في مقابلة مع موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني تحدث النائب العام على أبرشية بانغي في جمهورية أفريقيا الوسطى الأب ماتيو بوندوبو عن المستقبل الاقتصادي والسياسي والكنسي للبلاد، معربا عن امتنانه وفي الوقت نفسه قلقه حيال الاتفاقيات الحكومية بين روسيا والعديد من دول الساحل لتوفير الحبوب اللازمة من أجل دعم السكان المحليين، في وقت وجه فيه الكهنة دعوة للقيادة كي تعمل على ضمان الشفافية.
“أتمنى أن تنعم الأمة بأكملها بالسلام وأن تظل الكنيسة حارسة للمستقبل”. هذا هو الأمل الذي عبر عنه الأب ماتيو بوندوبو، كاهن رعية كاتدرائية بانغي والنائب العام على الأبرشية، في حديث مع موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني، من أجل مستقبل جمهورية أفريقيا الوسطى التي تحتاج إلى النمو وإلى بلوغ الاكتفاء الذاتي. رافقَ هذه الأمنية الامتنان من جهة، والقلق من جهة أخرى بشأن الاتفاقيات الحكومية التي وقعتها بعض دول الساحل مع روسيا من أجل الحصول على الحبوب اللازمة لسد احتياجات السكان.
قال الكاهن الأفريقي: “أناشد قادتنا: اتخذوا خيارات تساعد البلاد على التطور والاعتماد على نفسها. يجب أن نحقق الاستقلال بالمعنى الأعمق للكلمة”، وجاءت كلماته تعليقاً على التقدم العسكري والتجاري لروسيا في جمهورية أفريقيا الوسطى ومنطقة الساحل بصورة عامة، خصوصا بعد أن أرسلت روسيا شحنة من خمسين ألف طن من القمح إلى جمهورية إفريقيا الوسطى – حسبما أعلنت وزارة الخارجية الروسية – كجزء من القرارات المتعلقة بتمديد المساعدات الإنسانية إلى عدد من الدول الأفريقية، والتي تم تبنيها خلال القمة الروسية – الأفريقية الثانية التي عُقدت في سان بيترسبورغ في شهر تموز يوليو الماضي. وقد أُرسلت الشحنة على متن سفينتين وصلتا إلى ميناء دوالا بالكاميرون في الخامس والعشرين من كانون الثاني يناير الفائت. وقد توصلت بانغي وياوندي إلى اتفاق يقضي بطحن القمح في أراضي الكاميرون على أن يُنقل لاحقاً إلى جمهورية أفريقيا الوسطى. وقال بهذا الصدد الأب ماتيو: “بالنسبة لبلد يخرج من حرب، من الطبيعي أن يوقع على اتفاقيات تعاون مع دول أخرى لأنها تساعده على التطور، لذا فإن الحبوب الروسية هي موضع ترحيب. لكن دعونا نطرح سؤالا: ماذا وراء ذلك؟”
لم تخل كلمات الأب ماتيو من الحديث عن الحرب في جمهورية أفريقيا الوسطى والتي أدت إلى نزوح جماعي قسري لآلاف الأشخاص الذين ينتظرون الآن العودة إلى بلادهم، معرباً عن أمله بأن يتحقق هذا الأمر في القريب العاجل. وقال: “أرى كيف تعمل الحكومة وبعض المنظمات غير الحكومية بشكل جيد لتسهيل عودة هؤلاء اللاجئين” مؤكدا في الوقت نفسه على التزام الكنيسة في هذا المجال لصالح أولئك الذين أجبروا على مغادرة البلاد. وأضاف قائلا: “من الواضح أننا بحاجة إلى تهيئة الظروف للترحيب بهم، وإنشاء البنى اللازمة حتى يتمكنوا من إعادة إطلاق أنفسهم في الحياة الاجتماعية” على الرغم من وجود العديد من المناطق التي تُعتبر غير آمنة ويصعب الذهاب إليها. ولفت إلى أنه من الأفضل أن تتم العودة حيث يكون الأمن مضمونا للغاية، داعياً المؤسسات إلى العمل على دعم السلام في جميع أنحاء البلاد، وتوجه إلى مواطنيه قائلا لهم: “أطلب من إخوتي وأخواتي في جمهورية أفريقيا الوسطى أن يعيشوا الوحدة … ولتكن الكنيسة دائما حارسا يراقب عن بعد ويشير إلى الطريق الصحيح الذي يجب اتباعه”.
في سياق حديثه عن أوضاع الكنيسة في أفريقيا الوسطى، أعرب النائب العام على أبرشية بانغي عن ارتياحه مشيرا إلى أنه بعد مائة وثلاثين عاماً على بلوغ بشارة الإنجيل، هناك العديد من الشبان والشابات والعديد من الحركات والجماعات الذين يُظهرون روحانية حارة تساعد على عيش الإيمان بطريقة ديناميكية”. ولفت إلى إن الكنيسة المحلية مدعوة لأن تتعلم دائما، وقال: “نحن بحاجة إلى الخروج من عاداتنا لأنه في بعض الأحيان يجد أولئك الذين يقتربون من الإيمان كبالغين صعوبة في ترك كل شيء وراءهم”. وأمل في هذا السياق أن تلتزم الكنيسة في أفريقيا الوسطى، وكذلك على المستوى المدني، “بالنمو بشكل مستقل دون انتظار وصول المساعدات من مكان آخر، لافتا إلى أن هذه أيضا “مسألة نضج ومسؤولية” وهو تحد لا بد من التعامل معه”.
في الختام أشاد الأب ماتيو بالحوار الثمين بين الأديان الذي يُنظر إليه في البلاد بروح التضامن والضيافة، كما أنه يهيئ الأشخاص للانفتاح على الآخرين. وقال: “الحوار بين الأديان هو مساعدة كبيرة لنا: فمنذ الأزمة التي بدأت عام ٢٠١٣ وبدت كأنها دينية، ساعدنا الحوار على فهم أننا نكون أقوياء عندما نكون متحدين. من هنا لا بد من صب الاهتمام على ما يوحدنا والعمل معا بروح الرسالة العامة Fratelli Tutti”.