استقبل غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي قبل ظهر اليوم الثلثاء 8 تشرين الأول 2024 في الصرح البطريركي في بكركي، النائبين مروان حمادة وراجي السعد موفدين من الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.
تحدث السعد بعد اللقاء وقال : “أتينا اليوم كلقاء ديمقراطي لاستكمال جولتنا والمشاروات والاتصالات، وهذا الصرح هو حجر الأساس في لبنان، لذا تحدثنا مع غبطته ووضعناه في صورة المشاروات الحاصلة. استمعنا الى رأيه واعربنا لغبطته اننا كلقاء ديمقراطي نشدد على ضرورة وقف الحرب وفصل جبهة غزة عن جبهة لبنان”.
وتابع السعد:” نقول أيضا أن هناط ضرورة ملحّة لانتخاب رئيس للجمهورية، ولممارسة ضغط على المجتمع الدولي من أجل وقف الحرب في لبنان، ومن هذا المنطلق نعتبر أن لدينا واجب وطني كلبنانيين وهو انتخاب رئيس للجمهورية وتطبيق القرارات 1559 و 1701، مؤكدا ان “ما يهم هو انتخاب رئيس للجمهورية، وهذا سبب اتصالاتنا ومشاوراتنا، ونعد اللبنانيين أن نستمر في هذه الجهود من أجل الوصول الى انتخاب الرئيس.”
ثم التقى غبطته رئيس مجلس الوزراء السابق فؤاد السنيورة على رأس وفد من لجنة متابعة إعلانات الأزهر ووثيقة الأخوة الإنسانية ضم كل من الدكاتؤة فارس سعيد، خالد قباني، انطوان مراد، انطوان قربان، حارس سليمان، النائب بلال الحشيمي، الوزير السابق طارق متري، والبروفسور انطوان مسرة وكان بحث في الوضاع المتطورة التي يشهدها لبنان امنيا وعسكريا وتأكيد على وجوب العمل لإنقاذ البلد من مصير قاتم.
واشار السنيورة بعد اللقاءالى انه”ربما قدر لبنان كوطن أن يتعرَّض لمحن كثيرة وأزمات وكوارث عديدة. وها هو اليوم يتعرَّض لمجموعة من أخطر تلك المحن والكوارث التي واجهها في تاريخه الحديث. لبنان اليوم يحترق، إنسانه يُقتل، شعبه يُهَجَّر، بنيانه يدمَّر، واقتصاده يخرّب، والعدو الإسرائيلي يمعن في إجرامه. ويجتاح أرض لبنان من البر والجو والبحر ويقتل الآمنين والعالم يتفرج غير مكترث لما يحصل او يتذرع بأنه لا يستطيع ان يضع حداً لهذا الاجرام المتمادي. لكن شعب لبنان الحريص على وحدة أبنائه وتعزيزسلمهم الأهلي، لن يستسلم لهذا القدر، وبالتالي لن نبقى متفرجين متألمين، ولن نسكُت على موت لبنان، بلد الرسالة السامية والفريدة للعيش المشترك. ولذا سنستمر في دفاعنا بكل عزم وصلابة، عن استقلال لبنان، وسيادته، وحرياته، وعروبته.”
وأضاف السنيورة: “لقد جئنا اليوم إلى هذا الصرح البطريركي التاريخي العريق لنؤكّد ولندعو إلى لم الشمل لإنقاذ لبنان، ولإطلاق صرخة مدوية في أرجاء لبنان كلّه ومع اشقائنا العرب وفي العالم أجمع، لنقول كفى، لبنان كان وسيبقى وطن الحق والحرية والحضارة والتسامح والاعتدال والانفتاح والأخوة الإنسانية. كما ولنقول للبنانيين جميعاً بأنّه قد آن الأوان ليقول الشعب اللبناني كلمته الواضحة والصريحة والمباشرة، ولينتفض على واقعه المؤلم الذي يعيشه منذ سنوات، وليفرض إرادته من أجل تحقيق هذا الإنقاذ الوطني عبر استعادة قراره الحر وعبر تعزيز دور دولته القادرة والعادلة.”
