الندوة الثالثة لإطلاق *أحد كلمة الله* و*أسبوع الكتاب المقدس الثاني عشر* بعنوان *الرجاء لا يخيّب* في المركز الكاثوليكي للإعلام

عقدت في المركز الكاثوليكي للإعلام الندوة الثالثة لإطلاق “أحد كلمة الله” و”أسبوع الكتاب المقدس الثاني عشر 2025″ بعنوان “الرجاء لا يخيّب”، شارك فيها راعي أبرشية جبيل المارونية ورئيس الهيئة التنفيذية لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان المطران ميشال عون، النائب العام في الرهبانية المارونية المريمية ومنسّق الرابطة الكتابية في الشرق الأوسط الآباتي بيار نجم، وخبير ترجمة كتاب مقدس في الاتحاد العالمي لجمعيات الكتاب المقدس القس عيسى دياب، مدير المركز المونسنيور عبده أبو كسم والأمين العام لجمعية الكتاب المقدس مايك بسوس.
بعد الترحيب، أشار المونسنيور عبده أبو كسم إلى أن “الندوات الثلاث لإطلاق “أحد كلمة الله” و”أسبوع الكتاب المقدس الثاني عشر” تمحورت حول موضوع الرجاء في الكتاب المقدّس ونحن في سنة يوبيل الرجاء”.
وقال:”ناقشنا موضوعات كثيرة حملت إلينا فرح الانجيل والرجاء المسيحي النابع من الإنجيل وكيفية عيش هذا الرجاء في حياتنا المسيحية اليومية، ونتطلع إلى الأحد المقبل في 26 الحالي لافتتاح اسبوع الكتاب المقدس كي نعيش فرح الإنجيل في حياتنا”، مشددا على أن “الكتاب المقدس هو رجاؤنا”.
المطران عون
وبعدما ذكّر بسوس بأن نشاط “أحد كلمة الله” و”أسبوع الكتاب المقدس الثاني عشر” يقام تحت رعاية مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في لبنان وبالتعاون جمعية الكتاب المقدس والرابطة الكتابية في الشرق الأوسط، تحدث المطران ميشال عون عن أحد كلمة الله والرجاء فقال:”منذ أن أعلن قداسةُ البابا فرنسيس تخصيصَ الأحد الثالث من الزمن العادي بحسب الطقس اللاتينيّ والذي يوافق عندنا في الأحد الثالث بعد عيد الغطاس للاحتفال بكلمة الله، والكنيسة في لبنان تحتفل بهذا اليوم، وتُظهر من خلال هذا الاحتفال أهميةَ الكتاب المقدّس ودورَه في حياة الأفراد والجماعات المؤمنة. إن الاحتفالَ سنويًا بهذا الأحد المخصّص لـ “كلمة الله” يُعطي الكنيسةَ أن تعيشَ وقتًا مميّزًا وغنيًا تَعي فيه الجماعةُ المسيحيّة القيمةَ الكبيرة التي يجب أن تحتلَّها كلمةُ الله في حياتِها اليوميّة، ويسمح لها بأن تفهم أكثر فأكثر غنى هذه الكلمة الذي لا ينضُب، وترى فيها استمرارًا وتأوينًا للحوار المتواصل الذي يقيمه الله مع شعبه”.
وأشار الى ان “ما يُميّزُ هذه السنةَ كونَها سنةً يوبيليّة عاديّة أعلنها قداسةُ البابا تحت علامة الرجاء، وأطلقها في براءةٍ بابويّة عنوانُها “الرجاءُ لا يخيّب”، ودعا فيها المؤمنين إلى أن يحتفلوا بهذا اليوبيل كحجّاج الرجاء في روما أو في كنائسِهم الخاصة. فإذا كان الإنسانُ في عالم اليوم ينقصُه الرجاء بسبب ما يعانيه من حروبٍ ومشاكل وتحديات كبيرة، فهو لن يجدَ الرجاء الحقيقيّ إلاّ في جواب الله الذي يُعطيه للإنسان من خلال كلامه في الكتاب المقدّس”.
ولفت الى ان “كل كتاب المزامير يشهد على رغبةِ الإنسان بالتكلّم مع الله الخالق والمحرّر الذي يسير مع شعبه، ويشهد على الظمأ للأبديّة الذي يسكنُ قلبَ الإنسان والذي يدفعُه إلى أن يُخبرَ الله ويستودعَه كلَّ ما يعيش. فالإنسانُ يستديرُ نحو الله، ليس لأنه مجبرٌ على ذلك أو كمجرّد واجب، بل لأنه يرغبُ بذلك بحرية وبقوة. هذا الشوقُ يولَدُ من حريته ومن رغبته بالدخول في علاقة مع الله، وهو متأكّد من رغبة الله في أن يسمح له بالعثور عليه. إضافةً إلى ذلك، فالمزامير توثّق الثقة الخاصة بين الإنسان والله الذي “له آذان وله فم يتكلّم” بخلاف أوثان الأمم، وهي في جوهرها صلاةُ الإنسان الذي يحيا خبرةً عميقة وحميميّة مع الله. فسفرُ المزامير يشهد لنا كيف أصبحت الكلمةُ البشريّة كلمةَ الله الحقّة بعد أن تجلّت بالاتصال بأذُنِ الله الذي يستقبلُها”.
