“معك”، اختيرت هذه الكلمة محور وشعار الحج الدولي لخدام المذبح إلى روما والذي تضَمن أمس الثلاثاء لقاء المشاركين فيه مع قداسة البابا فرنسيس في ساحة القديس بطرس. ومن هذه الكلمة البسيطة، “معك”، ذات المعاني الهامة انطلق الأب الأقدس في حديثه إلى الفتية والشباب.
التقى قداسة البابا فرنسيس في السادسة من مساء الثلاثاء ٣٠ تموز يوليو في ساحة القديس بطرس الفتية والشباب المشاركين في الحج الدولي إلى روما لخدام المذبح. ووجه الأب الأقدس في بداية كلمته إليهم التحية مشيرا إلى جمال ساحة القديس بطرس مضيفا إنها أكثر جمالا بحضورهم هذا، وشكرهم بالتالي على مجيئهم إلى روما في هذا الحج مذكرا بأنها المرة الأولى لبعضهم.
ثم توقف الأب الأقدس عند الموضوع محور هذه الدورة من حج خدام المذبح وشعارها، “معك”، فقال إنه شعار يختصر كل شيء في كلمة واحدة ويفسح المجال للبحث والعثور على المعاني الممكنة. وواصل البابا فرنسيس إن هذا التعبير، “معك”، يختزل سر حياتنا، سر المحبة. وأضاف قداسته إنه حين يتم الحبل بالكائن البشري في بطن أمه تقوم له الأم “لا تخف! فأنا معك”، إلا أن الأم ذاتها تشعر بهذا الكائن الصغير يقول لها “أنا معكِ”. وينطبق هذا على الأب أيضا ولكن بشكل مختلف، ذكر الأب الأقدس وأضاف قائلا للفتية والشباب إنه حين ينظر إليهم مجتمعين في الساحة يرى أن كلمة “معك” تتشبع بمعانٍ جديدة وإنه يريد أن يخبرهم بما يعتبرها أجمل هذه المعاني وأهمها.
وواصل البابا فرنسيس متحدثا ‘إلى المشاركين في حج خدام المذبح فقال إن خدمتهم لليتورجيا تجعله يرى أن البطل في هذا التعبير، “معك”، هو الله. وذكَّر هنا بكلمات يسوع: ” فَحَيثُما اجتَمَعَ اثنانِ أَو ثلاثةٌ بِاسمِي، كُنتُ هُناكَ بَينَهم” (متى ١٨، ٢٠). وأضاف الأب الأقدس أن هذا يحدث بالشكل الأكبر خلال القداس، في سر القربان الأقدس، فكلمة “معك” تصبح حضورا فعليا، حضورا ملموسا لله في جسد المسيح ودمه. إن الكاهن يرى هذا السر يتحقق كل يوم بين يديه، قال البابا فرنسيس، وأنتم أيضا ترون هذا خلال خدمتكم على المذبح. وتابع قداسته أننا حين ننال سر المناولة نختبر أن يسوع معنا روحيا وجسديا، يقول لنا “أنا معك” لا بالكلمات بل بتلك اللفتة، في فعل المحبة هذا أي الإفخارستيا. وأنت أيضا يمكنك بالمناولة أن تقول للرب يسوع “أنا معك”، قال قداسة البابا، يمكنك أن تقول هذا لا بالكلمات بل بقلبك وجسدك، بمحبتك. وواصل البابا أنه وتحديدا بفضل كون يسوع معنا يمكن لنا نحن أيضا أن نكون معه بالفعل.
توقف قداسة البابا بالتالي في حديثه إلى خدام المذبح عند ما يعتبرها النقطة الجوهرية حسبما ذكر، أي الـ “معك” التي يمكن أن نهبها نحن إلى الآخرين، قال قداسته. وتابع أن هكذا تتحقق وصية يسوع “أحبوا بعضكم بعضا كما أحببتكم”. ثم اضاف الأب الأقدس: إن حرستَ أنت خادم المذبح في قلبك وفي جسدك، ومثل مريم، سر الله الذي هو معك فستكون قادرا على أن تكون مع الآخرين وذلك بشكل جديد. أنت أيضا، وفقط بفضل يسوع، تابع البابا فرنسيس، يمكنك أن تقول للقريب “أنا معك”، لا بالكلمات بل بالأفعال واللفتات، بالقلب، بالقرب الملموس، وشدد البابا هنا على ضرورة تذكر هذا القرب الملموس والفعلي. يمكنك أن تبكي مع من يبكي وأن تفرح مع من يفرح، بدون إدانة وبدون أحكام مسبقة، بدون انغلاق أو استبعاد، قال الأب الاقدس، وأضاف: معك يا من لا أستلطفه، معك يا من تختلف عني، معك أيها الغريب، يا من أشعر بأنه لا يفهمني، يا من لا يأتي أبدا إلى الكنيسة، يا من تقول أنك لا تؤمن بالله.
وفي ختام كلمته إلى المشاركين في الحج الدولي لخدام المذبح الذين اجتمعوا في ساحة القديس بطرس مساء أمس الثلاثاء ٣٠ تموز يوليو شدد قداسة البابا فرنسيس على عظمة هذه الكلمة البسيطة، “معك”، ووجه الشكر إلى من اختار هذه الكلمة وإلى من أتوا إلى روما حجاجا لتقاسم فرح الانتماء إلى يسوع وكونهم خداما لمحبته، قال قداسته، خداما لقلبه الجريح الذي يشفي جراحنا ويخلصنا من الموت ويهبنا الحياة الأبدية.