حل السفير البابوي في دمشق ضيفًا في اليوم الثالث لمؤتمر كاريتاس الأبرشي الذي نظم في غرادو في مقاطعة غوريزيا: “الكنيسة توزع المساعدات التي تصل على أفضل وجه ممكن، ولكن لسوء الحظ، هذه المساعدات قد أصبحت أقل. نحن بحاجة إلى حل سياسي”. امتنان للعديد من الأشخاص الذين يبذلون قصارى جهدهم للمساعدة، حتى من الديانات الأخرى: “لقد فقد المئات حياتهم”
كنيسة في مسيرة، قادرة على عبور الحدود لكي تفتح أبواب الاستقبال وتقدم فسحات جديدة لاختبار طرق وأساليب أخرى للعيش. هذه هي المواضيع التي تناولها اليوم الثالث من مؤتمر الكاريتاس الأبرشي الرابع والأربعين الذي تم تنظيمه في غرادو، في مقاطعة غوريزيا. حدث استضافت فيه قاعات الـ ” Palazzo dei Congressi” في غرادو سلسلة من الجلسات المواضيعية التي شارك فيها العديد من الضيوف. ومن بين هؤلاء الكاردينال ماريو زيناري، السفير البابوي في سوريا، الذي تحدث عن الوضع الصعب الذي يعيشه الشعب السوري الذي تمزّقه الحرب. ذكّر الكاردينال زيناري برسالة البابا فرنسيس خلال بركته لمدينة روما والعالم في عيد الفصح، في ٣١ آذار مارس الماضي، والتي دعا فيها الحبر الأعظم إلى عدم نسيان العديد من الأماكن في العالم التي تعاني من صعوبات، بدءًا من سوريا بالتحديد، وقال الكاردينال ماريو زيناري: “إن السوريين يشكرون البابا على كلماته هذه. لقد كانت واحدًا من النداءات القليلة جدًا التي وصلت عشية هذا الحدث المأساوي: دخول السنة الرابعة عشرة من الحرب. حرب نسيتها وسائل الإعلام ونسيها المجتمع الدولي. وبالتالي فقد كان هذا النداء الذي وجهه البابا في رسالة عيد الفصح بمثابة نفس حياة لسوري.
ثم تحدّث السفير البابوي في سوريا عن الوضع الحالي في البلاد وقال: “للأسف، وفقًا للإحصاءات التي قدمتها الأمم المتحدة، فإن الأمور سيئة ومقدر لها أن تزداد سوءًا. فقد ارتفع عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية، بنسبة حوالي ٩% مقارنة بالعام الماضي: نحن نتحدث عن ثلاثة أرباع السكان السوريين الذين يعيشون في هذه الحالة من العوز، وتشير الأرقام إلى ١٦٫٧ مليون شخصًا. إنها أرقام مذهلة. ثم هناك مسألة عودة النازحين واللاجئين، التي لا تزال مشكلة خطيرة ولم يتم حلها: ففيما يتعلق باللاجئين، نعلم أن لبنان لم يعد قادراً على تحمل وجود هذا العدد الكبير منهم، لكن الظروف ليست مواتية بعد لكي يتمَّ نقلهم إلى مكان آخر. علاوة على ذلك، أصبح ٩٠% من السكان يعيشون تحت مستوى الفقر. هذا هو الوضع. أنا هنا للحديث عن سوريا، وإنما أيضا لكي أحصل على بعض المساعدة، ولكن الفقر في البلاد لا يمكن حله عن طريق الصدقات: هناك حاجة إلى حل سياسي، وهو للأسف، وفقا للمُحلِّلين، لا يزال بعيدًا.
وفي هذا السياق، تلتزم الكنيسة بتقديم مساهمتها، وتنظِّم نفسها “لتقسيم الأرغفة الخمسة والسمكتين بطريقة أخوية لنحو ١٧ مليون شخص”، كما يوضح الكاردينال زيناري. “لا يمكننا أن نحل مشكلة الفقر وحدنا، ولكن يمكننا على الأقل أن نقسّم بأفضل شكل ممكن هذه المساعدات التي تصل والتي لسوء الحظ أصبحت قليلة جدًّا، وذلك أيضًا بسبب الصراعات في الشرق الأوسط وأوكرانيا”. ولكن على الرغم من الصعوبات العديدة، لم تغب أبدًا أمثلة الرجاء: “في خضم هذه الغيمة الرمادية وانعدام الثقة، لا تزال قصص الإيثار تظهر. هناك العديد من السامريين الصالحين، والعديد من النساء الطيبات اللواتي وعلى مثال فيرونيكا يُجفِّفنَ دموع هؤلاء الناس. ليس فقط مسيحيين، ولكن من جميع الأديان، أو في بعض الأحيان، لا يوجد بدون دين. هناك العديد من الأشخاص الذين يبذلون قصارى جهدهم للمساعدة، وقد فقد المئات منهم حياتهم”. إن الرجاء في السلام، بالنسبة للسفير البابوي في سوريا، يجب أن يمر بالضرورة عبر أوروبا: “يسألني الكثير من الناس كيف يمكننا أن نساعد سوريا. أنا أعتقد أن الانتخابات الأوروبية المقبلة ستكون حدثاً حاسماً: من الضروري أن يتمَّ اختيار الأشخاص الذين يمكنهم أن يحدثوا نقطة تحول لما يحدث في العالم”.