الكاردينال بارولين يؤكد خلال لقائه الرئيس الأوكراني قرب قداسة البابا والعمل من أجل بلوغ سلام عادل ودائم

تَضَمن برنامج زيارة الكاردينال بارولين إلى أوكرانيا، والتي تُختتم اليوم الأربعاء، لقاء أمين السر مع الرئيس الأوكراني زيلنسكي حيث نقل نيافته قرب البابا فرنسيس وأكد العمل من أجل بلوغ سلام عادل ودائم. كما وزار الكاردينال في العاصمة كييف كاتدرائية القديسة صوفيا ومستشفى الأطفال الذي كان قد تعرض إلى القصف في بداية الشهر الجاري.
في إطار زيارته إلى أوكرانيا، حيث كان قداسة البابا فرنسيس قد أوفده ليترأس اختتام حج الكاثوليك اللاتين في أوكرانيا إلى مزار برديتشيف المريمي، التقى أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين صباح أمس الثلاثاء ٢٣ تموز يوليو الرئيس الأوكراني فلودومير زيلنسكي. وذكرت أمانة سر دولة حاضرة الفاتيكان أن الكاردينال بارولين قد أكد مجددا خلال اللقاء قرب قداسة البابا فرنسيس والعمل من أجل التوصل إلى حل عاجل ودائم للأزمة ومعاناة أوكرانيا. وأشارت أمانة السر من جهة أخرى على أن الرئيس الأوكراني قد منح الكاردينال بارلين وسم استحقاق كتكريم شرفي وطني.
هذا ومن بين ما تَضَمنه برنامج زيارة أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان زيارته أمس الثلاثاء مستشفى أوخماديت للأطفال في العاصمة كييف والذي كان قد أصابه في ٨ من الشهر صاروخ روسي. وشملت الزيارة تحية الكاردينال بييترو بارولين للمرضى الصغار وعائلاتهم وللأطباء والممرضين والعاملين في المستشفى. هذا وكان القصف الذي تعرض له هذا المستشفى قد أسفر عن مقتل شخصين وإصابة ٨٥ شخصا بجراح، وكان هناك في المستشفى لحظة القصف ٦٢٧ طفلا، كما ودمَّر الصاروخ قسمَي الجراحة والعناية المكثفة ومختبر أمراض الدم والأورام، وهو الوحيد في أوكرانيا، هذا إلى جانب تضرر أقسام أخرى من المستشفى. وقد عمل مستشفى الأطفال في كييف، وهو الأكبر في أوكرانيا، على تسريع التمكن من العودة إلى نشاطه نظرا لتميز ما يقوم به من عمل على الصعيد الوطني.
هذا وكان في استقبال الكاردينال بارولين في المستشفى وزير الصحة الأوكراني فيكتور لياشكو والمدير العام للمستشفى فلودومير جوفنير الذي عرَّف أمين السر بنشاط المستشفى وما تعرض له من تضرر بسبب القصف المذكور. وشجع الكاردينال بارولين حلال الزيارة أقارب المرضى الصغار، والذين تحدث إلى بعضهم، كما وشكر العاملين في المستشفى وتحدث مع إدارتها عن التعاون مع مستشفى الطفل يسوع للأطفال في روما.
وفي اليوم ذاته وعقب انتهاء زيارته إلى المستشفى توجه أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان إلى المُجمع المتحفي لكاتدرائية القديسة صوفيا في العاصمة كييف وكانت في استقباله مديرة المُجمع السيدة نيليا كوكوفالسكا. هذا وقد أصبحت هذه الكاتدرائية، التي بدأ تأسيسها سنة ١٠٣٧، بقبتها الذهبية والخضراء، رمزا للعاصمة الأوكرانية ولوحدة البلاد، وقد تعرضت على مر القرون إلى هجمات وعمليات سطو وأيضا إلى حرائق. ويستضيف المُجمع المتحفي التابع للكاتدرائية والذي تشرف عليه الدولة أحداثا دينية مثل لقاءات الصلاة المشتركة بين الأديان خلال الاحتفالات والأعياد الرسمية. هذا وتجدر الإشارة إلى أنه وأمام النزاع الدائر حاليا قد قررت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، يونسكو، في شهر أيلول سبتمبر المنصرم إدراج كلٍّ من كاتدرائية القديسة صوفيا في كييف ومركز القرون الوسطى في لفيف في قائمة التراث العالمي للإنسانية.
