تحت رعاية وحضور بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية للأقباط الأرثوذكس، البابا تواضروس الثاني، احتفل مجلس كنائس الشرق الأوسط بمرور خمسين سنة على تأسيسه، وذلك في احتفاليّة أقيمت في المقر البابوي الجديد بالأنبا رويس في القاهرة.
وحضر الاحتفاليّة بطريرك الأقباط الكاثوليك إبراهيم إسحق، ورئيس الكنيسة الإنجيلية في مصر القس أندريه زكي، وأساقفة من مختلف الكنائس، والأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط الدكتور ميشال عبس، وأمين عام مجلس كنائس مصر القس يشوع أيوب، والأمناء الفخريين والمشاركين في المجلس، وعدد من الكهنة والقساوسة، الأخوات الراهبات، وفاعليات ومدعوين.
وأعرب البابا تواضروس الثاني عن سعادته بأن تحتضن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية هذا الحدث الهام. وشبّه مجلس كنائس الشرق الأوسط بالشجرة المغروسة التي تعطي ثمرها في حينها، وفقًا لما ورد في المزمور الأول، مشيدًا بما أنجزه المجلس عبر الخمسين سنة، لافتًا إلى أن الكنيسة القبطية في صلواتها الليتورجية تطلب قائلة: “لتنقض افتراقات الكنيسة”، و”لنصل إلى اتحاد الإيمان”.
وأكد البطريرك إسحق أنّ المجلس كان وما زال علامة رجاء في عصر تزداد فيه التحديات والحروب والضغوط التي تزيد من هجرة المسيحيين، مشيرًا إلى أنّ دور المجلس لا يقتصر فقط على الحوار المسكوني، إنما يفتح آفاقًا لتدريب خدام المستقبل عن طريق كليات اللاهوت. وقال: “أثمن كثيرًا دور مجلس كنائس الشرق الأوسط ليس فقط على المستوى المسكوني إنما على مستوى الحوار بين سائر الأديان، وهذا الحوار أساسي في مجتمعنا”، راجيًا أن يستمر عمل المجلس في بناء الجسور والتعايش السلمي.
أما القس أندريه زكي فأوضح أنّ المجلس لعب دورًا أساسيًّا بين الكنائس والأديان الأخرى في المنطقة، كما قام بالعديد من المبادرات خلال السنوات الخمسين في إطار حوار حقيقي واستعداد كامل للانفتاح، مشدّدًا على أنّ الحوار هو ضرورة أساسيّة لبناء السلام.
بيت للعمل بين الكنائس
وألقى الدكتور ميشال عبس كلمة قال فيها: “خلال نصف قرن من الزمن، الممتلئ بالكفاح والشهادة، كوّن مجلس كنائس الشرق الأوسط هوية متنوعة تنوع مكوناته وتنوع مقومات المنطقة التي نشأ فيها. لقد استطاع المجلس تحديد هوية له، تأثر بها المسيحيون في منطقة الشرق الأوسط. هو يعمل منذ نصف قرن، في مراحل دقيقة وخطرة، وقد فلح في إعادة تعريف هويته ودوره والتموضع في كل خطوة وكل مرحلة. هو يجسد روح وتطلعات الحركة المسكونية في مهد المسيحية، حيث وجدت الرسالة وانطلقت الى العالم”.
أضاف: “تم إنشاء هذا المجلس من قبل كنائس المنطقة لكي يشكل بيتًا للعمل بين الكنائس، وقد قام بالدور الذي انيط به منذ تأسيسه، والعنصر الرئيسي في هذا الدور هو التقارب بين الكنائس، أي تقريبها على جميع المستويات الممكنة. على صعيد آخر، لا بد للمراقب أن يلحظ ان المجلس يجيد اعادة التموضع بالنسبة الى الكنائس والهيئات التابعة لها، وهو في هذا السياق، يسعى دائما إلى خلق ميزة تفاضلية جديدة بالنسبة الى الكنائس كما بالنسبة الى المنظمات غير الحكومية أيضا. يشكل هذا الامر تحدّ يستجيب له المجلس، وهو بذلك، عملية مستمرة لأنها جزء من خصائص الحياة. اما بالنسبة الى علاقته مع غير المسيحيين في بيئة الشرق الأوسط، فقد شكل المجلس، وعلى الدوام، محاورا من قبل الكنائس مع غير المسيحيين، وقد كان وما يزال، في تفاعل مستدام و مع المجتمعات غير المسيحية”.
أما القس يشوع أيوب فأشار في كلمته إلى أنّ المجلس واجه العديد من التحديات، ورغم ذلك ما زال ثابتًا في رسالة النور والمحبة. وها نحن نحتفل بخمسين عامًا على تأسيسه، فلنتذكر نور المسيح أنه بيننا دائمًا، مثنيًا على التعاون القائم بين مجلس كنائس الشرق الأوسط ومجلس كنائس مصر.
في الختام، كانت كلمة لحضرة الدكتور جرجس صالح الأمين العام الفخري للمجلس تحدث فيها بإسهاب عن الشخصيات التي عملت على تأسيس مجلس كنائس الشرق الأوسط، من خلال تعزيز العمل المسكوني. وتضمن برنامج الاحتفال فيلمين وثائقين عن المجلس. كما أنشد كورال “مار مرقس” التابع لكنيسة القديس مار مرقس الرسول القبطية الأرثوذكسية بمصر الجديدة مجموعة من الترانيم بعنوان “ما أجمل أن نجتمع معًا”. كما تم عرض شرح مسهب عن شعار المجلس.