احتفلت الرهبانية الباسيلية الشويرية بسيامة ابنها، ابن زحلة، الأب يوسف ميشال شاهين ارشمندريتا وتعيينه نائبا اسقفيا عاما على ابرشية بعلبك وتوابعها للروم الملكيين الكاثوليك، خلال قداس احتفالي اقيم في كنيسة دير مار الياس الطوق في زحلة، ترأسه راعي ابرشية طرابلس وسائر الشمال للروم الكاثوليك والمدبر البطريركي على ابرشية بعلبك المطران ادوار جاورجيوس ضاهر بمشاركة رئيس عام الرهبانية الأرشمندريت برنار توما والكهنة، بحضور رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم، المندوب البابوي على الرهبانية المطران سيزار اسايان، راعي ابرشية صور وتوابعها للروم الكاثوليك المتروبوليت جورج اسكندر، مدير عام وزارة الزراعة المهندس لويس لحود، الرئيس العام السابق للرهبانية اللبنانية المارونية الأباتي نعمة الله هاشم، الرئيسة العامة للراهبات الباسيليات الشويريات الأم ندى طانيوس، الرئيسة العامة لجمعية راهبات سيدة الخدمة الصالحة الأم جوسلين جمعة، عدد كبير من الكهنة والراهبات وعائلة الأرشمندريت الجديد والمؤمنين.
بعد الإنجيل المقدس الذي تلاه المطران ابراهيم، كانت عظة للمطران ضاهر هنأ فيها الأرشمندريت شاهين، وقال: “بفرح كبير، أحتفل اليوم، مع إخوتي أصحاب السيادة ومعكم، اليوم بمنح رتبة أرشمندريت للأب يوسف شاهين، الراهب الشويري، ابن هذه الرعية العزيزة الراسية التي أحببتها وخدمتها منذ أكثر من عشر سنوات، وابن مدينة زحلة مدينة الكنائس، والمروءة والرجولة. الرهبانية الباسيلية الشويرية، ومدينتك زحلة، تقدمانك اليوم، أيها الأب الحبيب يوسف، إلى خدمة أكبر وأشمل لشعب الله في الكنيسة، وفي أبرشية بعلبك المحروسة من الله. وكل منهما، تحملك في صلواتها كي تكون كاهنا متشبها بالمسيح، على مثال الذين سبقوك، وتعيش بوفاء، روحانية كهنوتك، وتلتزم بإخلاص لما تتطلبه خدمتك الكهنوتية.”
أضاف: “يستوقفنا في هذا الانجيل، ترداد السيد المسيح السؤال نفسه ثلاث مرات: ” أتحبني “، وكأنه لا يصدق ” النعم ” التي سمعها من بطرس، حتى إن هذا حزن من تشكيك الرب، وأكد بكثير من الاتضاع: ” إني أحبك “. لا شك أنه تذكر كيف جحد المسيح ثلاث مرات، فلم يتجرأ على المغالاة في إعلان محبة الرب، ولما تذكر أنه قد يضعف يوما، خفت صوته وأكد موقفه من جديد، وبشكل نهائي: ” نعم يا رب، أنت تعرف كل شيء. أنت تعلم أني أحبك “. فكأنه بقوله هذا، يرجو من السيد أن يحفظه من الضعف المتلبس به”.
وتابع: “هذا الحوار بين يسوع وبطرس، هو حوار محول، فبعد أن كان بطرس معتدا بقواه الشخصية، ويميل للثقة والإيمان بذاته، نراه في هذا اللقاء يتذكر نكرانه وندمه، ويعرف أن الحب هو كل شيء، وبعد أن كان مفضلا حياته على محبته، تحول، ليكون مثل معلمه، فأحب إلى درجة الموت، معلقا بالمقلوب على الصليب. هذا يعني أن القيامة الحقيقية هي في الحب، الذي يجعلنا، نقدم حياتنا في سبيل الآخرين.”
وقال: “لنسمع ربنا وهو يقول لنا: ” ألقوا الشبكة “. هذه الشبكة التي تمثل الانطلاق نحو الآخرين، لاجتذابهم إلى الرب الذي يطلب طعاما. ولندعه يحولنا، فنصنع الحب، ونفضله على الحياة التي نحن نريدها لأنفسنا، فما من حب أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبائه، وبهذا تكون محبتنا أقوى من الموت، فتتحقق القيامة فينا. إن الذين يتطلعون الى خدمة المؤمنين في الكهنوت، ذاك السر العظيم، الذي خص به الرب أحباءه، وجعلهم بنوع خاص أمناء على رسالته الخلاصية، هؤلاء المؤمنين المفعمين بالغيرة، يساءل الرب كلا منهم مرارا: ” أتحبني؟ “، لينبههم الى أن الحب العظيم هو الشرط الأساسي لاتباع الرب في الرعاية الكهنوتية، ولا بديل عنه في رعاية المؤمنين. فلا عجب أن يسائل المسيح كل كاهن، قائلا: ” أتحبني؟ ” وهذا الحب سيتجسد في الخدمة الأخوية، والحياة الفاضلة، والصبر على المشقات والأتعاب والاضطهادات، والتعرض لكلام الناس وبغضهم أحيانا، الذين لا يفهمون من الملكوت إلا جانبه الأرضي والزمني.”
