الكاردينال لويس روفائيل ساكو
نعيش في هذه الايام الذكرى 16 لاستشهاد مطران الموصل بولس فرج رحو، الذي تم اختطافه في 29 شباط 2008 وأعلن عن استشهاده بالعثور على جثته يوم 13 اذار.
ذكرى تُجدد الألم والحزن في قلوبنا، بما آلت اليه الاوضاع في العراق بلد الامجاد والخيرات، وما تعرض له المسيحيون أهل الأرض الاُصلاء، من اعتداءات ممنهجة، علماً أنهم كانوا رياديين في بناء العراق وتنميّته.
من المؤسف ان الحكومات المتتالية وعَدَت بان تَكشف عن قَتَلَة المطران فرج وتُحاكمهم، لكنها لم تفعل شيئاً الى حد الآن، ما عدا الإعلام. وهكذا عن بقية حالات القتل: قتلة التشرينيين؛ وطبيبة التجميل رفيف الياسري؛ والباحث في الشؤون الأمنية والإستراتيجية هشام الهاشمي؛ والقائمة طويلة….، فضلاً عن حالات الإختطاف؛ والتعرّض لتهديدات المستقوين بالسلاح؛ وفرض الأتاوات؛ والاستحواذ على ممتلكات المسيحيين (25000 الف عقار)؛ وفاجعة الحمدانية؛ وسحب المراسيم من رجال الكنيسة بشكل يُخالف الدستور .
العراق بعد عشرين عاماً لم يعُد الى الوضع الطبيعي، والحكومة غير قادرة على إنصاف المظلومين وبخاصة المسيحيين، وفرض سلطة القانون والمحافظة على حقوقهم وكرامتهم، لذا لم يبقَ لديهم أي آفاق للسلام والأمان، فلجأوا الى الهجرة.
نحن ككنيسة قدَّمنا ولا نزال نقدم الكثير لبلدنا، من خدمة روحيّة وإنسانيّة وإغاثة الفقراء والمهجَّرين، ونواصل العمل على مدّ جسور المحبّة والتعاضد مع سائر المواطنين، وتعزيز جو من الألفة والأخوّة. أذكر في هذا السياق الزيارة التاريخيّة التي قام بها البابا فرنسيس للعراق (5-8 آذار 2021)، والتي شكَّلت محطة هامة في تاريخه، لكن عوض العرفان بالجميل، اُستهدِفنا في الصميم، عندما قام رئيس الجمهورية (الدكتور عبداللطيف رشيد) بسحب مراسيمنا التاريخية من دون مسوّغ دستوري وقانوني، انما إسترضاءً لفصيلٍ مسلَّح معروف مدعوم مسيطر على مقدَّرات المسيحيين.
بالرغم من الجراح، إيماننا يقودنا الى الرجاء الذي هو النور بمعناه الروحي، لذا سنبقى نحب بلدنا كما أحبَّه الشهيد المطران فرج رحو وكل شهدائنا الأبرار، ونُحبّ كنيستنا. ونستمر في عيش هذا الواقع بالصمود والصلاة والصبر.
يقيناً ان الظلم مهما طال لن يدوم، وان دماء شهدائنا هي بِذار إيمان جديدة لنا، وسياتي يوم الحساب، ويصرخ الله في وجه الظالم: “ماذا فعلت بأخيك؟” (تكوين 4/ 9).
نسأل الله ان ينجّي العراقيين من الأسوأ