البابا فرنسيس يستقبل المشاركين في الجمعية العامة للأعمال الحبرية الرسولية

الشركة والإبداع والعزم، كانت هذه الكلمات الثلاث محور تأمل البابا فرنسيس خلال استقباله اليوم المشاركين في الجمعية العامة للأعمال الحبرية الرسولية.
استقبل البابا فرنسيس صباح اليوم السبت المشاركين في الجمعية العامة للأعمال الحبرية الرسولية. وبدأ الأب الأقدس كلمته مرحبا بالجميع مشيرا إلى قدومهم من أكثر من ١٢٠ بلدا من ٥ قارات للمشاركة في الجمعية العامة. وواصل البابا مذكرا بقرب الاحتفال بالثالوث الأقدس والذي يجعلنا نتأمل في سر الله، سر المحبة والعمل من أجل خلاص العالم. وانطلاقا من التأمل في الخلاص أراد البابا فرنسيس التأمل مع ضيوفه حول ثلاثة ميزات أساسية للرسالة الإلهية، الا وهي الشركة والإبداع والعزم. وقال قداسته إن هذه الكلمات الثلاث هي آنية بالنسبة للكنيسة التي هي دائما في رسالة، وبشكل أكبر بالنسبة للأعمال الحبرية الرسولية والمدعوة إلى التجدد من أجل خدمة أكثر تأثيرا وفعالية.
وتابع قداسة البابا متحدثا أولا عن الشركة فقال إننا حين نتأمل في الثالوث نرى أن الله هو شركة وسر محبة، وتوقف البابا عند المحبة التي يأتي بها الله إلينا باحثا عنا ليُخلصنا، فقال إن هذه المحبة متجذرة في كون الله واحدا وثالوثا وهذا هو أيضا أساس رسالة الكنيسة. ومن هذا المنطلق فإننا مدعوون إلى عيش روحانية الشركة مع الله ومع الأخوة. ثم سلط الأب الأقدس الضوء على أن الرسالة المسيحية ليست نقل حقيقة مجردة أو معتقد ديني، بل هي في المقام الأول تمكين مَن نلقاهم من عيش خبرة محبة الله ومن أن يجدوا الله في حياتنا وحياة الكنيسة في حال كنا له شهودا منيرين يعكسون شعاع سر الثالوث. دعا البابا فرنسيس بالتالي الجميع إلى السير قدما في هذه الروحانية، روحانية الشركة الإرسالية والتي هي أساس المسيرة السينودسية للكنيسة اليوم. وتحدث قداسته عن الحاجة الضرورية بالنسبة للجميع إلى مسيرة ارتداد إرسالي، ومن الأهمية بالتالي أن تتوفر إمكانيات تكوين على الصعيدين الشخصي والجماعي، وذلك للنمو في بعد الروحانية الإرسالية التي تطبعها الشركة. وذكَّر البابا هنا بأن رسالة الكنيسة تهدف إلى جعل الجميع يعرفون ويعيشون الشركة الجديدة التي دخلت تاريخ العالم مع ابن الله الذي صار بشرا. وشدد قداسة البابا من جهة أخرى على أن الدعوة إلى الشركة تعني الأسلوب السينودسي، أي السير معا والإصغاء أحدنا إلى الآخر والتحاور، فهذا يوسع قلوبنا ويخلق لدينا نظرة أكثر شمولا، وهو ما تمت الإشارة إليه خلال تأسيس الاعمال الحبرية الرسولية.
وفي تأمله حول الكلمة الثانية، أي الإبداع، قال البابا فرنسيس إننا، بتجذرنا في الشركة، جزء من عمل الله من أجل جعل كل شيء جديدا. وتوقف قداسته عند نقطتين، الأولى هي أن الإبداع يرتبط بالحرية التي يهبنا إياها الله في المسيح وفي الروح القدس، وذكَّر البابا هنا بكلمات بولس الرسول “وحيث يكون روح الرب تكون الحرية” (٢ قور ٣، ١٧). ودعا الأب الأقدس بالتالي إلى ألا نجعل أحدا يسلبنا الحرية الإبداعية الإرسالية. أما النقطة الثانية فهي أن المحبة وحدها هي ما يُبدع حسبما ذكر القديس ماكسيميليان كولبي الإرسالي والشهيد الفرنسيسكاني. علينا بالتالي أن نتذكر، حسبما واصل البابا فرنسيس، أن الإبداع الإنجيلي ينبع من المحبة الإلهية وأن كل عمل إرسالي هو إبداعي بحكم كون محبة المسيح أصله وشكله وهدفه. وتابع الأب الأقدس أن العمل الإرسالي يبتكر دائما أشكالا جديدة للكرازة ولخدمة الأخوة وخاصة الأكثر فقرا.
ثم انتقل البابا فرنسيس إلى الكلمة الثالثة، أي العزم والذي يعني الإصرار والمثابرة في الأهداف والأفعال. وتابع أن بإمكاننا أن نتأمل في هذا البعد أيضا من خلال محبة الله الثالوث والذي ومن أجل تحقيق تصميمه الخلاصي أرسل خُدامه عبر التاريخ ووهب ذاته في المسيح. وتحدث البابا بالتالي عن الرسالة الإلهية باعتبارها الذهاب بلا كلل نحو البشرية جمعاء لدعوتها إلى اللقاء والشركة والوحدة مع الله، ولهذا فأن الكنيسة ستستمر في الذهاب إلى ما وراء كل الحدود والخروج دون كلل أو يأس أمام الصعاب والعقبات، للقيام بأمانة بالرسالة التي تسلمتها من الرب.
وفي ختام كلمته إلى المشاركين في الجمعية العامة للأعمال الحبرية الرسولية قال البابا فرنسيس لضيوفه إنه يمكنهم خلال عملهم الإرسالي أن يواجهوا تحديات مختلفة وأوضاعا معقدة، وشجعهم بالتالي على تفادي الإحباط وشدد على أن الفرح، ثمرة التأمل في عمل الله، يجعلنا قادرين على أن نواجه بصبر الأوضاع الصعبة أيضا. ثم أراد قداسة البابا توجيه الشكر إلى الجميع وأيضا إلى من يتعاونون مع ضيوفه وذلك على السخاء والعمل بمثابرة من أجل تعزيز المسؤولية الإرسالية للمؤمنين. طلب الأب الأقدس بعد ذلك شفاعة مريم العذراء من أجل ضيوفه وباركهم ثم ختم سائلا إياهم ألا ينسوا أن يُصلوا من أجله.