أضاف: “أيها الابن الحبيب يوسف، اليوم سيقيمك السيد المسيح، معلما سماويا، ينطق بلغة العنصرة، وسوف يحملك صليبا كالذي حمله، ويكلفك بحظيرة من حظائر كنيسته الواسعة، وسترعى قطعانه في طرق وعرة. إنه يحملك مسؤولية خطيرة، تكون أنت فيها واسطة حياة أبدية للكثيرين. وفي حال تخاذلك أو إهمالك أو عدم اكتراثك، قد تتسبب بالضياع أو بالشك أو الهلاك للكثيرين أيضا. فهل فيك من محبة المعلم ما يجعلك تضحي بكل شيء في سبيل تحقيق مشيئته، وفداء من يرسلك إليهم؟ هل أنت تحبه الى الحد الذي يمكنك من التخلي عن ذاتك، وعن كل ما لك؟ أهنئك بهذه العلاقة الخاصة التي أنشأتها مع السيد المسيح، والتي قدرك الروح القدس، من خلالها، على مدى العمر أن تجعل من كل فترة من حياتك عربونا للمحبة التي أحبناها الله، فتداوم على الإجابة كما في يوم رسامتك الكهنوتية: ” نعم يا رب، أنت تعرف كل شيء، أنت تعرف أنني أحبك”.
وختم: “باسمي، وباسم إخوتي المطارنة أصحاب السيادة الساميي الاحترام والوقار، وباسم جميع أخوتي الكهنة، الملتئمين حول هذا الهيكل المقدس، وهذا الجمهور الحاضر، أهنئك أيها الأرشمندريت يوسف، ببدء مسيرتك الجديدة في النيابة الأسقفية لأبرشية بعلبك، مسيرة القداسة والتضحية وبذل الذات، كما أهنئ عائلتنا الكبيرة، الرهبانية الباسيلية الشويرية، وعلى رأسها المندوب البابوي سيادة المطران سيزار أسيان الجزيل الاحترام، وقدس الأب العام الأرشمندريت برنار توما الكلي الاحترام، والعمدة الرهبانية، وجميع آباء وأبناء الرهبانية العزيزة، كما أتقدم بالتهنئة من عائلتك الصغيرة، وعنيت بها والديك الحبيبين ميشال وجانيت، وإخوتك العزيزين ميراي ومروان، وأقاربك وأصدقاءك، وعائلة شاهين الكرام، وعموم أهالي الراسية المحترمين، ومدينتك زحلة، هذه المدينة الشاهدة على الإيمان والقيم الإنسانية، والعزة والكرامة والمروءة. ولا تنسى أبدا، أن تذكر في صلواتك وقداسك، أبناء وبنات أبرشية بعلبك، واعلم أنك ستجد في قلب مطرانك وإخوتك الكهنة، محبة كبيرة وعاطفة أبوية”.
وختم: “باركك الله وثبت خطواتك في طريق القداسة والبر.”
شاهين
في ختام القداس كانت كلمة شكر للأرشمندريت شاهين قال فيها: “اني لواثق بأن الشكر وعلى الرغم من أهميته في التعبير عن مشاعر الإمتنان وعرفان الجميل، لا يفي المحبة حقها. وإن بحثت في معجم الكلمات للتعبير عما يختلج في قلبي، فإني عاجز عن الوصول الى ما أصبو اليه، ففي عقلي تتصارع الأفكار، وفي فمي تتلعثم الكلمات. لذا سألت الله ان يرشدني الى ما اعبر فيه عن مكنونات روحي، وصليت لكي اهتدي الى ضالتي فأدركت ماذا فعل: لو آثرت الشكر فقط، لما تمكنت من ايفائكم، لكنني اذا ما اهديتكم صلاتي، فإني بذلك اترك الله ان يجزيكم عني،بخيراته ونعمه الغزيرة وهو الذي لديه كنز العطايا الذي لا يفرغ، لذا اسمحوا لي ان استبدل كلمة الشكر بفعل صلاة من القلب وأقول: صلاتي الى صاحب الغبطة، أبينا البطريرك يوسف الكلي الطوبى، والسادة الأساقفة اعضاء السينودس الدائم الذين باركوا تعييني كنائب عام للأبرشية، فإنهم بذلك قد اولوني ثقتهم وأرجو ان اكون على قدر هذه الثقة.”
