مسيرة استثنائية للسلام في أسيزي للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة

إيقاف المذابح في غزة، هذا هو الشعار الذي رفعه المشاركون في دورة استثنائية لمسيرة السلام في أسيزي الأحد الماضي. ومن بين المشاركين فيها الأب إبراهيم فلتس الذي شدد على ضرورة التزام الجميع كي يَفرض العالم وقفا لإطلاق النار.
كانت ضرورة وقف إطلاق النار في غزة محور مسيرة السلام في أسيزي التي نُظمت دورة استثنائية لها الأحد ١٠ كانون الأول ديسمبر للمطالبة بإيقاف المذابح في غزة. وشارك في المسيرة حوالي ٥ آلاف شخص من جميع أنحاء إيطاليا إلى جانب ممثلي الجماعات الكنسية وأيضا أطراف سياسية واجتماعية ونقابية. وقد انطلقت المسيرة خلف لافتة كبيرة كُتب عليها “فلنوقف المذابح”، كما ورفعت مجموعة من المشاركين في المسيرة لافتة كُتب عليها حقوق الإنسان وذلك للتشديد على احترامها في الذكرى الخامسة والسبعين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وافتتح المسيرة رئيس أساقفة أسيزي ـ نوتشيرا أومبرا ـ غوالدو تادينو المطران دومينيكو سورنتينو مذكرا بأن الالتزام من أجل السلام أمر يعني الجميع ما يشمل أيضا ضرورة ممارسة الضغط على سياسة غالبا ما تبدو خاطئة حسبما ذكر. وعاد رئيس الأساقفة خلال الافتتاح إلى كلمات البابا فرنسيس صباح الأحد عقب تلاوة صلاة التبشير الملائكي حين شدد على أن تأكيد الحقوق الإنسانية لا يتم بالشعارات بل بأعمال ملموسة.
وفي ختام المسيرة كانت هناك مداخلة للأب ابراهيم فلتس نائب حارس الأرض المقدسة قدم خلالها شهادة على المأساة الدائرة في غزة، وأشار من جهة أخرى إلى الأوضاع في بيت لحم حيث يُنتظر احتفال بالميلاد يطبعه الألم والمعاناة. وشدد الأب فلتس على أن هناك حاجة إلى التزام كبير من قِبل الجميع كي يصغي أقوياء العالم إلى صرخاتنا وإلى بكاء الأعداد الكبيرة من الأطفال وليقرروا فرض وقف فوري لإطلاق النار.
هذا وقد اختُتمت مسيرة أسيزي للسلام بقداس إلهي في بازيليك القديس فرنسيس ترأسه حارس الدير المقدس الأب ماركو موروني. وانطلق في عظته من قراءة اليوم من رسالة القديس بطرس الثانية: “غَيرَ أَنَّنا نَنتَظِرُ، كما وَعَدَ الله، سَمَواتٍ جَديدةً وأَرضًا جديدةً يُقيمُ فيها البِرّ. فاجتَهِدوا أَيُّها الأَحِبَّاء، وأَنتُم تَنتَظِرونَ هذه الأُمور، أَن تَكونوا لَدَيه لا دَنَسَ فيكُم ولا لَومَ علَيكم، لِتوجَدوا في سَلام” (٣، ١٤). ودعا حارس الدير المقدس إلى التساؤل إن كنا نفعل كل ما يمكن وماذا يمكننا أن نفعل كجماعة مؤمنين كي نوجد في سلام. وواصل محاولا، حسبما ذكر، تحديد طرق لالتزامنا كأفراد وكجماعة، كمؤمنين وأيضا كبشرية. وعاد في سياق حديثه إلى خبرةٍ وكلمات محدَّدة للقديس فرنسيس الأسيزي حين قال لأسقف أسيزي الذي أعرب عن قلقه أمام الحياة القاسية التي يعيشها الرهبان الفرنسيسكان إنه لو كانت لدينا خيور لكان علينا أن نملك الأسلحة للدفاع عن أنفسنا لأن الخلافات والشجار مصدرها الثراء، وكنا سنُحرم هكذا بأشكال كثيرة من أن نحب الله والقريب، ولهذا لا نريد أن نملك خيورا مادية في هذا العالم. وذكَّر الأب موروني بالتالي بأن النزاعات غالبا ما تكون ثمرة الرغبة في الاستحواذ والهيمنة.
طريق آخر أشار إليه حارس الدير المقدس هو طريق العدالة والسلام حيث يرتبط أحدهما بالآخر. وقال إن العدالة تعني ضمان أن يحصل كل شخص على ما هو ضروري لعيش حياة كريمة وآمنة. ثم لفت الأنظار إلى الفجوة الكبيرة في عالمنا بين الفقراء والأغنياء، وأكد أننا كمؤمنين لا يمكننا التقاعس أمام واجب أنسنة الأرض وضمان الحياة للجميع.
رباط آخر توقف عنده الأب موروني هو ذلك بين المحبة والحقيقة، فقال إن النزاعات غالبا ما تسببها وتغذيها أرض تملؤها الأكاذيب، وغالبا ما تُوجَّه الاتهامات إلى الآخر، من خلال التلاعب بالأنباء والإعلام، بكونه عدوا محتمَلا وذلك لاختلاف ثقافته أو دينه أو توجهه السياسي. وشدد بالتالي على ضرورة أن يأخذ البحث عن الحقيقة شكل فعل محبة حقيقي.
ثم كانت المغفرة طريقا آخر حسبما واصل حارس الدير المقدس فأشار إلى انتشار العنف والرغبة في الانتقام بينما يقترح علينا الرب مقياس المغفرة السامي كأسلوب وأفق وذلك من أجل استقبال الآخر. وأراد في عظته التمييز بين العيش في سلام وبناء السلام وقال إن تحمُّل الظلم وعدم الرد على مَن يمارس العنف ضدنا اليوم يمكن أن يكون وسيلة لبلوغ سلام دائم في المستقبل.