ضرورة اكتشاف ما هو جوهري، تفادي العنجهية والفردانية، ومساعدة الجميع على النمو كبذور خير. هذا ما تحدث عنه اليوم رئيس مجلس أساقفة إيطاليا الكاردينال ماتيو زوبي في عظته مترئسا القداس الإلهي في بازيليك القديس بطرس.
لمناسبة انعقاد الجمعية العامة الـ ٧٩ لمجلس أساقفة إيطاليا، والتي بدأت أعمالها ٢٠ أيار مايو وتستمر حتى ٢٣ من الشهر، ترأس الكاردينال ماتيو زوبي رئيس المجلس صباح اليوم الأربعاء في بازيليك القديس بطرس قداسا إلهيا. وفي عظته انطلق أولا من قراءة اليوم من رسالة القديس يعقوب فذكَّر بأن القديس يوجه كلماته فيها إلى جماعة تطبعها الانقسامات والتي هي ثمرة التباهي حسب ما جاء في الرسالة، أي الافتخار بالذات الذي يبعدنا عن الأخوة، قال الكاردينال زوبي. ثم توقف رئيس المجلس عند عالم اليوم والذي تشوهه عنجهية الأنا، وقال إن الشغف بالذات بدون محبة الله والقريب يجعلنا ننسى حدودنا ويجعل منا “بخارا يظهر قليلا ثم يزول” حسب كلمات القديس يعقوب في الرسالة. تحدَّث من جهة أخرى عن الكثير من بذور الكراهية والجهل وعدم الرضا التي تكبر في قلوب الأشخاص حين يتم إلغاء الحدود وحين يسود الوهم بتحقيق الذات بالعنجهية لا بالتواضع، بترسيخ المركز الشخصي لا بهبة الذات.
وتابع رئيس مجلس أساقفة إيطاليا مذكرا بكلمة أخرى في رسالة القديس يعقوب ألا وهي “إن شاء الله”، فقال إن هذا التعبير قد أصبح جزءً من اللغة إلا أنه يتم تجاهله من قِبل جيل نهم للظهور يتجاهل الضعف لأننا غير قادرين على فهمه. وأضاف الكاردينال ماتيو زوبي إننا مدعوون إلى أن نكتشف حولنا وداخلنا بذور الخير وأن نبرزها ونُمَكنها من لقاء خالقها، إلى اكتشاف ما هو جوهري، فهو الذي، وعلى عكس ما هو مادي، يبقى غير مرئي إلا أنه يهب الحياة والمعنى لكل شيء.
انتقل رئيس المجلس بعد ذلك إلى القراءة من إنجيل القديس مرقس والذي يحدثنا عن رغبة يوحنا في منع رجل يطرد الشياطين باسم يسوع لأنه “لا يتبعنا”، إلا أن يسوع قال “لا تَمنَعوه، فما مِن أَحدٍ يُجْرِي مُعْجِزَةً بِاسْمي يَستَطيعُ بَعدَها أَن يُسيءَ القَوْلَ فيَّ”. وذكر الكاردينال زوبي أن يوحنا كان يعتقد أنه يدافع عن يسوع وعن الجماعة، وكان يريد أن يجعل يسوع فقط لمن يعرفه هو ويقَيمه، إلا أننا لسنا نخبة تعتقد أنها تملك الحقيقة ويمكنها أن تدين الآخرين وتستبعدهم، قال رئيس المجلس. وذكَّر الكاردينال في هذا السياق بكلمات يسوع “مَن لم يَكُنْ علَينا كانَ مَعَنا”، ودعا بالتالي إلى عدم العيش في حالة دفاع تَعتبر عدوّا مَن هو معنا. وأضاف أن يسوع يساعدنا على أن نرى في الجميع أصدقاءً محتمَلين.
تحدث رئيس مجلس أساقفة إيطاليا بعد ذلك عن أن جماعاتنا، حسبما نكتشف خلال المسيرة السينودسية التي نقوم بها حاليا، تلتقي الكثير من الرجال والنساء وأيضا من الشباب الذين يساعدون ويرغبون في المساعدة، وذلك من خلال لقاء شخص بلا مأوى أو مُسن أو مهاجر أو شاب يواجه مصاعب، فهذا أيضا هو جز من رسالتنا النبوية، قال الكاردينال زوبي، أي إعادة اكتشاف بذور الخير هذه ومساعدتها على النمو.
وفي ختام عظته خلال ترؤسه القداس الإلهي في بازيليك القديس بطرس صباح اليوم، لمناسبة انعقاد الجمعية العامة لمجلس أساقفة إيطاليا، دعا رئيس المجلس الكاردينال ماتيو زوبي إلى أن نوكل إلى الرب تطلعاتنا ومحدودياتنا واثقين بأنه سيصنع أشياء عظيمة فيمن يحبونه. ثم تضرع كي نتمكن، في هذا العالم المفكك والذي تطبعه الوحدة المبالغ فيها، من أن نعيد تركيب النسيج الذي مزقته الانقسامات بأن نمد أيادينا إلى الجميع كي يعرفوا معنا يسوع، وكي يساعدهم على عمل الخير وأن يكونوا أصدقاء، أخوة وأخوات.