هذا وقد تعددت تعليقات وتصريحات أمين السر خلال أيام زيارته إلى أوكرانيا وأمام ما شاهد وما تعرَّف عليه. وتوقف بشكل خاص عند ضرورة التوصل إلى ما يسمح بإطلاق مسيرة سلام، كما وحذر من خطر أن يتحول هذا النزاع إلى مجرد أنباء يومية. وتطرق في مداخلاته إلى أهمية العمل الدبلوماسي كما وتوقف عند الجانب الإنساني، وتحدث هنا عن أمة تحمل منذ سنتين ونصف على جسدها جرحا ستحتاج مداواته إلى فترة زمنية طويلة.
وفي حديث إلى موقع فاتيكان نيوز قبل اختتام الزيارة اليوم الأربعاء ٢٤ تموز يوليو بقليل أشار الكاردينال بييترو بارولين إلى ما لمس من ألم، وتحدث عن مشاعر حزن يصعب وصفها نقلتها إليه اللقاءات العديدة مع الأشخاص. وأشار على سبيل المثال إلى العجز عن العثور على كلمات أمام ما لمس خلال لقائه أمًّا فقدت ابنا في الخامسة والعشرين من العمر. كما وتوقف عند ما وصفها بمأساة أعداد كبيرة من الضحايا الذين لم يتم العثور على جثثهم، وشدد في هذا السياق على أن الواجب الإنساني والحس المسيحي يفرضان علينا توفير إمكانية دفن كريم للموتى. تحدث أمين السر أيضا عن الأعداد الكبيرة من الجرحى ومشوهي الحرب ومَن أصيبوا بإعاقات، وقال إن الحرب قد تركت آثارها الكريهة في حياة المجتمع وجسده.
وتابع الكاردينال بييترو بارولين خلال الحديث إلى موقع فاتيكان نيوز مشيرا إلى ما يعتبرها الرسالة الأساسية لأيام زيارته هذه إلى أوكرانيا، وتحدث بالتالي عن ضرورة إبقاء انتباه الجماعة الدولية حيا إزاء الحرب، وألا يصبح هذا نزاعا منسيا آخر. ثم توقف أمين السر عند ضرورة مواصلة توفير المساعدات الإنسانية للشعب الأوكراني ثم انتقل إلى الحديث عن العمل الدبلوماسي فدعا إلى ضرورة ان يتحلى هذا النشاط بالإبداع من أجل التوصل إلى ما يمكنه أن يساهم في إطلاق مسيرة سلام. وأضاف هنا أن انطباعه هو أننا حاليا لا نزال بعيدين عن حل تفاوضي. وأشار في هذا السياق إلى ما وصفها بمنصة السلام للرئيس الأوكراني زيلنسكي مضيفا أن الكرسي الرسولي قد دعمها منذ البداية باعتبارها محاولة سلام يمكنها أن تساعد بشكل، وذلك مع إدراكنا، حسبما قال أمين السر، لضعفها وذلك لأنها لم تُشرك روسيا. وشدد الكاردينال بارولين على أنه من البديهي من أجل بلوغ السلام أن يشترك الطرفان المتنازعان. ثم كرر انطباعه بأننا لا نزال بعيدين عن حل تفاوضي وأعرب عن الرجاء في التوصل إلى أشكال أخرى يمكنها أن تقدم بارقة أمل.