البطريرك يونان يحتفل بقداس عيد الصعود لرعية مار بهنام وسارة السريانية الكاثوليكية في لندن، المملكة المتّحدة

في تمام الساعة الواحدة والنصف من ظهر يوم الأحد ١٢ أيّار ٢٠٢٤، احتفل غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة عيد صعود الرب يسوع إلى السماء، وذلك لرعية مار بهنام وسارة السريانية الكاثوليكية في لندن، المملكة المتّحدة.
عاون غبطتَه صاحبا السيادة مار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد وأمين سرّ السينودس المقدس، ومار فلابيانوس رامي قبلان المعتمَد البطريركي لدى الكرسي الرسولي والزائر الرسولي في أوروبا، والمونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والراهب اللبناني الماروني الأب أنطوان الأشقر المعيَّن كاهناً لخدمة الرعية لمدّة سنة قادمة، والشمامسة، وجوق الترنيم. كما شارك في القداس الأب الخوري يوسف البنّا والأب الربّان أفرام عوزان ممثّلين صاحب النيافة مار أثناسيوس توما دقّما النائب البطريركي للسريان الأرثوذكس في المملكة المتّحدة، والذي اعتذر عن الحضور لسفره في اليوم نفسه إلى خارج البلاد، والأب ريتشارد كاهن الرعية اللاتينية في المنطقة. وحضرت القداس جموع غفيرة من المؤمنين من أبناء الرعية، والذين احتشدوا للمشاركة بلهفة الأبناء والبنات المتعطّشين للقاء أبيهم الروحي العام ونيل بركته الأبوية.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، بعنوان “اذهبوا إلى الأرض كلّها وأعلنوا بشارة الإنجيل للعالم”، تحدّث غبطة أبينا البطريرك عن “عيد صعود الرب يسوع إلى السماء بعد أربعين يوماً من قيامته المجيدة من بين الاموات”، معرباً عن فرحه “باللقاء بكم في هذه الكنيسة لكي نمجّد الله ونستمع إلى كلامه الحيّ، كلام الحياة، ونتناول جسد الرب ودمه”، شاكراً صاحبي السيادة والآباء الخوارنة والكهنة والشمامسة والجوق ولجان الكنيسة وكلّ المؤمنين الحاضرين”.
وتوجّه غبطته “بالشكر الخالص إلى الراهب اللبناني الماروني الأب أنطوان الأشقر الذي يخدمكم بالمحبّة والتفاني، والذي سيستمرّ في خدمتكم بإذن الله حتّى حزيران ٢٠٢٥. نشكره من كلّ قلوبنا، وهو يعلن لكم البشرى السارّة بربّنا يسوع المسيح، وهذه هي وصية الرب يسوع الذي أرسل رسله إلى مختلف أنحاء العالم ليتمّموها، فلم يكونوا ملايين بل بعض التلاميذ، وجميعنا ندرك أنّهم أدّوا عملاً رائعاً متمثّلاً بالإعلان عن البشارة بكلمة الله – الرب يسوع في العالم كلّه”.
ونوّه غبطته إلى أنّ “الرب يسوع نبّه تلاميذه: إذا انقسم البيت على ذاته، فسينهار، لذلك نحن هنا تلاميذ الرب يسوع، إنّنا مؤمنون تربّوا على الإيمان والمحبّة والرجاء في بلاد المنشأ. نضرع إلى الله كي يجعلنا أهلاً لنرث إرث الآباء والأجداد الذين تركوا لنا هذا الإيمان. كما يؤكّد لنا الرب يسوع أنّ المحبّة هي فوق كلّ شيء، كثيرون منّا قاموا بمتابعة علومهم وتبوّأوا مراكز مرموقة، لكن لا يجب أن ننخدع، فالعالم مليء بالأطبّاء والعلماء والسياسيين وسواهم من الذين اكتسبوا أصناف العلوم والمعارف والمناصب، إلا أنّنا نحن الذين جئنا إلى هذه البلاد قادمين من أرضنا في الشرق رغماً عنّا لأنّ تلك البلاد هي منشأنا، فالمحبّة هي رأسمالنا، ونستطيع كلّنا أن نبدع بالمحبّة”.
وتوقّف غبطته متأمّلاً بأحرف كلمة “مجرِّب” أو “مجرَّب”، فقال:
“حرف “م”: على المسيحي، ليس فقط البطريرك والأساقفة والكهنة والشمامسة، بل على كلّ مسيحي أن يكون مميَّزاً بالتقوى والصلاح والتواضع.
حرف “ج”: أن يكون جامعاً، يجمع الكلّ دون أيّ استثناء، فهناك شخص يقبل كلامنا، شخص يوافقنا، وآخر غير مقتنع بمواقفنا، يجب أن نعرف أن نتواضع ونقبل الآخرين، وها هم الكثيرون في هذه البلاد يتكلّمون علناً عن موضوع قبول الآخر.
حرف “ر”: أن نكون أصحاب رؤية، ننظر إلى فوق، ونبذل كلّ جهدنا كي ندعم كنيستنا، ونعتمد الوسائل التي تجعل من كنيستنا الخليّة الحيّة.
