البابا يعرب عن دعمه جهود البحث والإنقاذ في البحر المتوسط التي تقوم بها منظمة Mediterranea Saving Humans غير الحكومية

بعث البابا فرنسيس هذا السبت برسالة إلى الكاهن الإيطالي ماتّيا فيراري، مرشد المنظمة غير الحكومية المعروفة باسم Mediterranea Saving Humans التي تملك سفينة ملتزمة في عمليات البحث والإنقاذ في البحر المتوسط بالتعاون مع مؤسسة Migrantes التابعة لمجلس أساقفة إيطاليا.
استهل الحبر الأعظم رسالته معربا عن امتنانه للأب فيراري وأعضاء المنظمة على الجهود التي يقومون بها، ومنح بركته طاقم السفينة وقال إنه يصلي على نية الجميع، وشكر الكل على الشهادة التي يقدمونها من خلال إنقاذ أرواح المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط، وسأل الله القدير أن يغدق بركاته على الجميع.
مدينة تراباني الصقلية شكلت نقطة انطلاق بعثة البحث والإنقاذ التي بدأت يوم أمس الجمعة، وتقوم بها المنظمة غير الحكومية Mediterranea Saving Humans وهي منظمة تُعنى بالقضايا الإنسانية أُسست على يد لوكا كازاريني في العام ٢٠١٨ بهدف إنقاذ الرجال والنساء والأطفال الذين يعرضون حياتهم للخطر خلال عبورهم البحر الأبيض المتوسط باتجاه القارة الأوروبية.
هذه المهمة الأولى من نوعها للمنظمة نُظمت بالتعاون مع مؤسسة Migrantes التابعة لمجلس أساقفة إيطاليا وتُعنى بمساعدة المهاجرين، وبفضل دعم الأساقفة تحظى السفينة بمرافقة مركب آخر يُقل عدداً من المتطوعين والأطباء والممرضين، بالإضافة إلى مترجم ومجموعة صغيرة من الصحفيين.
على هذا الموضوع علّق الأب فيراري قائلاً إن المركب المرافق يُقل أيضا مسؤولين في مؤسسة Migrantes من أبرشيتي فانو وكالتانيسيتا، وأوضح أن هذا المشروع أبصر النور بفضل التعاون القائم منذ سنوات بين المنظمة الإيطالية غير الحكومية والكنيسة الكاثوليكية، والذي يرتكز إلى علاقات على مختلف المستويات، من الرعايا وصولا إلى الأبرشيات، وأيضا على صعيد الكنيسة الجامعة.
وأكد الكاهن الإيطالي أن هذا التعاون الثنائي يشمل شخصيات كنسية وأشخاصاً من ذوي الإرادة الصالحة، ينتمون إلى مجتمعات وثقافات مختلفة، يوحدهم شيء واحد ألا وهو المحبة العميقة تجاه الأخوة والأخوات المهاجرين، هذه المحبة النابعة من الأعماق والتي يتحدث عنها الإنجيل. وأضاف أن هذا التضامن يتحقق أيضا من خلال عمليات البحث والإنقاذ في البحر، إنقاذ الأشخاص المهاجرين الذين يواجهون خطر الموت غرقا. ولفت إلى أنه بهذه الطريقة تُجسد الأخوة الكونية التي لا ينبغي أن تبقى قيمة مجردة، إذ لا بد أن تُطبق على الصعيد العملي من خلال أجسادنا وحياتنا وعلاقاتنا. ومن هذا المنطلق أكد أن العمل في البحر يهدف إلى كسر جدار الرياء واللامبالاة، من أجل إيقاظ الضمائر، لأن انتباه المجتمع مشتت ولا يسعنا القبول باستمرار هذه المآسي وأن نكون متواطئين في حدوثها.
مع أن هذه هي المهمة الأولى المشتركة بين المنظمة غير الحكومية Mediterranea Saving Humans ومؤسسة Migrantes التابعة لمجلس أساقفة إيطاليا، إلا أن التعاون القائم بين الطرفين ليس جديداً، إذ يعود إلى سنوات خلت. وكان البابا فرنسيس قد التقى أعضاء من المنظمة في أكثر من مناسبة وعبّر لهم علناً عن دعمه للنشاط الذي يقومون به. في العام ٢٠١٩ وضع في القصر الرسولي بالفاتيكان صليباً توجد عليه سترة نجاة قدمتها المنظمة هدية إلى الحبر الأعظم. هذا وقد عبر أيضا العديد من الأساقفة الإيطاليين عن تأييدهم للجهود المبذولة من قبل Mediterranea Saving Humans والتي تتعاون بشكل وثيق مع الدائرة الفاتيكانية لخدمة التنمية البشرية المتكاملة.
وقبل الإبحار يوم أمس الجمعة قام أسقف أبرشية تراباني المطران بيترو ماريا فرانييلي بالصعود على متن المركب المرافق حيث بارك الجميع وقدم للطاقم هدية هي عبارة عن أيقونة كتبت خصيصا لهذه المناسبة. وقال سيادته في كلمة ألقاها للمناسبة إن هذه المهمة هي مهمة محبة تنبع مباشرة من الإنجيل. واعتبر أن التعاون القائم بين المنظمة غير الحكومية والكنيسة عليه أن يستمر وينمو، ليشمل أيضا ممثلين عن السلطات المدنية والعسكرية في إيطاليا على أمل أن يُنظر إلى البحر الأبيض المتوسط كجسر يجمع، لا كحاجز يفرق.
يُذكر أخيراً أنه وفقاً لإحصاءات منظمة الأمم المتحدة تبين أنه خلال العام ٢٠٢٣ وحده حاول أكثر من مائتين واثني عشر ألف مهاجر ولاجئ عبور البحر الأبيض المتوسط، منطلقين من الجزائر وليبيا وتونس. ومن بين هؤلاء ثلاثة آلاف تقريباً ماتوا غرقا في البحر، علما أن العديد من المراقبين يعتبرون أن العدد الفعلي للضحايا قد يكون أعلى من ذلك بكثير.