وقال السنيورة :”لقد كان اجتماعاً جيداً مع غبطة البطريرك. وإنّي، ومن هذا المنبر مع زملائي من أعضاء لجنة متابعة إعلانات الأزهر ووثيقة الأخوة الإنسانية، نتوجّه بالتعزية القلبية الحارة الى كل عائلات الشهداء، وإلى كل المصابين والجرحى جراء العدوان الاسرائيلي الهمجي الغاشم الذي يستهدف لبنان بأسره، ويستهدف كل اللبنانيين، والذي يصرّ على تدمير لبنان، والنيل من صيغته الفريدة ودولته ومؤسساته واقتصاده، وتشريد سكانه.”
ولفت السنيورة الى أنه جرى التأكيد مع صاحب الغبطة على الأمور التالية:
أولاً، الأولوية على أي شيء آخر هو العمل على إنقاذ لبنان الوطن والتطبيق الفوري لوقف إطلاق النار.
ثانياً، رفض اعتبار لبنان ساحة من ساحات القتال وتصفية الحسابات، ولذلك يجب الشروع فوراً بتطبيق القرار الدولي 1701 بجميع مندرجاته. فما عاد ممكناً أن يكون قرار لبنان مربوطاً بقرارات يتخذها آخرون من خارج لبنان وتنفيذاً لمصالحهم. ولذلك، وفي ظلّ استمرار عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فإنّه ينبغي على الحكومة اللبنانية، بوصفها المؤتمنة على السلطة التنفيذيّة الاضطلاع بمسؤولياتها كاملة في هذا المجال، بالتشاور والتضامن مع المجلس النيابي، ومع كل القوى الحيّة في لبنان، من أجل تعبئة جهود وطاقات الأشقاء العرب والأصدقاء الكثر في العالم، للإسهام في إنقاذ لبنان.
ثالثاً، الشروع فوراً في انتخاب رئيس جديد للجمهورية تقيّداً بأحكام الدستور، وبدون التذرع بعراقيل أو أعذار أو شروط، ودون الاعتداد بأي رهانات على أية متغيرات محلية أو إقليمية أو دولية ظرفية.
رابعاً، التأكيد على وحدة اللبنانيين، وعلى ضرورة احتضان بعضهم لبعضهم الآخر، ولاسيما في هذه المرحلة التي يسود فيها القلق عند اللبنانيين جميعاً، ولذا ينبغي التأكيد على عودة جميع اللبنانيين وكفريق واحد متضامن إلى ما تقتضيه مصلحتهم الواحدة ومصلحة لبنان، وذلك بشروط لبنان، وبشروط الدولة اللبنانية، وليس بشروط أي طرف آخر، وهذا يعني أن تعود الدولة لتمسك بالقرار الوطني، ولتكون صاحبة السلطة الواحدة والوحيدة على كامل التراب اللبناني.
خامساً، ضرورة احتضان النازحين اللبنانيين وإلى أن يعودوا إلى بلداتهم وقراهم ومساكنهم، والعمل على تقديم العناية الصحية والرعائية لهم، مع التأكيد والحرص على احترام الملكية الفردية، وبالتالي رفض أي نوع من أنواع التعديات.
سادساً، إنه، وفي خضم العدوان الإسرائيلي على لبنان، فقد تمنينا على غبطة البطريرك أن يُبادر مشكوراً بالتعاون والتنسيق مع جميع المرجعيات الروحية، بالدعوة إلى قمة روحية على نسق ما دعا إليه غبطة البطريرك صفير في العام 2006 خلال العدوان الغاشم الذي شنّه العدو الإسرائيلي آنذاك، وذلك للتأكيد على الوحدة الوطنية للبنانيين وتماسكهم، وعلى استقلال لبنان وسيادته، وحتمية استعادة سلطة الدولة اللبنانية الواحدة الموحدة على كل ربوع ومرافق لبنان.”
وقال:”ننتهز هذه المناسبة للتوجه بالشكر على المبادرات الطيبة التي عبّر عنها اللبنانيون في جميع المناطق اللبنانية، وفي احتضان بعضهم بعضاً وفي إغاثة النازحين، وكذلك للمبادرات الطيبة التي أبدتها العديد من الدول العربية من خلال البدء بتقديم الدعم السياسي والعون المادي والعيني. وأخصّ بالذكر المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر ودولة الكويت والمملكة الأردنية الهاشمية ومصر والعراق والجزائر، وكذلك الدولة الفرنسية وغيرها من الدول الصديقة كأول الغيث، متمناً على هذه الدول والكثير غيرها لتزخيم جهودها في نصرة لبنان من أجل وقف العدوان الإسرائيلي وتعزيز صمود لبنان، الذي أصبح بلداً منكوباً يستحق أن يقف أشقاؤه وأصدقائه معه ويهبّوا لمساعدته.”
