عقدت رابطة كاريتاس لبنان جمعيّتها العمومية السنوية الأولى للعام 2024 في مقرّها الرئيسي في سن الفيل، شارك فيها المُشرِف على أعمال الرابطة في مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك المطران أنطوان بو نجم ممثلا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، مطران السريان الكاثوليك مار ماتياس شارل مراد ممثلا البطريرك مار أغناطيوس يوسف الثالث يونان، راعي أبرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون، رئيس الرابطة الأب ميشال عبود، نائب رئيس الرابطة الدكتور نيكولا الحجّار ممثلا بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي، والأساقفة والرّؤساء العامّون والرّئيسات العامّات ومن يمثلهم من مختلف الكنائس الكاثوليكية، الى جانب عائلة كاريتاس من أعضاء مجلس الادارة والمنتسبين الى الرابطة، رؤساء الأقاليم، المدراء والموظفون والشّبيبة المتطوّعون كافة، ومنسق كاريتاس الشرق الأوسط.
بو نجم
وقبيل افتتاح أعمال الجمعية، أُقيم قدّاس على نيّة عائلة كاريتاس احتفل به المطران بو نجم، الذي قال في عظته: “لقد شرّفني صاحب الغبطة بتكليفه إيايّ تمثيله في هذه الجمعية العمومية. وهذا القداس نقدّمه على نيّة رابطة كاريتاس وعلى نيّة كلّ المعنيّين في هذه الجمعية وفي الرابطة”.
أضاف: ” في ظلّ الظروف الصّعبة التي نمرّ بها اليوم، يسوع يقول لنا في الانجيل الذي سمعناه للتوّ: “طوبى لمن يسمع كلمة الله ويحفظها”. فدعونا نضع هذه الآية، إطاراً لهذه الجمعية المنعقدة اليوم، فنعيش ارادة اللّه في إدارة رابطة كاريتاس والجمعية العمومية، وفي حياتنا اليوم”، لافتاً الى أنّ ” الانسان يعيش دائما في صراعٍ داخليّ، بين إرادته وإرادة ربّه، إلّا أنّ تجارب الحياة تعلّمنا أنّ كلّ من يعيش بحسب إرادته يكون فاسداً، فالإنسان إمّا أن يكون مع الله ويعيش بسلام، وإمّا أن يكون فاسداً. فلا خيار وسطا أمامه”.
ودعا بو نجم عائلة كاريتاس لبنان وأعضاء الجمعية العمومية الى “أن نفهم أنّ عملنا في كاريتاس هو بمثابة رسالة يطلبها الرّبّ منّا. رسالة لا يمكن الهروب منها، وفي الوقت نفسه، لا يمكن أن نعيشها إلا ضمن ارادة الرّبّ. فجميعُنا يعرف أنّ رسالة كاريتاس ودورها يقتضي بالوقوف الى جانب الأشخاص الضّعفاء، المساكين، الموجوعين والمتروكين في مجتمع قاسٍ وبعيدٍ عن الرّبّ”.
وختم: “علينا أن نفكر سويًّا كيف يمكن أن نساعد أخوتنا المحتاجين أكثر فأكثر بعيدا عن المصالح الخاصة”، مشدّداً على أنّ “هذا هو المطلوب منّا، هذه هي ارادة الله وهذه هي رسالة كاريتاس”.
عبود
وبعد القدّاس، استُهلّت الجمعية بالنشيد الوطني ونشيد كاريتاس لبنان، ليفتتح الأب عبود الجمعية بكلمة قال فيها: ” ما وقفتنا هنا وكلامنا إليكم إلا من ناحية مسؤوليتنا كمجلس ادارة أن نعرض عليكم ونتشارك معكم واقع كاريتاس اليوم، ما نفّذناه وما نطمح الى تنفيذه “.
أضاف: ” نقول لكم بدايةً، إنّ كاريتاس بخير، والحمد للّه، على الرّغم من كل العواصف التي واجهناها خلال السنوات الماضية. وقد نجحت كاريتاس بفضل الله في مواجهة هذه الأزمة والاستمرار في عملها، حيث جذبت مشاريع كبيرة وأصبحت لاعباً أساسياً في المجتمع اللّبناني، وأيضا لاعباً أساسياً مع الجهات المانحة”.
وأكد عبود أنّ “كاريتاس تستمرّ في أداء رسالتها بكلّ أجهزتها وأقسامها، والذين ننحني أمام عطاءاتهم وتفانيهم كلٌّ بحسب الدور الذي يقوم به. وهنا أريد أن أشكر أصحاب السيادة والكهنة وكل الرهبانيات للتعاون الوثيق الذي يقومون به مع أغلبية الأقاليم. فباسم مجلس الادارة وأعضاء الجمعية العمومية، نشكر رؤساء الأقاليم والمكاتب والمرشدات الاجتماعيات والشبيبة.”
وعن دور شبيبة كاريتاس، رأى عبود أنّ “الشبيبة هي عصب الكنيسة والوطن وهي عصب كاريتاس. نشكر الله عليهم. أعمالهم تدلّ عليهم في لبنان وخارجه، وبالعلاقات التي شبكوها مع الجهات المانحة خارجا”.
