ترأس رئيس اساقفة طرابلس وسائر الشمال للروم الملكيين الكاثوليك المطران ادوار ضاهر، قداسا احتفاليا، في كنيسة مار الياس الغيور في شكا، لمناسبة عيد مار الياس شفيع الكنيسة، عاونه الأرشمندريت الياس بستاني، خادم الرعية الأب باسيليوس غفري، والاباء فادي منصور، يوحنا الحاج وزياد بيطار، وخدم القداس جوقة البطريركية المنشأ بقيادة المرنم الدكتور الان اسطا.
شارك في القداس رئيس بلدية شكا فرج الله كفوري، عضو المكتب السياسي في حزب الكتائب ارز فدعوس، المختارة لودي عبود والمختار شليطا عازار ورئيس دائرة النفوس في الكورة مارلو كفوري وكاتب العدل الاستاذ درويش كرم الى ممثلين عن أحزاب وتيارات سياسية وهيئات اجتماعية واقتصادية وتربوية ورؤساء جمعيات وأندية، اضافة الى مخاتير ورؤساء، واخويات فرع شكا للروم الملكيين الكاثوليك، وحشد من أبناء رعية شكا والابرشية.
بعد الانجيل المقدس، ألقى المطران ضاهر عظة رأى فيها “ان لبنان يحتضر والمواطنون يعانون من صعوبات جمة لاسيما من الفقر والعوز والاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والصحية، اضافة الى ان بديهيات الحياة اصبحت مفقودة، داعيا المسؤولين الى تحمل مسؤولياتهم وانتخاب رئيس للجمهورية لتستقيم الامور ويعيش الناس بسلام وامان، وقال:” نعيّد اليوم معا للنبي إيليا الغيور، شفيع هذا الكنيسة المقدسة وهذه الرعية المباركة، وهي مناسبةٌ عزيزة على قلوبنا جميعا لأتقدّم بالمعايدة القلبية من جميع أبناءِ وبناتِ هذه الرعية المباركة وجميع الحاضرين والمشتركين معنا في هذه الذبيحة الإلهية، وأتمنّاه عيدا مقدسا ومباركا للجميع. أيها الأحبّة، لي في هذه المناسبة كلمتان: كلمة المعايدة وكلمة أمثولة العيد”.
اضاف:” ما يهمُّنا من هذا الاحتفال هو أن نكون معا، رعيةً واحدةً متماسكةً وقوية، نشهد كما شهِد النبي ايليا للحق. فقد قاوم هذا النبي العظيم الدنيا كلَّها في سبيل الله، لأنّ المجتمعَ الذي عاش فيه ألحَدَ وعبدَ الأصنام، فقام وأعلن “أنّ الله حيّ” وليس أحدٌ مثلَه، لا ملوكَ ولا عظماءَ هذه الدنيا مثلُ إلهُنا. النبي ايليا قوّم إعوجاجَ الشعب الذي نسي تعاليمَ الله وراح يعبدُ آلهةً أخرى. هذا النبي، هو بطلُ الأمانةِ لله وهو النبيُ الجريء الثائرُ على آحابَ الملكِ المنحرف تحت تأثير زوجته نحو نسيانِ الله وانتحالٍ الوثنية. نسكَ أوَّلاً في البراري ثمَّ انطلق يواجه ويجابه ويوبِّخ على النفاق ويهدم رموزَ الوثنية. ويتعرَّضُ للملاحقة، فيَهيمُ في البراري هارباً من يد ذوي السلطان. لكنَّ الله َكان معه، يوجِّهُه ويقوتُه ويُشدِّدُ عزيمتَه، وفي الآخر يرفعُه إلى المجد. ويُميِّزه عن سائر الأنبياء، بالرغم من أنَّ نبوءتَه لم تُكتَب ورسالتُه لم تُسجَّل بل بَقيَتْ شفوية تتناقلُها الأجيال. وبقي ذكرُه حيَّاً في العهدين القديم والجديد واسمُه يتردَّد على فم الأنبياء وحتى على فم السيِّد المسيح نفسِه. ملاخيا النبي يقول: ” هاءنذا أُرسلُ إليكم إيليا النبي قبل أن يجيء يوم الربِّ العظيم الرهيب، فيردُّ قلوبَ الآباء إلى البنين وقلوبَ البنين إلى آبائهم “. ما الذي يمكن أن نتخذَه لحياتنا من هذا النبي؟ هيَّأ الرّبُّ إيليا لرسالته بالصمتِ والغيابِ عن العالم كلِّه: هكذا المعمدانُ، وهكذا المسيحُ نفسُه، وهكذا كلُّ حياةٍ رسولية: لا تنجح ولا تُثمِر ولا تستمر إلاَّ بالعودة إلى البريّة، إلى الصمت، إلى العمق. هناك الله ” يقولبُ ” رُسلَه كما يريد، ينفخُ فيهم روحَه على مهل، في الصمتِ والصلاة، يصنعُهم على مقاله: ” روحاً محيياً خلاَّقاً، مُغيِّراً، ويُحوِّلُهم إلى رجالٍ من نارٍ ونور “. وهناك يُشدّ الله رُسلَهُ إليه كمحورٍ وحيدٍ ووتتلاشى التعلُّقات الأخرى، فيشخصون إليه بكامل قواهم لا بجزءٍ يسيرٍ منها فقط. الخلوة في ” البريّة ” كانت ولا تزال مدرسةَ الأنبياءِ والمرسلين العظماء. الصلاةُ أمام الله في الخلوة تُرهِف الآذان لسماع همساتِ الروح بانقيادٍ تامٍّ. وتُكوِّنُ رجلَ الروحِ القادرِ أن يُحطِّمَ آلهةَ الأرضِ كما فعل إيليا، وأن يرفعَ الإنسانَ من بهيميّتِه إلى إنسانيته أوَّلاً ثمَّ إلى الله. في البريَّة المجهولة تطهَّرَ إيليا من كلِّ روابط العالم. لم يكن يهمه اللباس ولا الأكل ولا الشرب. حصرَ همَّه في الله. وحطَّم كلَّ الآلهةِ الكاذبة. في البريَّة أي في العزلةِ والنُسكِ والصلاة تدرَّبَ إيليا على محبّةِ الله فخرج إلى ميدان الرسالةِ حاملاً الله وحده: لا يمكنكم أن تعبدوا ربّين… الله والمال، الله وبليعال..هكذا المسيحية الحقيقية ليست مسيحية مهادنة كما يقول الرسولُ بولس ويُناشد: ” إلبسوا سلاح الله لتستطيعوا مقاومة مكايد إبليس فإنَّ مصارعتنا ليست ضدَّ اللحم والدم بل ضدَّ عالم الظلمة والأرواح الشريرة”.
وتابع: ” أتقدم بالمعايدة القلبية صاحب ومقيم هذا العيد عنيت به السيد درويش كرم وعقيلته السيدة دوللي والعائلة، متمنّياً لهم الصحة والعافية، والرحمة الإلهية لنفوس موتاهم ولاسيما المرحوم الياس كرم. كما أتوجّه بالمعايدة لكل من يحمل اسم النبي إيليا الغيّور أو يعيد هذا العيد المبارك. ويَهمُّني جدا ً أن أخصَّ بالشكر على مشاركتهم رئيس وأعضاء بلدية شكا والمخاتير المحترمين، وجميعَ الفاعليات الدينيةِ والقضائية والبلديةِ والنقابية والإختيارية والإجتماعيةِ والعسكريةِ والأمنيةِ والحزبية، ورجالَ الصحافةِ والإعلامِ، المقروءِ والمسموعِ والمرئي (بخاصةٍ محطة تيلي لوميار، نور سات التي تساهم في نشر البشرى إلى كلِّ المؤمينين في العالم). وشكري الخاص لكلِّ ضباطِ وعناصرِ الجيشِ اللبناني وقوى الأمن الداخلي والشرطة البلدية”.
وختم: ” لا يسعني إلا أن أوجّه كلمةَ شكرٍ خاصةً إلى جميع محبي جمال بيتك يارب، عنيت بهم المحسنين والخيّرين والأصدقاء، الذين قدموا من حياتهم، ومن وقتهم ومن مالهم لتصبح هذه الكنيسة مرتبة ولائقة لخدمة هيكل الله، والشكر موصولٌ إلى مختلفِ اللجان والهيئاتِ والأصدقاءِ الذين تولّوا بعفويةٍ وأريحيّةٍ، الشؤونَ التنظميّةِ والتكريميّة التي سبقت ورافقت هذا الإحتفال، وفي مقدّمتهم قدسَ الأب باسيليوس غفري العزيز كاهن الرعيّة الغيور مع لجنةِ الوقف، وجميعِ أبناءِ الرعية والحركاتِ الرسولية والأخوياتِ والشبيبةِ كما أشكر باسمكم جميعاً من كل القلب جوقة القديس استفانس المرنم بقيادة الدكتور ألان اسطا التي نقلتنا بأصوات ترنيمها إلى السماء. ولا بدّ لنا في هذه المناسبة، إلى أن نوجّه من بلدة شكا الأبيّة، صرخةَ رجاءٍ، ودعوةً ملحّةً إلى كلّ المسؤولين السياسيين والروحيين في لبنان، أن يتحمّلوا مسؤولياتهم تجاه مواطنيهم وأبنائهم وأطفالِهم، علّه يصل صوتَنا إلى آذانِهم وضمائرِهم فينتخبوا رئيساً للبلاد، لكي يَنعَمَ الناسُ بالسلامِ والهدوءِ والسكينةِ والإستقرار. من يسمع كلمة الله، يثبتُ في الحق والصدق، ويعيشُ في خيرات الرب”.
وخلال القداس كرس المطران ضاهر مجموعة من شبيبة وطلائع شكا.
وفي الختام، تقبل المطران ضاهر والاباء التهاني بالعيد من المشاركين.