معاناة غزة، ومواصلة سيلان الدماء في الأرض المقدسة، الأرض المباركة التي شهدت القيامة رغم درب الصليب، والوعي بأن إلى جانب الآلام هناك القبر الفارغ. هذا ما تحدث عنه الأب غابرييل رومانيلي كاهن رعية العائلة المقدسة في غزة وذلك في مقال نشرته وكالة سير الكاثوليكية للأنباء.
في مقال له نشرته وكالة سير الكاثوليكية للأنباء تحدث الأب غابرييل رومانيلي كاهن رعية العائلة المقدسة في غزة عن الاحتفال بالفصح وسط الآلام والموت مشيرا بشكل خاص إلى الاحتفال بالجمعة العظيمة في هذه الأرض المباركة التي يتواصل فيها سريان دماء آلاف الأشخاص الذين راحوا ضحية الحرب الدائرة. وتابع أن هذه الأرض هي مباركة لأنها شربت دماء يسوع المسيح ثم أعادت هذه الدماء إلى جسده. ومذاك اليوم، منذ تلك الجمعة العظيمة، تعلم هذه الأرض أن الدم البريء يصبح علامة للبركة والقيامة.
ثم توقف الأب رومانيلي عند استمرار عمليات القصف والتي يُدير البعض وجوههم عنها كي لا يروا معاناة الآخرين، قال كاهن رعية العائلة المقدسة، وذلك لأنه من الصعب العناية بمريض أو جريح إن لم تتوفر الأشياء الضرورية للقيام بهذا. وأضاف أنه من الصعب أن نكون شهودا لصلبان الآخرين، ومن المؤلم التفكير في معاناة السجناء والرهائن والموتى والجرحى وفي العنف بأيٍّ من أشكاله، إلا أن هذا هو ما يحدث.
وواصل الأب غابرييل رومانيلي مقاله مشيرا إلى أنه وإلى جانب الآلام هناك الجوع أيضا، وتحدث عن قحط لم يحدث من قبل، فالأطفال اليوم يموتون جوعا. وأضاف أنه يبدو من المستحيل أن يصل الغذاء إلى الأفواه الجائعة ولكن ليس مستحيلا وصول القنابل والطلقات إلى مساكن الآلاف من المدنيين الذين يشكلون أغلبية الضحايا.
هذا وتحدث كاهن رعية العائلة المقدسة عن غزة باعتبارها جلجثة رهيبة، وأشار إلى أن هناك أكثر من ٣٢ ألف شخص قد فقدوا حياتهم ومن بينهم ما يزيد عن ١٢ ألف طفل. هناك من جهة أخرى أكثر من ٧٠ ألف جريح إصابات كثيرين من بينهم خطيرة، وقد تَعرَّض أكثر من ألف طفل إلى بتر الأعضاء، هذا إلى جانب الأعداد الكبيرة اليوم من الأطفال اليتامى. ومن بين سكان غزة، الذين يزيد عددهم عن مليونين و٣٠٠ ألف شخص، هناك مليون و٧٠٠ ألف نازح، وقد فقد مئات الآلاف من الأشخاص بيوتهم، ما يعني فقدان أماكن العمل والمدارس لأبنائهم والمراكز الطبية والمتاجر، بل وقد مُحيت أحياء بكاملها.
وفي حديثه عن الجماعة المسيحية أشار الأب غابرييل رومانيلي إلى أن هذه الجماعة، والتي كانت تتألف في بداية الحرب من ١٠١٧ شخصا، ١٣٥ كاثوليكيا و٨٨٢ من الروم الأرثوذكس، قد فقدت ٣١ من أبنائها حيث قُتل ١٨ جراء قصف إسرائيلي أمام الكنيسة الأرثوذكسية أسفر عن تدمير بناية الرعية التي كانت تستضيف لاجئين مسيحيين، بينما قُتلت امرأتان كاثوليكيتان داخل رعية اللاتين على يد قناص إسرائيلي، وراح بقية الموتى وعددهم ١١ شخصا ضحية عدم التمكن من تلقي المساعدة الطبية. وأضاف الأب رومانيلي أن هناك حوالي ٦٠٠ من اللاجئين في الرعية الكاثوليكية و٢٥٠ في تلك الأرثوذكسية.
وفي ختام مقاله قال كاهن رعية العائلة المقدسة في غزة إن هناك مئات الآلاف من الأشخاص الذين هم في حاجة في المقام الأول إلى أن يعامَلوا بإنسانية. وأضاف الأب غابرييل رومانيلي أن المسيحيين الذين قرروا البقاء بالقرب من يسوع وفيما عاشه من آلام يتضرعون من أجل وقف فوري ودائم للحرب، وشدد على أننا نعلم أن بالقرب من درب الآلام هناك القبر الفارغ.