جمال الطبيعة والذي يفوقه الجمال الذي ينمو في الداخل من خلال المحبة المتبادلة، كان هذا من بين أهم ما تطرق إليه قداسة البابا فرنسيس خلال حديثه اليوم الأحد إلى مؤمني أبرشية فانيمو في بابوا غينيا الجديدة.
تَضَمن برنامج زيارة البابا فرنسيس الرسولية إلى بابوا غينيا الجديدة اليوم الأحد ٨ أيلول سبتمبر، وذلك بعد الظهر بالتوقيت المحلي، لقاء قداسته مع مؤمني أبرشية فانيمو وذلك في باحة كاتدرائية المدينة. وبدأ الأب الأقدس حديثه موجها التحية إلى الجميع كما شكر أسقف الأبرشية على َكلمته وخص بالذكر الأطفال، ووجه البابا الشكر أيضا إلى من تقاسموا شهاداتهم، وأكد فرحه للقاء الجميع في هذه الأرض الرائعة والشابة والإرسالية، قال قداسته. ثم تحدث البابا فرنسيس عن أن الرسالة في هذه الأرض لم تتوقف أبدا منذ منتصف القرن التاسع عشر حيث لم يتوقف الرهبان والراهبات ومعلمو التعليم المسيحي والمرسلون العلمانيون عن العظة بكلمة الله وتقديم المساعدات للأخوة من خلال العناية الرعوية والتعليم والخدمات الصحية وغيرها من مجالات، وواجهوا مصاعب غير قليلة كي يكونوا أدوات سلام ومحبة. وتابع الأب الأقدس أن المدارس والمستشفيات والمراكز الإرسالية تشهد على أن الله قد جاء ليحمل الخلاص إلى الجميع فينمو كل فرد بكل جماله من أجل الخير العام. وفي سياق الحديث عن الجمال قال الأب الأقدس للحضور إنهم خبراء جمال حيث هم محاطون بالجمال ويعيشون في أرض جميلة غنية بالتنوع. وتابع قداسته مشددا على أن الله قد أوكل إليهم هذا الثراء كعلامة وأداة وذلك كي يعيشوا هم أيضا بهذا الشكل، في تناغم معه ومع الأخوة وفي احترام للبيت المشترك وفي حراسة متبادلة.
وواصل البابا فرنسيس كلمته مشيرا إلى أننا حين ننظر حولنا نرى كم هو عذب المشهد الطبيعي، ولكننا حين نعود إلى أنفسنا ننتبه إلى أن هناك مشهدا أكثر جمالا، وتحدث بالتالي عما ينمو داخلنا حين نحب بعضنا بعضا، وذلك في إشارة إلى شهادة زوجين تحدثا في بداية اللقاء عن سر الزواج. وأضاف قداسة البابا أن هذه هي رسالتنا تحديدا، أن ننشر في كل مكان، من خلال محبة الله والأخوة، جمال إنجيل المسيح.
وعاد البابا فرنسيس مجددا إلى ما استمع إليه من شهادات متوقفا عند حديث البعض عن قيامهم برحلات طويلة من أجل بلوغ الجماعات البعيدة. وأشاد قداسته بهذا مشيرا إلى أهمية عدم ترك مَن يقومون بهذا بمفردهم بل أن يتلقوا الدعم من الجماعة كلها كي يتمكنوا من القيام بمهمتهم بشكل جيد، وذلك خاصة حين يكون عليهم التوفيق بين احتياجات الرسالة ومسؤولية العائلة. إلا أن هناك أسلوبا آخر يمكننا من خلاله أن نساعدهم، قال البابا، ألا وهو أن يعزز كل واحد منا إعلان الإنجيل حيثما يعيش، في البيت، في المدرسة، في مكان العمل، وذلك لأنه في كل مكان سواء في الغابات أو القرى أو المدن هناك وأمام جمال المشهد الطبيعي جمال جماعة يتبادل أعضاؤها المحبة كما علمنا يسوع حين قال “إذا أَحَبَّ بَعضُكُم بَعضاً عَرَف النَّاسُ جَميعاً أَنَّكُم تَلاميذي”. وتابع البابا فرنسيس أننا هكذا سنشكل أوركسترا قادرا بأنغامه على أن يلغي المواجهات ويهزم الانقسامات سواء على الأصعدة الشخصية أو العائلية أو القبلية، وعلى أن يزيل من قلوب الأشخاص الخوف والسحر وأن يوقف التصرفات المدمرة مثل العنف وعدم الأمانة والاستغلال وتعاطي الكحول والمخدرات، ووصف الأب الأقدس هذه بشرور تجعل الكثير من الأخوة والأخوات هنا أيضا سجناء وغير سعداء.
فلنتذكر أن المحبة هي أقوى من كل هذا، قال البابا فرنسيس، وأن جمالها يمكنه أن يداوي العالم وذلك لأن جذورها هي في الله. وتابع قداسته: فلندافع عن المحبة حتى وإن كان هذا سيكلفنا عدم فهم أو معارضة. وأضاف البابا أن هذا ما شهد له بكلماته وبمثله الطوباوي بيتر تو روت والذي وصفه الأب الأقدس بعريس وأب ومعلم وشهيد هذه الأرض والذي بذل حياته دفاعا عن وحدة العائلة أمام من أراد تدمير أساسها.
ومن بين ما أراد البابا فرنسيس الإشارة إليه حديث كثيرين ممن يأتون كسياح إلى هذا البلد عن انهم قد رأوا هنا الفردوس، وذلك في إشارة إلى المشاهد الطبيعية. أما نحن فنعلم، قال الأب الأقدس، أن هذا ليس الكنز الأكبر هنا، فهناك كنز آخر أجمل وأكثر جاذبية، في قلوبكم، كنز يَبرز في المحبة فيما بينكم. هذه هي العطية الأكثر قيمة التي يمكنكم أن تتقاسموها وأن تجعلوا الجميع يعرفونها، واصل قداسة البابا، وذلك لتشتهر بابوا غينا الجديدة لا فقط بتنوع نباتاتها وحيواناتها أو شواطئها الساحرة وبحرها الصافي، بل أيضا وقبل كل شيء بالأشخاص الصالحين الذين نلتقيهم هنا. ووجه الأب الأقدس حديثه هنا إلى الأطفال بشكل خاص بابتسامتهم المُعدية، قال قداسته، وفرحهم الغامر الذي ينتشر في كل الاتجاهات، وأضاف البابا: أنتم الصورة الأجمل التي يمكن لمن يغادر هذا البلد أن يحملها معه ويحتفظ بها في قلبه.
وفي ختام كلمته خلال لقائه مؤمني أبرشية فانيمو اليوم الأحد ٨ أيلول سبتمبر، في إطار زيارته الرسولية إلى بابوا غينيا الجديدة، شجع البابا فرنسيس الجميع على أن يُجمِّلوا بشكل أكبر دائما هذه الأرض السعيدة بحضورهم ككنيسة تحب. ثم بارك الأب الأقدس الجميع مؤكدا صلاته من أجلهم وسألهم أن يُصلوا هم أيضا من أجله.