في الذكرى السنوية الأربعمائة والعشرين لتأسيس أخوية “يسوع الناصري” في سونسوناتي بالسلفادور، بعث البابا فرنسيس برسالة إلى أسقف الأبرشية المطران كوستانتينو باريرا وجميع المؤمنين، وقد قرأها على أبناء الأبرشية يوم أمس الأربعاء السفير البابوي في السلفادور المطران لويجي روبرتو كونا، وذلك خلال احتفال أقيم في كاتدرائية الثالوث الأقدس في سونسوناتي، شارك فيه آلاف المؤمنين الذين تجمعوا للاحتفال بهذا اليوبيل، قبل أن يشاركوا في التطواف التقليدي بتمثال الرب يسوع في شوارع المدينة.
استهل البابا فرنسيس الرسالة مشيرا إلى أن صورة “يسوع الناصري” وصلت إلى تلك الأرض في العام ١٦٠٤، وستُحيي الأبرشية هذه الذكرى يوم غد، الموافق والجمعة العظيمة. أضاف الحبر الأعظم أن الرب يريد أن يوصل إلينا الرسالة الإلهية، ونحن اليوم ننتظر، تماماً كما فعل أجدادنا لأكثر من أربعة قرون خلت، أن نرى صورة يسوع الناصري. وتساءل فرنسيس إذا كنا نريد أن نشاهد تمثالاً أو تحفة فنية ثمينة وحسب، موضحا أننا نقف اليوم كمؤمنين عند أبواب بيوتنا لنرى يسوع يأتي إلينا، تماما كما فعل بنو إسرائيل في البرية عندما وقفوا عند أبواب خيامهم لينظروا إلى موسى يصعد الجبل ليلاقي مجد الله.
تابع البابا يقول إننا نحن أيضا، وعلى غرار موسى، نستطيع أن نصعد إلى حضرة الرب لنتكلم معه وجهاً لوجه، كما يتكلم رجل ما مع صديقه. وهذا ما يمكن أن نفعله بواسطة الصلاة، إذا ما تمثّلنا بإيمان موسى، الذي صلى إلى الرب طالباً منه أن يريه الطريق. فوعده الله بأن يسير معه ويعطيه الراحة، وبهذه الثقة اجتاز النبي موسى البرية. مع ذلك، مضى فرنسيس إلى القول، إن موسى لم يتمكن من رؤية وجه الله، وأمام صعوبات الحياة تزعزعت ثقته أحياناً كثيرة. ونحن أيضا بإمكاننا أن نتأمل بالوجه الإلهي وأن نشعر به يسير إلى جانبنا. هذا هو الوعد الذي يقطعه معنا الله عندما يتوقف الناصري عند أعتاب بيوتنا. نظرته المُحبة تخاطبنا وتسألنا إذا كنا نحبه، كما فعل مع القديس بطرس.
في هذا السياق شجع البابا فرنسيس المؤمنين على التخلي عن مواقف نكران الجميل، وطلب منهم أن يجيبوا بسخاء قائلين: “يا رب، أنت تعلم أني أحبك”. وبهذه الطريقة نكرر ما فعله بنو إسرائيل عندما بقوا ساجدين كل أمام خيمته، فيما نزل مجد الله عليهم. من خلال موقف العبادة هذا نظهر وداعتنا أمام عمل الروح القدس الذي يقود خطواتنا في هذه البرية كسحابة وكعامود من نار.
هذا ثم كتب البابا أنه من المحزن جدا أن تبقى قلوبنا، يوم الجمعة العظيمة، على الشرفة لتنظر إلى مشهد مثير للفضول، دون أن تسجد أمام عبور يسوع، ودون أن تسمع الدعوة التي وجهها إلى القديس بطرس طالباً منه أن يتبعه. ومن المؤسف جداً ألا نفهم أنه من خلال التعلق بصليبه نصبح قادرين على السير معه، وألا ندرك أنه هو من يحمل هذا الحمل الثقيل كي نتمكن من إيجاد الراحة.
تابع البابا رسالته متوجها إلى المؤمنين وقال لهم: أيها الأخوة إن الرب يأتي لملاقاتنا اليوم، كما في كل سنة وفي كل لحظة. دعونا نتبعه، حاملين إياه على كتفينا، ودعونا نواسيه من خلال الاعتناء بالجراح المفتوحة لأخوتنا المتألمين. لنطلب منه أن يرينا كيف ينبغي أن نمجد الله بواسطة حياتنا، جاعلين من خدمتنا تسبيحاً، ومن خلال عملنا اليومي وضمن العائلة، وبواسطة التزامنا لصالح مجتمع أكثر أخوة، والشهادة للخير، التي ينبغي أن نقدمها جميعاً بغض النظر عن الدعوة الخاصة بكل واحد منا.
في ختام رسالته إلى أسقف ومؤمني أبرشية سونسوناتي سأل البابا فرنسيس يسوع الناصري أن يباركنا جميعا من على الجلجلة، كما طلب من والدته العذراء المتألمة أن تحرسنا. وسأل المؤمنين أن يصلوا من أجله.