وعن الادارة والشفافية في الرابطة، قال عبود:”اننا بداية، عملنا منذ سنوات ونعمل جاهدين أن نكمل ما بدأ به أسلافنا، وأن نطوّر ما لم تسنح لهم الفرصة على تطويره، وإنّما نسعى دائما أن نكون حسب المعيار العالمي للجمعيات من دون أن ننسى هويتنا. وعذرا اذا كنت أكرر ذلك في خطابات عدة لي داخل الجمعية العمومية، فنحن هنا لنتذكر أين نحن، والى أين نحن ذاهبون، من دون أن ننسى من أين أتينا وجودنا على المستوى العالمي في الادارة يكون بالتقييم الذي تقوم به الجمعيات العالمية”.
كما تطرّق عبود الى مسألة الرقابة والمساءلة في الرابطة فقال: “نعتبر كاريتاس محميّة لأنّها مراقَبة. بدايةً، منكم كجمعية عمومية. كاريتاس محمية أيضا من خلال التدقيق الخارجي، وأيضاً لدينا ما يُسمّى بالتقييم الداخلي الذي يراقب كل الأمور بكل جدية.”
أما عن الوضع المالي لكاريتاس، فقال عبود: “بدأت الأزمة الاقتصادية في 2019، وها نحن في 2024، بعد خمس سنوات، نكمل رسالتنا”، لافتا الى “أنّنا حاليا وخوفاً من الدخول بأزمة مرتقبة، أبلغنا غبطة البطريرك الراعي، كرئيس مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، أننا بدأنا في كاريتاس بتخفيف النفقات التشغيلية.”
كما تحدّث الأب عبود عن نشاط كاريتاس في الجنوب حالياً، لافتا الى أنّ “كاريتاس كانت حاضرة منذ بداية الأزمة. وقد أسّسنا ما يسمّى بقسم الطوارىء. تلقّينا الاتصالات والطلبات على الرقم الساخن 1633، وبدأنا بتوزيع المواد الغذائية التي وصلت إلينا، الى العائلات والأفراد النازحين. وفي سبيل مواجهة الأزمة، دعونا الى اجتماع طارىء في كاريتاس الدولية، مع كاريتاس الأردن وكاريتاس سوريا وكاريتاس اورشليم. إلا أنّ ما توصّلنا إليه هو أن لا تجاوب عالميا مع أزمة الجنوب، على اعتبار انه ليس في حالة حرب بل بصراع مسلّح، وأرسلت المساعدات الى غزة وغيرها. ومع ذلك، بادرت بعض الجهات المانحة الى تقديم مساعدات مالية لحوالى 400 عائلة لبنانية، وقد تولّت أقاليم الجنوب مهمة اختيار العائلات الأكثر حاجة والتي لم تتمكّن من مغادرة الجنوب.”
وعن علاقة كاريتاس بالجهات المانحة الدولية، قال: “الوضع الاقتصادي العالمي في أزمة وخصوصا من ناحية تمويل المشاريع الانسانية. لم تقطع اي جهة مانحة تواصلها ومشاريعها معنا، بل على العكس، اننا نستقطب مشاريع جديدة من مختلف الجمعيات، ولكن قيمة هذه المشاريع انخفضت، والسبب يعود الى الازمة الاقتصادية العالمية والى توجيه المساعدات الى أمكنة صراع اخرى مثل اوكرانيا وغزة وغيرها”.
وفي ما يتعلّق بمسألة النزوح السوري ومساعدة السوريين، شدّد عبود على أنّ “عملنا هو عمل انساني وانساني بحت، وكاريتاس تابعة الى البابا والفاتيكان الذي يأمرنا بمساعدة اللاجئين، من دون أن ننسى أن شبابنا اللبناني هو لاجىء أيضا في الخارج. ثانيا: لم يكن لنا يوما القرار لا بإدخال السوريين ولا بإخراجهم من لبنان. ثالثا: كل مساعدة للسوريين تأتي من خلال برامج خارجية فقط، وعندما تتوقّف البرامج الخارجية، تتوقّف المساعدة للسّوريّين. مع العلم أنّنا فرضنا على المانحين أن يستفيد اللّبنانيّون أيضا من هذه البرامج بعدما كانت مخصّصة حصرا للسوريين. في حين أنّ كل تمويل وكل مساعدة وكل هبة تأتي الى كاريتاس لبنان هي للبنانيّين فقط من دون أي استثناء.”
وتحدّث الأب عبود عن علاقة كاريتاس الجيدة بالاغتراب اللبناني، وشدّد على “أهمية الانفتاح الى الخارج والتواصل مع المغتربين اللبنانيين المقتدرين، وطلب مساعدتهم”، مؤكدا أن “مصدر تمويلنا الأساسي في كاريتاس لبنان هو العناية الإلهية”.
مجريات الجلسة
وبعد ذلك، صادق الحاضرون على محضر اجتماع الجمعية العمومية السّابق المنعقد بتاريخ 9 -11-2023.
ثم، عرض أمين السّرّ العام المحامي فادي كرم تقرير أعمال ونشاطات الرابطة عن الفترة الممتدة من 1-1-2023 لغاية 31-12- 2023.
من جهته، عرض أمين المال نديم نادر التقرير المالي والميزانية للسنة المالية المنتهية بتاريخ 31-12-2023. ليتمّ بعد ذلك عرض تقرير مدّقِق الحسابات الخارجي المتعلّق بالسّنة المالية 2023. وبعدها نوقشت التقارير المعروضة.
وفي ختام الجمعية، تم التصويت والمصادقة على تقرير الأعمال والنشاطات، البيانات المالية والميزانية وتقرير مدقّق الحسابات، وإعادة انتخاب شركةGrant Thornton للتدقيق الخارجي لسنة 2024.