أضاف: “صلاتي الى صاحب السيادة المطران ادوار جاورجيوس ضاهر، الذي يشاركني يوميا تقدمتي الإفخارستية، فأرفعه عند رفع الحمل لأنه على مثاله يبذل في المحبة ويوزع في التضحية، وهو الذي لم ولن تجف صلاتي من أجله ومن اجل ان يعضده الله ليبقى مفصلا بإحكام كلمته الحقة. صلاتي الى اصحاب السيادة الجزيلي الوقار: جاورجيوس حداد، ايلي حداد، ابراهيم ابراهيم، جورج اسكندر وسيادة المندوب البابوي على الرهبانية المطران سيزار اسايان الذين لبوا دعوتي البنوية ليشاركوني هذا اليوم ببركتهم، واني يا اصحاب السيادة اكن لكل منكم كل التقدير والإحترام، واسألكم ان تشملوني دوما بصلواتكم وتضرعاتكم امام الحضرة الإلهية”.
وتابع: “صلاتي وادعيتي الى امي الرهبانية الباسيلية الشويرية، بشخص رئيسها العام الأرشمندريت برنار توما ومجلسها التدبيري، التي احتضنتني شابا وصقلت شخصيتي الرهبانية والكهنوتية، وها هي اليوم ترسلني لخدمة جديدة في كنيستنا. أمي الرهبانية، اني احبها لأنها وطن وجودي الروحي، واني اضاعف عشقي لها كعشقي لوالدتي البشرية، التي ولو بدلت الشيخوخة بهاء ملامح وجهها لكنها تبقى أمي، وانا باق على حبها. صلاتي الى الأخوات الراهبات الباسيليات الشويريات والأخوات راهبات سيدة الخدمة الصالحة، رافعا أكف الضراعة من اجل هاتين الجمعيتين المباركتين، فمن معين ألأولى ارتشفت العلم والتقوى وعرفت المسيح، وبشرت به بفرح مع راهباتها، من اجل خدمة رسولية صالحة. صلاتي الى اخوتي الآباء الكهنة، الحاضرين ههنا، او الذين لم يتمكنوا من الحضور، من اخوتي اباء الرهبانية الشويرية، الى الكهنة الذين نخدم معا في المحكمة، مرورا بالآباء الذين جمعتني بهم الحياة والرسالات، وصولا الى آباء ابرشية بعلبك، لأنهم لي سندل وملجأ، ولكل منهم مكانته في قلبي. آبائي، كما انكم لم تبخلوا علي بمحبتكم وصداقتكم، اسألكم اليوم بالذات، الا تبخلوا علي بصلواتكم”.
وقال: “في قلب هذه الصلاة الخاشعة للكهنة، تشدني خلجات القلب الى آباء الرهبانية المشهود لهم بروح الإيمان والتقوى، وافضيلة والعلم، والعمل لخير النفوس، الذين غادرونا الى ديار الرب، وكانوا لي مثالا نيرا ونبراسا يحتذى به. كما تشدني ومضات الروح الى الأب الذي يرشدني بنصحه، ويرافقني بمحبته الأبوية، لأبقى ثابت العزم والعزيمة، انه قدس الأباتي نعمة الله الهاشم، الذي له مني العهد بمواصلة الصلاة، لكي تكمل ارادة الله فيه. والصلاة موصولة ايضا لقدس الأب ميشال عبود، رئيس رابطة كاريتاس لبنان، الذي عملنا معا في هذه المؤسسة الكنسية الزاهرة، والتي ارجو لها في عهده الميمون كل التقدم والإزدهار، في خدمة الإنسان لمجد الله”.
أضاف: “صلاتي الى والدي الحنونين، وشقيقتي ميراي وعائلتها، وشقيقي مروان، الذين منهم تعلمت الصلاة الحقة، التي تتخطى الخوف، وتفرح بالسلام وتخدم الوداعة وتنشر طول الأناة. لكم أقول لست اصلي من اجلكم فقط، لا بل انتم صلاتي ومذبح تقدمتي الإفخارستيا وبخور تضرعاتي الى الله. صلاتي ايضا لكم جميعا ايها الأهل والأقارب والمعارف والأصدقاء، الذين اتيتم من قريب او من بعيد لتشاركوني هذا اليوم البهيج، وانتم بحق ، اخوة لي، فلكم برهنت الأحداث والمواقف التي تشاركناها معا، انكم في جوهر ألأخوة المجبولة بالمحبة الصادقة.”
وختم: “صلاتي الى كل الذين شاركوا، كي يكون هذا اليوم على ما هو عليه من تنظيم وترتيب، وانهم كثر، ولهم مني كل التقدير، واخص منهم رئيس هذا الدير العامر وخادم هذه الرعية المباركة، وجمهور اخوتي الرهبان الذين خدموا في الجوقة، مع كل الذين تعبوا وحضروا، عسى أن يكافئكم الله صحة وعافية، مع الخير والبركة”.
بعد القداس تقبل شاهين وضاهر والمطارنة ابراهيم واسايان واسكندر ورئيس عام الرهبانية التهاني من الحضور.