منظمة “انقذوا الأطفال”: الاعتداءت على المنشآت الصحية في غزة هي الأكثر عددا بين أشرس نزاعات العالم منذ عام ٢٠١٨

توقفت منظمة “انقذوا الأطفال” في بيان لها عند تعرض المنشآت الصحية والعاملين في هذا القطاع الحيوي في غزة إلى هجمات واعتداءات اسرائيلية بمعدل هو الأعلى مقارنة بأشرس النزاعات العالمية منذ عام ٢٠١٨.
طالبت منظمة “انقذوا الأطفال” بتمكين الأطفال الفلسطينيين من الحصول على الخدمات سواء الطبية أو التعليمية. جاء هذا في بيان للمنظمة أشارت فيه إلى أن معدل الهجمات على المنشآت الصحية أو العاملين في هذا المجال في غزة هو حاليا الأعلى على الإطلاق في أي نزاع على الصعيد العالمي منذ عام ٢٠١٨. وأوضح البيان بالأرقام هذا الواقع الأليم فأشار إلى أنه وخلال ستة أشهر، أي منذ ٧ تشرين الأول أكتوبر الماضي حتى بداية نيسان أبريل ٢٠٢٤ كان عدد الهجمات التي تعرضت لها المنشآت الصحية أو العاملون الصحيون في غزة ٤٣٥ على الأقل، أي بمعدل ٧٣ هجوما شهريا، وذلك حسب منظمة الصحة العالمية. وهذه هي الأرقام الأعلى مقارنة بأشرس النزاعات التي شهدها العالم منذ عام ٢٠١٨ بما في ذلك الحرب في أوكرانيا حيث يبلغ المعدل الشهري للهجمات ٦٧، وأيضا النزاع في جمهورية الكونغو الديمقراطية حيث سُجل شهريا ١١ هجوما على المنشآت الصحية والعاملين في هذا المجال.
وواصلت منظمة “انقذوا الأطفال” في تقريرها لافتة الأنظار إلى أن هذه الهجمات في الأراضي الفلسطينية المحتلة لم تقتصر على غزة، حيث شهدت الأشهر الستة الأخيرة ٣٦٩ في الضفة الغربية، ومن بين هذه الاعتداءات كان هناك ٣٠٢ من حالات إعاقة الحصول على الخدمات الصحية واستخدام القوة داخل المنشآت الصحية والطبية. ثم توقف بيان المنظمة عند تبعات الهجمات وعمليات القصف الإسرائيلية على المنظومة الصحية والطبية في قطاع غزة فذكر أن ستة أشهر من هذه الأعمال قد أنهى عمليا على هذه المنظومة، فهناك اليوم ١١ مستشفى فقط تعمل بشكل جزئي وذلك من بين ٣٦. ونقلت المنظمة بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني والتي تشير إلى أن حوالي ٣٥٠ ألف من سكان غزة المصابين بأمراض مزمنة لا يتمكنون من الحصول على الأدوية أو المعدات والخدمات الأساسية بالنسبة لبقائهم على قيد الحياة.
هذا وعرَّفت المنظمة في بيانها من جهة أخرى بما تقوم به من نشاط حاليا من خلال وحدة الطوارئ الصحية حيث تقدم المساعدات في مستشفى ميداني أسسته أحد الأطراف الشريكة في رفح، ويقدم هذه المستشفى الخدمات الصحية الأساسية لما يزيد عن ٢٠٠ شخص يوميا، ويشكل الأطفال ٤٠٪ ممن يتلقون هذه المساعدات. ثم نقل البيان حديث ممرضة للأطفال تعمل في هذا المستشفى، بيكي بلات، حيث أشارت إلى قيام هذا المستشفى الميداني مؤخرا بتوفير الرعاية الصحية لأطفال قادمين من مستشفيات أخرى مصابين بجراح أو بُترت أطرافهم ويحتاجون إلى زرع أطراف أو إلى سلسلة من العمليات الجراحية. وتابعت مشيرة إلى معاناة هؤلاء الأطفال سواء على الصعيد الجسدي أو النفسي، كما وأعطت بعض الأمثلة ومن بينها حالة طفل في العاشرة من العمر جاء إلى المستشفى وقد اصابته شظايا في فخذه أدت إلى كسور في عظم الفخذ، وقد عانى هذا الطفل من تضرر كبير في العضلات والأنسجة. وكان من الضروري إخضاع هذا المريض الصغير إلى تدخلات جراحية كثيرة، وكان حزينا جدا لرؤيته ما حدث لرجله حتى أنه كانت يتفادى النظر إليها، وكان يبكي في صمت. وتابعت الممرضة أن هذه هي مجرد حالة من بين حالات وقصص كثيرة، وأكدت أن أطفال غزة قد دُمروا نفسيا بسبب ما يحدث.
ومن هذا المستشفى الميداني في رفح تحدث أيضا أحد الأطباء، سيمون ستراذرز، فأشار إلى الحالات الكثيرة لأطفال مصابين بعدوى حادة في الجهاز التنفسي وبسوء التغذية، وأيضا الجرب والتهاب الكبد الفيروسي، وأضاف أنه قد رأى في هذا المستشفى حالات من إصابات الكبد أكثر مما رأى طوال حياته المهنية. وتابع متحدثا عن معالجة حالات من أمراض في الجهاز الهضمي يمكن تفاديها بغسل الأيادي، إلا أن سكان غزة قد أصبحوا اليوم نازحين ويعيشون في خيام، ويؤدي التكدس الكبير للأشخاص ونقص خدمات النظافة أو عدم توفر المياه النظيفة إلى تزايد أخطار الإصابة بالأمراض. أشار الطبيب من جهة أخرى إلى عدم التمكن من إجراء تدخلات جراحية “روتينية” حسبما ذكر حيث توقف كل شيء، هذا إلى جاني العجز عن علاج الأمراض المزمنة التي يعاني منها الأطفال وذلك أيضا بسبب عدم توفر الأدوية. وتوقف طبيب المستشفى الميداني في رفح عند مشكلة أخرى ألا وهي تلك الأمنية والتي تعيق الاستفادة من الخدمات الطبية. وقال في هذا السياق إن القوات الإسرائيلية قد استهدفت سيارات الإسعاف وقافلات المساعدات الإنسانية وطرق الوصول إلى المنشآت الصحية، كما وقد تحولت المستشفيات إلى ميادين قتال. وأشار إلى حديث منظمة الصحة العالمية عن أن أكثر من نصف مهماتها في غزة في الفترة من منتصف تشرين الأول أكتوبر حتى نهاية آذار مارس الماضي قد تعرض للتوقف أو التأجيل أو المنع.