تأملات لمدير التحرير في الدائرة الفاتيكانية للاتصالات لمناسبة مرور ألف يوم على الغزو الروسي لأوكرانيا.
ألف يوم تمر على بداية الحرب في أوكرانيا، أي منذ ٢٤ شباط فبراير ٢٠٢٢، مع قيام الجيش الروسي بالاعتداء على أوكرانيا وذلك بأمر من الرئيس فلاديمير بوتين. هذا ما ذكَّر به في مقال افتتاحي اليوم الاثنين ١٨ تشرين الثاني نوفمبر مدير التحرير في الدائرة الفاتيكانية للاتصالات أندريا تورنييلي والذي تابع حديثه عن الأرقام فقال إن هناك عددا كبيرا لكنه غير دقيق من الموتى ما بين مدنيين وعسكريين، من ضحايا أبرياء من بينهم أطفال قُتلوا على الطرقات أو في المدارس أو حتى في منازلهم. هناك أيضا مئات الآلاف من الجرحى ومَن تعرضوا لإصابات أسفرت عن معاناتهم من إعاقات مدى الحياة، هذا إلى جانب عائلات كثيرة أصبحت بلا مسكن.
ألف يوم وبلد معذب ومدمَّر، تابع مدير التحرير مضيفا أنه ما من شيء يمكنه تبرير هذه المأساة التي كان يمكن إيقافها في حال مراهنة الجميع على ما يصفها البابا فرنسيس بنماذج السلام بدلا من الاستسلام لحتمية مفترَضة للنزاع. وواصل تورنييلي متحدثا عن حرب، ومثل كل الحروب، ترافقها دائما مصالح في طليعتها مصلحة النشاط الذي لا يعرف أزمات ولم يتعرض لأزمات حتى خلال فترة الجائحة الأخيرة، أي إنتاج السلاح والإتجار به، وهو نشاط عالمي يشمل الشرق والغرب على حد سواء، كتب مدير التحرير.
وواصل أندريا تورنييلي أن بلوغ رقم الألف يوم الحزين هذا يُفترض أن يثير سؤالا واحدا: كيف يمكن إنهاء هذا النزاع؟ كيف يمكن التوصل إلى وقف لإطلاق النار ثم إلى سلام عادل؟ كيف يمكن إطلاق مفاوضات نزيهة، حسب وصف البابا فرنسيس، تؤدي إلى حلول وسط كريمة لإنهاء دوامة مأساوية تُهدد بإسقاطنا في هاوية حرب نووية؟ وتابع مدير التحرير أنه لا يمكن إنكار أن الدبلوماسية تبدو بلا حراك، بينما بصيص الرجاء الوحيد يبدو ذلك المرتبط بتصريحات الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي الجديد. إلا أن الهدنة ثم السلام كثمرة للتفاوض هما، بل بالأحرى يجب أن يكونا، الهدف الذي يتطلع إليه الجميع، ولا يجوز أن يكونا مرتبطَين بوعود زعيم واحد.
ما العمل إذًا؟ تساءل تورنييلي، كيف يمكن وخاصة لأوروبا التوصل إلى دور يتماشى مع تاريخها ويليق بزعماء فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية الذين أسسوا جماعة الأمم ضامنين عقودا من السلام والتعاون في القارة الأوروبية؟ وتابع مدير التحرير أن ما يُسمى بالغرب يهتم فقط باللهث الجنوني إلى التسلح وإلى تحالفات عسكرية تبدو بالية ومن مخلفات الحرب الباردة. على الغرب بالأحرى أن يفكر في العدد المتزايد للدول التي لا تقبل هذا النموذج. وواصل أن هناك دولا حافظت على علاقات رفيعة المستوى مع روسيا بل وحتى قامت بتعزيز هذه العلاقات. وتساءل مدير التحرير هنا لِم لا تُدْرس بعمق إمكانية العثور على حلول سلام متقاسَمة، لم لا يتم القيام بأفعال دبلوماسية وحوار متواصل من خلال تشاورات غير بيروقراطية بل مكثَّفة مع هذه الدول؟ وتابع أندريا تورنييلي طارحا سؤالا آخر، إن كانت الحكومات الأوروبية تجد صعوبة في السير على هذا الطريق فهل يمكن التفكير في دور أكبر للكنائس وللقادة الدينيين؟ وبغض النظر عن العلاقات الرسمية، والتي تراجعت بشكل كبير، فإنه يُنتظر من الدول التي تدعم أوكرانيا ماليا وعسكريا أن تبادر بشكل أكبر في الوقت عينه بالتحليل وتقديم الاقتراحات. هناك حاجة إلى فكر دولي يتمتع بالجرأة لاقتراح سبل ممكنة ومحدَّدة للوصول إلى حل، ولاقتراح صياغات سلام يقبلها الجميع.
وللقيام بهذا، كتب مدير التحرير في دائرة الاتصالات الفاتيكانية، وكما قال أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين في حديثه إلى وسائل الاتصالات الفاتيكانية، هناك حاجة إلى رجال دولة بعيدي النظر، قادرين على القيام بلفتات تواضع شجاعة، وعلى التفكير في خير شعوبهم. وختم أندريا تورنييلي أن هناك حاجة أيضا في هذ اليوم إلى أن ترفع الشعوب أصواتها للمطالبة بالسلام.