واعتبر أن “كل الصلوات التي بها يتوجّهُ الإنسانُ إلى الله، تُولَدُ من حالة معاناة الإنسان الذي يصلّي أو المعاناة التي تعيشُها كلُّ جماعة إسرائيل. إنها غالبًا تأملاتٌ في تاريخ الخلاص، وتوسلاتٌ تلتمسُ الغفران والتحرر والشفاء، وتترجّى المساعدة أو الانتقام من الأعداء. فالمزاميرُ هي التعبيرُ عن روح إسرائيل المتديّنة مُترجَمة في شعرٍ وصلاة. وهي كانت صلاةَ يسوع وهي صلاةُ التلاميذ في كل زمن”، وخلص إلى أن “الحقيقةَ المُحتفَل بها في المزامير هي اليقينُ بأمانة الله. هذه الأمانة، التي ترتبطُ بمحبة الله الحاضرة دائمًا في حياة الإنسان، تنمّي الرجاءَ في قلب المؤمن. فالله هو حضورٌ مُحبٌ ويبقى هكذا، حتى لو خُيّل للإنسان أنه بعيد”.
وختم:”نستعدُ للاحتفال الأحد المقبل بيوم كلمة الله راجين أن يزيدَنا هذا اليومُ تعلّقًا بالكتاب المقدس، وحُبًا له، وإيمانًا بكلام الله الذي ينقلُ إلينا الوعدَ الإلهيّ ليتحقّق في حياتنا، وهذا ما يُنمّي فينا الرجاءَ الذي لا يُخيّب في عالم ينقصُه هذا الرجاء”.
الأباتي نجم
من جهته تناول الأباتي نجم موضوع “لاهوت الرجاء المسيحي” فاعتبر أنه “جزء محوريّ من الإيمان المسيحي، يعكس رجاء المؤمنين في الله وفي تحقيق وعوده الخلاصيّة كما كشف عنها الله في الكتاب المقدس. يتمحور الرجاء المسيحي حول الثقة في أمانة الله، والخلاص الأبدي، والمستقبل الموعود في المسيح يسوع. فالرجاء المسيحي، وفقًا لتعليم الكنيسة الكاثوليكية، هو إحدى الفضائل اللاهوتية الثلاث “الإيمان، الرجاء، والمحبة”. يُعرَّف الرجاء بأنه الثقة الثابتة في وعود الله والاتكال عليه لتحقيق الخلاص الأبدي، إلى جانب الاعتماد على نعمته للوصول إلى الملكوت السماوي.
وتطرق الى مفهوم الرجاء المسيحي وتعليم الكنيسة عن الرجاء وأهمية الرجاء في حياة المؤمن الذي “يقود إلى السلام الداخلي والشجاعة في مواجهة الألم والموت، يُلهم العمل من أجل العدالة والمحبة في المجتمع كما يُعمّق العلاقة مع الله، إذ يوجه القلب نحو الرجاء في اللقاء به”، وشدد على ان “الرجاء المسيحي ليس مجرد شعور إنسانيّ عابر، بل هو فضيلة تُمارس بالإيمان والاتكال على محبة الله الأبوية”.
وختم معتبرا ان “الرجاء المسيحي ليس مجرد تفاؤل بشري، بل هو يقين وإيمان مستند على وعود الله الصادقة والمضمونة. إنه يرفع الإنسان فوق واقع العالم المليء بالألم والخطيئة، ويمنحه قوة وصبرًا ليثبت في طريق الإيمان”.
القس دياب
أما القس دياب فرأى إن “إيماننا بالمسيح يشكّل أساس رجائنا، وكلّما كان إيماننا أعمق، كلما كان مِن الصعب أنْ ينقلب الرجاء ويتحوّل إلى خيبة أمل”. وقال:” إن الرجاء الذي لا يخيب يعني أنّ الله أعطانا رجاءً يقوم ويبرز في وسط خيبة الأمل. لا يوجد هذا النوع مِن الرجاء في تجنُّب المعاناة، بل في العمل مِن خلالها. لأنّ المعاناة تحفّز فينا التشبّث بما نؤمن به، والمثابرة في تحقيقه؛ والمثابرة تنتج الشخصيّة؛ والشخصيّة تنتج الرجاء”.
ولفت الى أن “الرجاء المسيحيّ متجذّر في الإيمان بالخلاص الإلهيّ في المسيح”، وقال انه “مِن خلال علاقتنا مع الله، نتأكّد بأنّ الله خلقنا للخلاص والشهادة؛ والشهادة عن الله مرتبطة بالخلاص، فلا معنى لشهادة مَن لم يختبر خلاص الله”.
وشدد على “انّنا بحاجة إلى العودة إلى الكتاب المقدَّس لنفهم أنّ “الرجاء” الذي تكوَّن بفعل مشيئة الله، وقدرته، وإيماننا بالله، ورغبتنا في مشيئته، ليس هو نفسه “الأمل” الذي يتكوّن برغبتنا، وعملنا، وانتظارنا، لكن مِن دون الله”، وركز على أنّ “الرجاء المسيحيّ لا يخيب ولا يُخيِّب لأنّه انتظار لعمل الله في شعبه لتحقيق إرادته الخلاصيّة، ولأنّ إيماننا، الذي به نغلب العالَم، هو الأساس/الجوهر لهذا الرجاء، ولأنّ مَن وعد هو الله، وهو إله صالح وقدير وأمين”.
وختم:”رجاؤنا بلبنان القانون والعدالة وحفظ كرامة الإنسان والازدهار والسلام لن يخيب، ما دمنا نرجو عمل الله، ونكون أدواته لتحقيق هذه في لبنان. وما هذه الانفراجات التي ظهرَت في انتخاب رئيس، وتكليف رئيس حكومة، وقريبًا تأليف الحكومة إلّا تجليات للعناية الإلهية”.