المطران ابراهيم احتفل بعيد الظهور الإلهي في زحلة

احتفل رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم بعيد الظهور الإلهي، فترأس عشية العيد في كاتدرائية سيدة النجاة في زحلة، صلاة الغروب والليتورجية الإلهية بمشاركة النائب الأسقفي العام الأرشمندريت نقولا حكيم والأب ايلياس ابراهيم، بحضور جمهور كبير من المؤمنين تقدمهم مدير عام وزارة الزراعة لويس لحود.
بعد الإنجيل المقدس كان لابراهيم كلمة تحدث فيها عن معاني العيد وقال: “عندما نحتفل بعيد الظهور الإلهي ومعمودية يسوع المسيح، الذي ندعوه ايضا عيد الغطاس، له اسماء كثيرة، لكن الإسم الرئيسي للعيد هو عيد الظهور الإلهي، اي عيد ظهور الله الثالوث للمرة الأولى معا في تاريخ البشرية. فالروح القدس بهيئة حمامة والآب بصوت عظيم يقول “هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت” والإبن الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس يتقبل المعمودية من يد يوحنا المعمدان. أمام معاني هذا العيد نتعلم دروسا كثيرة لضميرنا، لإيماننا، تذكرنا بالرسالة الإلهية التي تُفيض المحبة والتضحية واللطف، كما سمعنا في الرسالة اليوم حيث دعا القديس بولس المسيح” لُطف الله”. في الإنجيل وتحديدا في انجيل متى (3-17) سمعنا هذه الكلمات التي تقول ” هذا هو ابني الحبيب”، الله الآب يتكلم بصوت عظيم “هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت”. هذه الآية تجسد لنا معنى الكرَم الإلهي والتلاحم بين الله والإنسان.”
أضاف: “عندما نتأمل بهذه الكلمات ندرك أن يسوع المسيح أتى الى عالمنا لكي يكون مثلنا في كل شيء ما عدا الخطيئة، وهو ابن الله الحبيب الذي أرسل ليُظهر لنا الطريق الى الخلاص والحياة الأبدية، وفي معموديته قد م يسوع نفسه كضحية من اجل خطايانا لأنه في ذاته لا يحتاج الى المعمودية او الغسل والتطهير لأنه منز ه عن الخطيئة، لكنه حمل خطايانا لكي يذكرنا دوما بأهمية المعمودية والتوبة والعودة الى الله. كان ذلك رمزا لتنازل يسوع وتواضعه. انها لحظة تعب ر عن رغبته في تحم ل نتائج خطايانا، وتقديم نفسه كضحية من اجل خلاصنا، لذا يمكن ان نستلهم من هذه اللحظة التواضع والتضحية والرغبة في خدمة الآخرين.”
وتابع: “في يوم الغطاس، المسيحيون يشجعون على التفكير في حياتهم والنظر في كيفية تجديد العهد مع الله الذي اظهر لنا ذاته. من الممكن ان يكون هذا العيد فرصة لإعادة التفكير في الأولويات والإستعداد للمساهمة في خدمة الله والإنسان بجد ية اكثر. عيد الغطاس هو ايضا وقت للتعبير عن الإيمان بشكل مميز . في معظم الكنائس تجري غالبا طقوس رتبة تقديس الماء حيث يتم غرز الصليب في الماء مما يرمز الى تجسيد معمودية يسوع الى موته والى قيامته. يمكننا ان نرى في هذا التطهير والتجديد الفرصة لتجديد ايماننا والتفكير في كيفية ان نعيش حياة متميزة بناء على قيم المسيح. الماء الذي سيعطيه يسوع لنا سيصبح فينا ينبوع ماء حي ينبعث الى الحياة الأبدية، هذا ما وعدنا به عندما التقى المرأة السامرية عند بئر يعقوب. هذا هو نوع جديد من الماء، ماء حي ينبعث ويتدفق للأشخاص الذين يستحقونه. لكن لماذا اختار الله المياه؟ ”
وقال: “سمعنا في القراءات اليوم كيف انشقت المياه وكان نهار وكان يوم ثالث. كل الأمور تعتمد على المياه، النباتات والحيوانات. الماء ينزل من السماء كمطر، وعلى الرغم من انه دائما نفسه في ذاته لكن النتيجة متعددة، وهكذا هو المسيح واحد في ذاته، في جوهره الإلهي وفي ناسوته. هو شخص واحد لكن عندما يلمسنا، كل لمسة تول د شيئا مختلفا عن الآخر. الله شخص واحد في ذاته لكن خ لقُهُ متعدد. الماء لا يأتي من السماء اليوم كشيء وغدا كشيء آخر بينما يبقى في جوهره نفسه، يتكيف مع احتياجات كل مخلوق يستقبله. وهكذا هو الروح القدس الذي بطبيعته هو واحد في ذاته، بوحدته التي لا يوجد فيها انقسام ولا تشوش، نعمته على كل انسان تنزل بحسب مشيئته. وكالشجرة التي تسقى يصبح لديها غضونا متعددة وثمارا متنوعة. عندما تروى البشرية بماء الروح، ثمار هذا الروح هي القداسة بكل تنوعها. على الرغم من ان الروح لا يتغير الا ان تأثيره عمله في مشيئة الله وبإسم المسيح يكون متنوعا وعجيبا . الروح القدس متعدد المواهب.”
أضاف: “في هذا العيد المجيد نتوجه بالصلاة وبالتفكير العميق الى كيفية استفادتنا من هذا الماء، من المسيح الذي اعطانا المثال في السعي الى الطهارة. دعونا نعمل معا من اجل تعزيز السلام والوحدة ومساعدة الأقل حظا في هذه الأرض والمحتاجين. وهذه افضل طريقة نحتفل بها بعيد الظهور الإلهي، ان نظهر نحن كصورة حي ة وفع الة امام الآخرين، صورة لله متجسدة في افكارنا واعمالنا”.
وختم: “نرفع الصلاة اليوم من اجل لبنان كي يظهر الله فيه ويغسله من رأسه حتى اخمص قدميه، وينقذه من خطايا شعبه وذنوب مسؤوليه، ويلبسه لباس النعمة والبرارة كي يتحول الى طريق الحق والعدل والإنصاف. في لبنان الكثير من المياه لكن قل ة هم من يتطهرون بالماء ويغسلون خطاياهم ويتوبوا. كثرة المياه لا تنفعنا اذا لم نتعمد، واحيانا نقول ” ضيعان هذا البلد فينا !” من الذين سبقونا على امل الا يبقى كذلك مع الإجيال القادمة، لكي يستحقونه ويعيشونه بالأمان والطهارة كي يكون بلد الإنسان والكرامة”.
وفي نهاية القداس ترأس ابراهيم رتبة تبريك القرابين ورتبة تكريس المياه، وقام بعدها بنضح ارجاء الكنيسة والمؤمنين بالماء المقدس، متمنيا لهم عيدا مباركا.