مقتطفات حول “المسيرة من أجل الحياة” في الولايات المتحدة

سامح حنا المدانات – جنوب كاليفورنيا :
جلستُ أمام التلفاز أشاهد بثًا، حيًا على الهواء، للمسيرة من أجل الحياة، وكلي إكبار واندهاش لرؤيتي آلاف الجماهير الأمريكيين (في واشنطن) يتحدُّون الظروف الثلجية يوم الجمعة (19 كانون الثاني يناير) دعمًا للقضية المؤيدة للحياة خلال المسيرة السنوية الحادية والخمسين من أجل الحياة. فرغم تساقط الثلوج على رؤوس المشاركين بالمسيرة، لم تظهر أية مظلة تقي حامليها من الثلج، بل كانوا يرفعون لافتات تنادي بالحياة، ومناصرة الأطفال غير المولودين بعد، ورعاية الأمهات، وتنادي بجعل الاجهاض غير قانوي في أمريكا والعالم.
والجدير بالذكر أن “المسيرة من أجل الحياة” لهذا العام تعقد للمرة الثانية منذ الإلغاء التاريخي لقرار المحكمة العليا بشأن قضية “رو ضد وايد” (Roe v. Wade)، المناهضة للإجهاض، في عام 2022، مما أدى إلى إعادة تشريعات الإجهاض إلى الولايات.
لقد كان قرار المحكمة في “رو”، الصادر في كانون الثاني يناير عام 1973، (وينادي بـ”حق” المرأة بالإجهاض) هو الذي ألهم أول حدث “للمسيرة من أجل الحياة”، الذي عُقد في العام التالي في عام 1974. فمنذ شهر مارس الأول من ذلك العام، اعتاد الأمريكيون المؤيدون للحياة، على الاجتماع في شهر يناير من كل عام بالقرب من مبنى الكابيتول في واشنطن العاصمة، لدعم القضية وإعادة تأكيد التزامهم بحماية الأطفال الذين لم يولدوا بعد ورعاية أمهاتهم.
ومن المعلوم أن هذا الحدث هو أكبر مظاهرة سنوية لحقوق الإنسان في العالم.
وكان من بين المشاركين في مسيرة يوم الجمعة العديد من موظفي لجنة الأخلاقيات والحرية الدينية (ERLC). فقد وقفت على المنصة امام الجماهير، مديرة السياسات (Hannah Daniel) هَنَا دانيال، تدافع عن القضايا المؤيدة للحياة على مدار العام من خلالLeland House الموجود في الكابيتول هيل.
قالت دانيال: “تمثل المسيرة من أجل الحياة كل عام فرصة للحركة المؤيدة للحياة للالتقاء وإعادة تركيز جهودنا على الهدف: ألا وهو إنقاذ الأرواح”. وأضافت: “إنّ شعار مسيرة هذا العام هو: ”مع كل امرأة، لكل طفل“، ويشير إلى الطريق الذي أمامنا. وبينما نواصل العمل نحو يوم يصبح فيه الإجهاض غير قانوني، يجب علينا أيضًا أن نقف جنبًا إلى جنب مع النساء المستضعفات من خلال الرعاية والدعم، وتمكينهن من اختيار الحياة”.
أما بالنسبة لجولي ماسون، مديرة الاتصالات في ERLC، فالمسيرة تُعَدُّ شأنًا عائليًا. وقالت ماسون: “هذه هي المرة الرابعة التي أشارك فيها في المسيرة من أجل الحياة، وفي كل عام أشعر بالدهشة من عدد الأشخاص الذين يأتون من مختلف المناطق في أمريكا إلى العاصمة لحضور هذا الحدث”. واسترسلتْ قائلة: “رافقتُ ابنتي المراهقة هذا العام، وكان من الروعة بمكان رؤية المسيرة من خلال عينيها. وتُعدُّ “المسيرة من أجل الحياة” فرصة أخرى لـلجنة الأخلاقيات والحرية الدينية للتعبير عن التزامنا بالدفاع عن الفئات الأكثر ضعفًا بيننا. سنستمر في خدمة الأمهات وإنقاذ الأرواح من خلال أولويات سياستنا العامة”.
وقد انضمَّ الى رئيس لَجْنة الأخلاقيات والحرية برينت ليذروود Brent Leatherwood، رئيسُ مجلس النواب مايك جونسون، الوصي السابق لـERLC، في مسيرة 2024 من أجل الحياة. والجدير بالذكر أنه ستقوم 16 ولاية مختلفة بعمل “مسيرة من أجل الحياة” الخاصة بها في الأسابيع المقبلة.