وختم السنيورة ان “العنوان الأهم للقمة الروحية التي قد تعقد هو وقف اطلاق النار والتأكيد على وحدة اللبنانيين والاصرار على انتخاب رئيس للجمهورية”، معتبرا ان “لبنان يستحق المحاولة لناحية تطبيق القرارات الدولية مرارا وتكرارا من أجل أن يتحقق هذا الاجماع الوطني من أجل إنقاذ البلد.”
وبعد الظهر استقبل غبطته النائب فريد الخازن وجرى بحث لآخر التطورات على الساحة اللبنانية ومسألة وقف اطلاق النار وملف رئاسة الجمهورية.
وصرّح النائب الخازن بعد اللقاء، بأن لبنان يمر بمرحلة مصيرية وصعبة تتطلب وحدة وطنية على كافة المستويات، في ظل ما يشهده من حرب تدميرية وحشية. وأكد الخازن على الدور الأساسي الذي تلعبه البطريركية المارونية في حماية لبنان، مشددًا على دعمه للموقف الرسمي الذي يدعو إلى وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701 والقرارات الدولية التي تحمي لبنان، بالإضافة إلى إعادة تكوين المؤسسات الدستورية وتشكيل حكومة إنقاذ.
وأضاف الخازن أن خريطة الطريق التي طرحت هي مدخل للحل، معبّرًا عن وجود بعض الملاحظات على شكل اللقاء الذي جرى في عين التينة، لكنه وصف مضمونه بالجيد والوطني والوحدوي. كما أشار إلى أن البطريرك الراعي أعرب عن ارتياحه لنتائج هذا اللقاء، وأن الرئيس نجيب ميقاتي وضع غبطة البطريرك بجو اللقاء.
وتحدث الخازن عن أن لبنان واجه احتلالات خارجية، خصوصًا من قبل إسرائيل، لكنه استطاع تجاوزها والمضي قدمًا، مؤكدًا أن هذا البلد لم يخلق ليموت بل سيبقى بلد الرسالة. كما أعرب عن أمله في أن تكون المرحلة المقبلة أفضل مما هي عليه اليوم.
وختم الخازن بالقول إن البطريرك الراعي يشعر بالاستياء من استمرار الحرب ومن عدم انتخاب رئيس للجمهورية، مشددًا على أن بكركي لم تتراجع يومًا عن دورها في حماية لبنان، مشيرا الى المسؤولية الملقاة على عاتق المارونيين لناحية ترك البلد من دون رئيس لمدة سنتين.
كما استقبل البطريرك المجلس التنفيذي للرابطة المارونية برئاسة السفير الدكتور خليل كرم الذي قال بعد اللقاء:” زرنا صاحب الغبطة لنفضي إليه بهواجسنا ومخاوفنا من هذه الحرب التي فرضت علينا”.
اضاف:” اننا لا نزال بعيدين عن ادراك نهاية النفق.ونحن في الرابطة قررنا ان نساند إخوتنا الذين هجروا قسرا من الجنوب والبقاء وبيروت وتوزعوا على مراكز الإيواء في مختلف المناطق، لقد فتحنا حسابا خاصا لهذه الغاية لتلقي تبرعات المحسنين”.
وقال :”ان الرابطة تؤيد طروحات غبطته الوطنية ودعواته الدائمة للبنانيين للتلاقي تحت سقف الدستور وتحييد الوطن عن صراع المحاور الخارجية، وانتخاب رئيس للجمهورية يلتف من حوله اللبنانيون ويقول مسيرة الإنقاذ الفعلي للبلاد”.
وختم:” تدعو الرابطة إلى احترام ارادة الشعب اللبناني باستعادة الدولة قرار الحرب والسلم وفصل الساحة اللبنانية عن أي ساحة اخرى، كما تطالب بترك مسرح العمليات العسكرية للجيش اللبناني الذي هو درع الوطن ودرع اللبنانيين قاطبة”.
وكان قد زار الصرح البطريركي رئيس واعضاء غرفة التجارة العالمية.