عقب استقبالهم رئيس أساقفة كانتربري ورأس الكنيسة الإنجيلية جاستن ويلبي أصدر بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس بيانا جديدا السبت ٢١ تشرين الأول أكتوبر حول الأوضاع في قطاع غزة. وهذا نصه نقلا عن الموقع الإلكتروني لبطريركية القدس للاتين:
نحن، بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس، بعد أن اجتمعنا في صلاة مع ضيفنا الكريم رئيس أساقفة كانتربري ورأس الكنيسة الإنجيلية جاستن ويلبي، نعلن موقفنا الواحد والذي نعبّر عنه بأقوى العبارات الممكنة عن إدانتنا للضربات الإسرائيليّة التي استهدفت بدون سابق إنذار مجمع كنيسة القديس بورفيريوس الأرثوذكسيّة في غزة في ليلة 19 تشرين الأوّل الحالي.
أدّت الانفجارات إلى الانهيار المفاجئ والكارثي لقاعتين في الكنيسة، وكان ينام فيهما عشرات النازحين، بينهم نساء وأطفال. ووجد العشرات أنفسهم مصابين على الفور تحت الأنقاض. أصيب العديد منهم بجروحٍ خطيرة. وفي آخر إحصاء، قتل ثمانية عشر شخصًا، تسعة منهم أطفال.
وبإدانتنا لهذا الهجوم على مأوى وملجأ يحظى بقدسيّة، لا يمكننا أن نتجاهل أن هذا ليس سوى أحدث مثال على إصابة أو مقتل مدنيين أبرياء لضربات صاروخيّة ضد ملاجىء أخرى يأوى إليها الناس كملاذ أخير. ومن بين هذه الملاجىء: المدارس والمستشفيات التي فرّ إليها النازحون بسبب هدم منازلهم في حملة القصف المتواصلة التي شنت على المناطق السكنيّة في غزة خلال الأسبوعين الماضيين.
وعلى الرغم من الدمار الذي لحق بمؤسساتنا وغيرها من المؤسّسات الاجتماعيّة والدينيّة والإنسانيّة، فإنّنا، بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس، لا نزال ملتزمين، بشكل كامل، بالوفاء بواجبنا المقدّس والأخلاقي المتمثّل في تقديم المساعدة والدعم والملجأ للمدنيين المتضررين الذين يأتون إلينا وهم في أمسّ الحاجة لخدمتنا. وحتّى في ظل مواجهة المطالب العسكريّة المستمرّة بإخلاء مؤسساتنا الخيريّة ودور العبادة، فإنّنا لن نتخلى عن هذه المهمة النابعة عن معتقدنا المسيحي، لأنّه لا يوجد مكان آمن آخر يلجأ إليه هؤلاء الأبرياء.
وكما تذكرنا الآية: “لأني جعت فأطعمتموني، وعطشت فسقيتموني، وكنت غريبًا فآويتموني، وعريانا فكسوتموني، ومريضًا فعدتموني، وسجينًا فجئتم إلي” (متّى 25: 35-36)، فإنّ السيّد المسيح يدعونا لخدمة الفئات الأكثر ضعفًا. ويجب علينا أن نفعل ذلك ليس فقط في أوقات السلام. يجب على الكنيسة أن تتصرّف ككنيسة وخاصة في أوقات الحرب، لأنّ المعاناة الإنسانيّة تكون في ذروتها. ومع ذلك، لا يمكننا إنجاز هذه المهمّة بمفردنا.
إنّنا ندعو المجتمع الدوليّ إلى فرض تدابير حماية فوريّة على أماكن اللجوء في غزة، مثل المستشفيات والمدارس ودور العبادة. ونحن ندعو إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانيّة حتى يتسنى تسليم الغذاء والماء والإمدادات الطبيّة الحيويّة بأمان إلى وكالات الإغاثة التي تخدم مئات الآلاف من المدنيين في غزة، بما في ذلك تلك التي تديرها كنائسنا.
أخيرًا، ندعو جميع الأطراف إلى وقف العنف، والتوقّف عن استهداف المدنيين بشكل عشوائي، والعمل ضمن القواعد الدوليّة للحرب. ونعتقد أنّه بهذه الطريقة فقط، يمكن وضع أسس لإطار النشاط الدبلوماسي للتعامل مع المظالم التاريخيّة، حتى يُفتح المجال لتحقيق سلام عادل ودائم في جميع أنحاء أرضنا المقدّسة الحبيبة، سواء في عصرنا هذا أو للأجيال القادمة.