وقالت جين مانشيني، رئيسة “مسيرة من أجل الحياة”، إن هناك خططًا متطورة لهذا الحدث الذي سيتم عقده في جميع الولايات الخمسين في السنوات القليلة المقبلة.
وافتتحت مانشيني المسيرة بشرح أهمية شعار هذا العام، قائلة: “إن شعار المسيرة من أجل الحياة هذا العام هو “مع كل امرأة، لكل طفل”، لأن هذا هو جوهر الحركة المؤيدة للحياة، وهي مساعدة الأمهات والأطفال على الازدهار بشكل كامل وإنساني”.
واسترسلت مانشيني خطابها للجماهير قائلة: “لقد أظهرت الدراسات أن 60 بالمائة من النساء اللاتي اخترن الإجهاض كُنَّ سيخترن الحياة لو أنهّن شعرن بأن لديهن المزيد من الدعم. وليس هذا فحسب، بل إن واحدة من كل 4 نساء يخترن الإجهاض تُجبر على إجراء هذا الإجهاض. أتعلمون ما هو أكثر ما تحتاجه المرأة عندما تواجه حَمْلاً غير متوقع؟ إنها لا تحتاج إلى إثارة الخوف. ولا تحتاج إلى الخجل. كل ما تحتاج سماعه هو: “لقد حصل هذا الأمر، وأنا سوف أساعدك”. إنّها بحاجة إلى معرفة أن هناك من سيدعمها في هذا العمل الشجاع. وعليها أن تعلم أنها ليست وحدها”.
وأضافت مانشيني إنه على الرغم من إلغاء قضية ”رو ضد واي“، منذ ما يقرب من عام ونصف، إلا أن جهود القضية المؤيدة للحياة لم تنته بعد. إن عملنا لبناء ثقافة الحياة لم ينته بعد. سنواصل المسيرات في شهر يناير من كل عام على المستوى الوطني، وكذلك في سائر ولاياتنا حتى تعكس قوانين أمتنا الحقيقة الأساسية المتمثلة في أن الحياة البشريّة كلها خُلقت متساوية وتستحق الحماية”.
ثم قدمت مانشيني أحد الضيوف الأوائل في هذا الحدث، وهو رئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون. جونسون، الذي تم انتخابه لمنصب رئيس مجلس النواب في الخريف الماضي، وهو معمداني جنوبي وعمل كوصي على لجنة الأخلاقيات والحرية الدينية.
وظهر من بين المتحدثين والضيوف الآخرين في المسيرة الفنان المرشح لجائزة جرامي، داني جوكي، ونجم اتحاد كرة القدم الأميركي المتقاعد بنيامين واتسون، بما في ذلك الممثل الأمريكي كريس سميث من نيو جيرسي. وكان آخر المتحدثين في المسيرة قبل أن يبدأ الحاضرون في السير في الشوارع المحيطة بمبنى الكابيتول هو غريغ لوري، راعي كنيسة هارفست المسيحية، وهي جماعة معمدانية جنوبية في ريفرسايد، كاليفورنيا.
شارك لوري الجمهور بعضًا من قصته، التي تم تصويرها مؤخرًا في فيلم ثورة يسوع، ورسالة الإنجيل مع الجمهور. ثم قادهم في صلاة دعوة للخلاص. وقال: “نحن لا نهتم فقط بأن نولد، فهذا مهم جدًا بالنسبة لنا، ولكننا نريدك، كما قال يسوع، أن تولد من جديد وتحظى بالحياة الأبدية”.
وعلى نقيض ذلك، وفي إطار حملة بايدن-هاريس للكشف عن جهود جديدة لدفع الدعوة لحقوق الإجهاض، بدأت حملة إعادة انتخاب الرئيس بايدن بتسليط الضوء على حقوق الإجهاض، الخميس 18 يناير، في إطار السعي لربط الانتخابات المقبلة بـ”حق المرأة في تقرير صحتها بنفسها”.
ومن المتوقع أن يقوم الرئيس بايدن، ونائبته كامالا هاريس، بعقد تجمعًا انتخابيًا في شمال فيرجينيا في 23 يناير. وستحضره أيضًا السيدة الأولى جيل بايدن، والرجل الثاني دوج إيمهوف. ويتفاخر الرئيس السابق دونالد ترامب بدوره في المساعدة في إسقاط رو، بينما قام مؤخرًا بـِحَثِّ زملائه الجمهوريين على إيجاد توافق في الآراء بشأن هذه القضية من أجل “الفوز بالانتخابات”.