البابا فرنسيس يتحدث في تعليمه الذي كان يُفترض أن تتضمنه مقابلته العامة اليوم عن توجه المجوس للسجود للطفل يسوع

نشرت دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي التعليم الذي كان البابا فرنسيس قد أعده للمقابلة العامة مع المؤمنين اليوم الأربعاء والتي ألغيت لمواصلة قداسته تلقي العلاج في المستشفى.
كان يُفترض أن يُجري قداسة البابا فرنسيس اليوم الأربعاء ١٩ شباط فبراير مقابلته العامة مع المؤمنين مواصلا تعليمه، إلا أن المقابلة قد تمن إلغاؤها بسبب مواصلة الأب الأقدس تلقي العلاج في مستشفى جيميلي في روما. وقد نشرت دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي نص التعليم الذي كان البابا قد أعده لهذه المناسبة ويتمحور حول ما يسرده القديس متى الإنجيلي حول المجوس وتوجههم إلى رؤية الطفل يسوع: “فلمَّا سَمِعوا كَلامَ الَمِلكِ ذَهَبوا. وإِذا الَّنجْمُ الَّذي رأَوهُ في المَشرِقِ يَتَقَدَّمُهم حتَّى بَلَغَ المَكانَ الَّذي فيه الطِّفلُ فوَقفَ فَوقَه. فلمَّا أَبصَروا النَّجْمَ فَرِحوا فَرحاً عَظيماً جِدّاً. وَدخَلوا الَبيتَ فرأَوا الطِّفلَ مع أُمِّه مَريم. فجَثَوا له ساجِدين، ثُمَّ فتَحوا حَقائِبَهم وأَهْدَوا إِليه ذَهباً وبَخوراً ومُرّاً. (متى ٢، ٩ـ١١). وعلق الأب الأقدس على ما قام به المجوس مشيرا إلى انهم قد تأثروا برؤية النجم، وهذا أمر يرتبط في ثقافات كثيرة بميلاد شخصيات استثنائية، وهكذا قرر المجوس السير بدون معرفة وجهتهم بالضبط. وتوقف البابا فرنسيس عند كون هؤلاء الأشخاص أي المجوس لا ينتمون إلى شعب العهد وذكَّر قداسته بحديثه في التعليم السابق عن رعاة بيت لحم وكيف كان المجتمع يهمشهم، واليوم، تابع نص تعليم البابا اليوم، نجد فئة أخرى، الغرباء الذين يأتون للسجود لابن الله الذي أتى إلى العالم بشكل غير مسبوق. وأضاف الأب الأقدس أن الأناجيل تخبرنا بوضوح أن الفقراء والغرباء هم من بين أوائل المدعوين إلى لقاء الله الذي صار طفلا، مخلص العالم.
وواصل البابا فرنسيس تعليمه مشيرا إلى كون المجوس أشخاصا لا يتوقفون أبدا بل كانوا، ومثل المدعوين قي التاريخ البيبلي، يشعرون بالدعوة إلى التحرك والسير، إنهم أشخاص يعرفون كيف يتوجهون إلى ما هو أبعد من الذات وقادرون على النظر إلى الأعلى. وعاد قداسته هنا إلى نظر المجوس إلى النجم وسيرهم وصولا إلى أورشليم حيث التقوا الملك هيرودس، وكانوا من البساطة والثقة حتى أنهم سألوا حول المولود الجديد فشعر هيورودس بالخوف من أن يفقد عرشهن وهكذا دعا الكتبة ليستخبرهم عن مكان هذا المولود.
