البطريرك يونان يحتفل بقداس عيد مار اغناطيوس الأنطاكي

في تمام الساعة السابعة من مساء يوم الأربعاء 20 كانون الأول 2023، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة عيد القديس مار اغناطيوس الأنطاكي، وذلك على مذبح كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكي، في الكرسي البطريركي، المتحف – بيروت.
شارك في القداس صاحبُ السيادة مار متياس شارل مراد النائب العام لأبرشية بيروت البطريركية، والخوراسقف مارون كيوان رئيس المحكمة البدائية في أبرشية بيروت البطريركية والنائب العام لأبرشية صيدا المارونية، والمونسنيور عبدو أبو كسم مدير المركز الكاثوليكي للإعلام في لبنان والنائب الخاص لمطران صيدا للموارنة، والأب جليل هدايا النائب القضائي لأبرشية بيروت البطريركية، والآباء الخوارنة والكهنة في الدائرة البطريركية وفي أبرشية بيروت البطريركية، والرهبان الأفراميون، والراهبات الأفراميات، وطلاب إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية – الشرفة، وبعض المؤمنين.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، تحدّث غبطة أبينا البطريرك عن عيد القديس مار اغناطيوس الأنطاكي، فقال: “ما أجمل أن تجتمع العائلة معاً بقلوب مُحِبَّة وراجية ومؤمنة بأنّنا عائلة الرب يسوع. كلّنا، البطريرك، الأسقف، الخوارنة، الكهنة، الرهبان، الراهبات، الشمامسة والمؤمنون، نحن عائلة الرب يسوع. نلتقي في هذا المساء لنحتفل معاً بعيد مهمّ ومعبّر لنا ولكنيستنا السريانية، عيد شفيع كرسينا البطريركي الأنطاكي، مار اغناطيوس النوراني، المعروف أيضاً بتيوفوروس، حامل الله”.
ونوّه غبطته إلى أنّ “الكنيسة الجامعة شرقاً وغرباً تعيّد لهذا القديس الذي يعلّمنا نحن اليوم بشكل خاص أنّ إيماننا وعلاقتنا بالرب يسوع ومحبّتنا للكنيسة ليست تكميل وظيفة نأخذها كي ننال المكافأة على عملنا أو على إنجازاتنا. فنحن نعلم أنّ علينا أن نتبع الرب يسوع الذي قال لنا: من أراد أن يتبعني فليحمل صليبه ويتبعني. وهنا أريد أن أذكّر أولادنا الأعزّاء الطلاب الإكليريكيين الموجودين معنا، بأنّ الرب يسوع يدعوكم كي تتبعوه. صحيح لسنا ملائكة، لدينا ضعفنا وصعوباتنا وتحدّيات الحياة، لكنّ الذي يتّكل على الرب لا يخزى، بل سيتمكّن دائماً أن ينهض ويرافق الرب يسوع ويسير وراءه، لأنّ يسوع يستحقّ منّا كلّ محبّة، فهو الفادي، وهو أعظم صديق لنا، وهو الذي فتح لنا باب الملكوت”.
ولفت غبطته إلى أنّنا “سمعنا منذ قليل من أقوال مار اغناطيوس: “أنا حنطة (قمح) تُطحَن بأنياب الوحوش لأصبح خبزاً نقياً لرضاه”. ليس هناك أجمل من تعبير كهذا لأسقف كان عليه أن يجتاز كلّ هذه المسافات، من أنطاكية، مروراً بآسيا الصغرى، إلى إزمير في البحر، فإلى روما حيث نال إكليل الشهادة. لم يكن مطراناً يجلس خلف مكتبه كي يفتّش كيف سيتكلّم ويشرح للناس، فالأمبراطورية الرومانية كانت في أوجها في القرن الثاني الميلادي، وكانت تسيطر على البحر المتوسّط بأكمله بقوّة عسكرية سياسية، وبالثقافة والهندسة، ومع ذلك كانوا يعبدون الأمبراطور كإله. لكنّ اغناطيوس لم يقبل أن يعبد إلا الإله الواحد، إلا ربّه يسوع المسيح الذي أنقذه وخلّص البشرية، ولذلك اقتيد إلى الاستشهاد”.
وأكّد غبطته على أنّنا “نعرف جيّداً الصعوبات والتحدّيات الكبيرة التي تجابه الكنيسة اليوم. يريدون منّا، نحن المسيحيين، أن نتمثّل بروح العالم، بينما الرب يسوع أرسل تلاميذه إلى العالم قائلاً لهم: إنّ العالم لا يحبّكم، العالم سيكون دائماً ضدّكم، لكنّكم مُرسَلون كي تكرزوا في العالم وتجذبوا العالم إليّ، إلى إله الحقيقة. وقد قرأنا في نصّ الإنجيل، حيث يسوع يحضن أحد الأطفال قائلاً للتلاميذ: يجب أن يكون لديكم إيمانٌ مثل هذا الطفل. هناك تقليد يقول إنّ الطفل الذي حضنه يسوع كان اغناطيوس النوراني، هذا تقليد تقوي، لذلك تمّ اختيار هذا النص من الإنجيل ليُقرَأ في عيد مار اغناطيوس”.
وشدّد غبطته على أنّنا “مدعوون اليوم كي نجدّد محبّتنا للرب وتعلّقنا بكنيسته، صحيح كنيستنا صغيرة ومنتشرة في بلدان كثيرة، واليوم يمثّل الإكليريكيون الأحبّاء الحاضرون معنا البلدانَ حيث تتواجد كنيستنا وتبشّر بالرب يسوع. نسأل الرب أن يكمل معهم الدعوة، كي يكونوا حقيقةً مثال المبشّرين، فيكرزوا بمحبّة الرب يسوع في العالم”.
وأشار غبطته إلى أنّ “هذا القديس الشهيد قَرَنَ القول بالفعل، وليس فقط بالوعظ، كما كتب. فهو يطلب من المسيحيين في روما ألا يتوسّطوا له كي يخلّصوه من عقوبة الإعدام، ويؤكّد لهم أنّه يريد أن يستشهد من أجل المسيح وهو ممتلئ بالفرح، ويطلب منهم ألا يحرموه من هذا الفرح، أن يتشبّه بالمسيح”.
وختم غبطته ضارعاً “إلى الرب يسوع، بشفاعة هذا القديس الشهيد مار اغناطيوس، أن نزداد محبّةً للرب وللكنيسة، أكنّا في الرعاية والخدمة الكهنوتية، أو في التكرّس الرهباني، أو في زمن التنشئة، كي نصل إلى الكهنوت. هذا ما نلتمسه من الرب، بشفاعة هذا القديس العظيم، أن يقوّينا كي نكمل مشوار القداسة بنعمته، وبشفاعة أمّنا مريم العذراء، وجميع القديسين والشهداء”.
وفي نهاية القداس، منح غبطته البركة الختامية بذخيرة القديس مار اغناطيوس الأنطاكي المحفوظة في الكنيسة. ثمّ تقدّم الجميع، فنالوا بركة هذا القديس الشهيد العظيم.
وبعد القداس، تقبّل غبطته تهاني الحاضرين بهذه المناسبة المباركة، فتمنّى له الجميع النجاح والتوفيق في متابعة رعايته للكنيسة في هذه الظروف الصعبة وفي خضمّ التحدّيات الكبيرة، سائلين الرب يسوع، راعي الرعاة، بشفاعة القديس اغناطيوس، أن يمتّعه بالصحّة والعافية، ويعضده في كلّ ما يقوم به، لما فيه خير الكنيسة في كلّ مكان.