في الروح القدس”. لا ينبغي لنا أن نعتبر أنه أمر مسلّم به أنه بمجرد حصولنا على معمودية الروح القدس، نكون قد أصبحنا مسيحيين بالكامل. على مسيرة القداسة أن تتقدم على الدوام، من خلال الإرتداد الشخصي وبذل الذات السخي في سبيل المسيح والآخرين، وليس فقط من أجل “الرفاهية الروحية” الفردية.
تابع البابا يقول أيها الأصدقاء الأعزاء، أشكركم على خدمتكم. لا تنسوا أن مهمتكم ليست أن تحكموا من هو “مواهبي أصيل” ومن ليس كذلك. وإنما، أنتم مدعوون لكي تقدّموا الدعم والمشورة للرعاة لكي يرافقوا جميع المجموعات والوقائع المتعددة الأوجه التي تشير إلى التجديد المواهبي. وإذا سألني أحدهم: “لكن، قل لي علامة: ماذا تفعل حياة التجديد الحقيقية في الإنسان؟”. ما يتبادر إلى ذهني هو أن الأشخاص الذين يختبرون التجديد في العمق، يعرفون كيف يبتسمون؛ وهذه الابتسامة ستساعدكم لكي تسهروا على الدوام لكي لا تقعوا في إغراءات ألعاب السلطة والنفوذ، وترفضوا الرغبة في التفوق والقيادة. من الجيّد أن تُفسحوا المجال لأجيال جديدة من القادة وأن تلتزموا باستمرار في تنشئة الشباب، الذين سيخرج من بينهم قادة المستقبل.
وخلص البابا فرنسيس إلى القول بمناسبة لقائنا الأول، في حزيران/يونيو ٢٠١٩، وقفنا دقيقة صمت وصلّينا من أجل السلام، متذكرين اللقاء الذي عقد في الفاتيكان بين رئيسي دولة فلسطين ودولة إسرائيل. إنَّ الحرب تدمر أيضًا ذكرى الخطوات التي تمَّ القيام بها نحو السلام. لا نسمحنَّ لأحد بأن يسلبنا هذه الذكرى! ولنصلِّ في دقيقة صمت من أجل السلام في العالم. شكرًا. لتحفظكم العذراء مريم في فرح الخدمة.