وتابع البابا فرنسيس مشيرا إلى أن سلطان هذا الملك الأرضي قد أبرز ضعفه، وواصل قداسته مذكرا بما جاء في الكتاب المقدس حول ما أخبر به الكتبة هيرودس حول مكان الطفل: “في بَيتَ لَحمِ اليَهودِيَّة، فقَد أُوحِيَ إِلى النَّبِيِّ فكَتب:((وأَنتِ يا بَيتَ لَحمُ، أَرضَ يَهوذا لَسْتِ أَصغَرَ وِلاياتِ يَهوذا فَمِنكِ يَخرُجُ الوالي الَّذي يَرْعى شَعْبي إِسرائيل”. وتوقف الأب الأقدس هنا عند ميلاد الطفل يسوع في بيت لحم الصغيرة لا في أورشليم، وأشار قداسته إلى ما كتب بولس الرسول في رسالته الأولى إلى أهل قورنتس “ولكِن ما كانَ في العالَمِ مِن حَماقة فذاكَ ما اختارَه اللهُ لِيُخزِيَ الحُكَماء، وما كانَ في العالَمِ مِن ضُعْف فذاكَ ما اختارَه اللهُ ليُخزِيَ ما كانَ قَوِيًّا” (١ قور ١، ١-٢٧).
وتابع البابا أن الكتبة رغم أنهم قادرون على تحديد المكان لا يتحركون، بل يرشدون الآخرين إلى الطريق، وأضاف مشددا على ضرورة أن تجعلنا معرفة النصوص المقدسة ندعها تحركنا في الداخل وأن تقودنا كي نسمح لكلمة الله بأن تعيد إنعاش التطلع إلى البحث، وتوقد الرغبة في رؤية الله. ثم عاد قداسته إلى هيرودس الملك فقال فأنه سرًّا، وكما يفعل مَن يطبعهم الخداع والعنف، يسأل المجوس عن لحظة ظهور النجم ويطلب منهم أن يواصلوا سيرهم ليعودوا إليه بعد ذلك ليخبروه كي يذهب هو أيضا ويسجد له. وكتب الأب الأقدس في تعليمه إن يسوع بالنسبة لمن يتشبث بالسلطة ليس الرجاء الذي يجب استقباله بل هو تهديد يجب القضاء عليه.
عاد الأب الأقدس بعد ذلك إلى سير المجوس مجددا حيث تَقدمهم النجم الذي رأوه وصولا إلى مكان يسوع، وقال البابا إن هذا علامة على أن الخليقة والكلمة النبوية يمثلان ما وصفها الأب الأقدس بالأبجدية التي يتكلم بها الله ويجعلنا نجده. وواصل مشيرا إلى فرح المجوس الكبير لدى رؤيتهم النجم وذلك لأن الروح القدس الذي يحرك قلب كل من يبحث عن الله بصدق يملأ هذه القلوب بالفرح. تحدث البابا فرنسيس بعد ذلك عن وصول المجوس البيت ودخوله حيث جثوا ساجدين ليسوع وقدموا له هداياهم الثمينة. وتساءل البابا هنا في نص التعليم عما رأى المجوس وعاد في إجابته إلى نص قديم جاء فيه إنهم قد رأوا جسما صغيرا تَجَسد فيه الكلمة لكن لم يَخفَ عليهم المجد الإلهي، رأوا طفلا صغيرا لكنهم سجدوا لله. وتابع الأب الأقدس أن المجوس قد أصبحوا هكذا المؤمنين الأوائل وسط الوثنيين وصورة للكنيسة المتحدة في كل اللغات والأمم.
وفي ختام تعليمه الأسبوعي الذي كان يُفترض أن يقدمه اليوم الأربعاء ١٩ شباط فبراير خلال المقابلة العامة مع المؤمنين، والذي نشرته دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي، دعا البابا فرنسيس إلى أن نتعلم من المجوس ونحاكي حجاج الرجاء هؤلاء والذين، وبشجاعة كبيرة، وجهوا خطواتهم وقلوبهم وخيورهم نحو مَن هو الرجاء لا فقط لإسرائيل بل لكل الشعوب. وتابع البابا: فلنتعلم أن نسجد لله في صغره، في ملوكيته التي لا تسحق بل تجعل الأشخاص أحرارا قادرين على الخدمة بكرامة، فلنقدم أجمل الهدايا كي نعرب له عن إيماننا ومحبتنا.