حرف “ب”: أن نكون جميعنا بنّائين للخير، نبني كنيسة الله تقويّاً، بالتقوى والصلاح، فنبني البشر، كما نبني بيت الله، أي نبني الحجر أيضاً”.
ولفت غبطته إلى أنّنا “مدعوون، خاصّةً الجيل الأول والجيل الثاني، وهو جيل الشباب، أن نتبع الرب يسوع بهذه الرؤية، فنكون مميَّزين بالتقوى، ونجمع ونوحّد الكلّ، ونكون بناةً لبيت الله”.
وعبّر غبطته “عن الفرح والاعتزاز بأطفالنا الأحبّاء وبالشبيبة الذين حضروا ليشاركوا معنا في ذبيحة القداس الإلهية هذه بحسب الطقس السرياني الأنطاكي، ونعلن أمامهم وأمام الجميع أنّ ليتورجيتنا هي إحدى أقدم الليتورجيات. منذ بضع سنوات كنتُ في زيارة حجّ إلى مدينة الناصرة في الأراضي المقدسة، وذهبتُ للصلاة أمام مذبح أمّنا مريم العذراء، مبتهلاً: أيّتها الأمّ السماوية، لقد تكلّمتِ مع ابنكِ الوحيد ربّنا يسوع ومار يوسف باللغة السريانية – الآرامية، والآن نرنّم لكِ باللغة نفسها التي تكلّمتِ بها في العائلة، ونرجوكِ أن تصغي إلى صلواتنا. فلتكن صلواتكِ معنا على الدوام، نحن المسيحيين في الشرق الأوسط الذين عشنا المعاناة ولا نزال نعاني، فهلمّي إلى معونتنا”.
وختم غبطته موعظته مذكّراً المؤمنين “أنّ المسيحيين الأوائل الذين آمنوا بالرب يسوع في أنطاكية بحسب سفر أعمال الرسل، وهو الكتاب الخامس في العهد الجديد بعد الأناجيل الأربعة، فإنّ كاتب هذا الكتاب الرائع، الذي يتناول حياة الجماعة المسيحية الأولى، يقول: إنّ أبناء شعب أنطاكية كانوا يقولون بعضهم لبعض: أنظروا إلى أولئك المسيحيين، كم يحبّون بعضهم بعضاً. نحن، أيّها الأحبّاء، يمكننا أن نكون ناجحين ومبدعين بأمور عديدة وكثيرة في الحياة، لكن هناك أمر واحد بإمكاننا جميعاً أن نتمّمه، وهو محبّة بعضنا البعض، فالمحبّة ليست فقط فضيلتنا، بل هي امتيازنا كوننا تلاميذ الرب يسوع ورسله. فليبارككم الرب جميعاً”.
وقبل نهاية القداس، وجّه سيادة المطران مار فلابيانوس رامي قبلان “كلمة شكر بنوية إلى غبطة أبينا البطريرك الذي، رغم كلّ التحدّيات والظروف الصعبة التي يعيشها الشرق، وخاصّةً أنّ مقرّ الكرسي البطريركي في لبنان، وما يعيشه لبنان وسوريا والعراق من أزمات، وهي هموم يحملها سيّدنا البطريرك في قلبه، رغم كلّ ذلك، لا يوفّر غبطته جهداً كي يزور أبناءه أينما كانوا في العالم، نتيجة الهجرة التي كانت سبباً كبيراً بأن تفرغ كنيستنا في الشرق رويداً رويداً”.
وأشار سيادته إلى أنّ “غبطته يسعى في كلّ زياراته الرعوية التي يقوم بها كي تكون كنائسنا موجودة وقائمة، كما تكلّم غبطته في موعظته في بداية هذا القداس، وحثّ الجميع في هذه الرعية على أن يكونوا موحَّدين، وأعطانا غبطته هذا الخبر السارّ أنّ الراهب اللبناني الماروني الأب أنطوان الأشقر سيكون معكم ويخدمكم لمدّة سنة قادمة. فبحسب رغبة سيّدنا البطريرك، نوصيكم بأن تتعاونوا مع الأب أنطوان ومع اللجنة التي تخدم الكنيسة، حتّى تكونوا بالفعل معاً رسلاً حقيقيين للرب يسوع، وجماعةً كنسيةً واحدةً وقلباً واحداً”.
وختم سيادته كلمته بالقول: “شكراً سيّدنا من كلّ القلب على هذه الزيارة وعلى هذه الكلمات الروحية التي حدّثتمونا بها، والتي ستكون خطّة وبرنامج عمل حتّى يأتي الكاهن الجديد عمّا قريب إن شاء الله، أدامكم الرب”.
وبعدما منح غبطة أبينا البطريرك البركة الختامية، انتقل بزيّاح حبري مهيب إلى قاعة الكنيسة، حيث التقى المؤمنين الذين غصّت بهم القاعة. فتقدّموا من غبطته ونالوا بركته الأبوية، في جوّ يعمّه الفرح الروحي الكبير بلقاء الأبناء والبنات بأبيهم الروحي العام، وهم يعبّرون عن عميق سرورهم وارتياحهم الكبير ومحبّتهم البنوية لغبطته، وامتنانهم لزيارته الأبوية هذه.