استقبل البابا فرنسيس صباح أمس الاثنين في الفاتيكان أعضاء لجنة التحكيم لجائزة زايد للأخوة الإنسانية لعام ٢٠٢٤، والتي تأسست عام ٢٠١٩ بعد التوقيع على وثيقة الأخوة الإنسانية في أبو ظبي من قبل الحبر الأعظم وإمام الأزهر أحمد الطيب. لمناسبة اللقاء أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع العميد الفخري لدائرة الكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساندري الذي يمثل الكرسي الرسولي داخل لجنة التحكيم، أكد خلالها أن الحوار هو الطريق الوحيد الذي يقود إلى بناء عالم أفضل.
الكاردينال الأرجنتيني – الإيطالي، الذي خدم الكرسي الرسولي في بعثات دبلوماسية عديدة، استهل حديثه لموقعنا لافتا إلى أنه كان حاضراً في العاصمة الإماراتية عندما وُقعت وثيقة الأخوة الإنسانية، وقال إن الوثيقة كانت نبوية وفتحت درباً جديدة من التفاهم والحوار. وأوضح نيافته أن البابا فرنسيس، وخلال لقائه بأعضاء لجنة التحكيم صباح أمس، سلط الضوء على أهمية وثيقة أبو ظبي وتأثيرها على الأخوة الكونية والحوار والسلام، وذكّر بأوضاع الحرب التي ما تزال تعيشها مناطق عدة حول العالم، من بينها صراعات اندلعت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وما تزال مستمرة لغاية اليوم. وأضاف: لقد عشنا كل السنوات الماضية ونحن نشهد حروباً تقع هنا وهناك، معتبرا أن إيجاد حل لهذه المأساة البشرية يتطلب العمل على بناء عالم من السلام والأخوة. وقال: إنها الدرب الوحيدة التي تسمح لنا بالقول إننا نعيش كأخوة في هذا العالم ونساعد بعضنا البعض. من هذا المنطلق، تابع نيافته، شاء الحبر الأعظم أن يشدد على أهمية الاستمرار في السعي إلى بناء عالم أفضل بواسطة الحوار.
بعدها لفت الكاردينال ساندري إلى أن إحدى أعضاء لجنة التحكيم، هي مديرة عامة سابقة لهيئة اليونيسكو، وهذا ما يعكس أهمية التربية في هذا الإطار. وذكّر نيافته بأن الحبر الأعظم شاء أيضا أن يسلط الضوء على قيمة التربية، كي لا يكون عالم الشبان خالياً من القيم، إذ ينبغي أن تقود قيم الحوار والأخوة خطوات الشباب في كل يوم من حياتهم. وبهذه الطريقة يتمكنون من النمو في التربية على السلام وإلا لن يكون هناك مستقبل للبشرية إذا ما استمرت في الحروب والانقسامات.
ردا على سؤال بشأن الرسالة التي يمكن أن توجهها اليوم جائزة زايد للأخوة الإنسانية إلى منطقة الشرق الأوسط، التي تشهد صراعا مأساوياً بين إسرائيل وحماس، مع العلم أنها أرض مقدسة بالنسبة للديانات التوحيدية الثلاث، قال الكاردينال ساندري إنها مدعوة إلى توجيه أنظار العالم نحو ما يجري في المنطقة، وهذا ما فعله أيضا البابا فرنسيس في أكثر من مناسبة، وخلال لقائه مع أعضاء لجنة التحكيم أيضا. ولفت نيافته إلى أن من يكسبون من الحروب هم من يصّنعون الأسلحة فقط. وأوضح أن الحبر الأعظم ذكّر بما تخلفه الحرب من دموع، وآلام ومخاوف ويأس خصوصا وسط الشبان. وذكّر أيضا ساندري بالكلمة التي ألقاها البابا في الذكرى الخامسة والسبعين لإنزال النورمندي، عام ٢٠١٩، عندما تحدث أمام قادة الدول عن مآسي الحروب. تماماً كالخطاب الذي ألقاه في الثاني من نوفمبر تشرين الثاني في المدافن الأمريكية في روما حيث احتفل بالقداس الإلهي. وتساءل الحبر الأعظم عن الفائدة من كل ذلك، وعن الإسهام الذي تقدمه الحروب زارعة الحقد والموت. وذكّر فرنسيس بالأمس بأنه بكى في تلك المناسبة أمام تلك المدافن.
لم تخلُ كلمات ساندري من الإشارة إلى عملية الترشيح لجائزة زايد للأخوة الإنسانية لهذا العام وقال إن الترشيحات كثيرة وثمة مبادرات رائعة تهدف إلى إنقاذ العالم من المرض والفقر والذل والاتجار بالبشر. ولفت نيافته في ختام حديثه لموقعنا إلى أن أعضاء لجنة التحكيم يريدون أن يجدوا بين تلك المبادرات نماذج لحياة ملموسة ليقولوا للأجيال الفتية: إذا أردتم أن تعيشوا حياة لها معنى، ولا تكون خالية من الأمل، فالطريق الواجب سلوكها تتمثل في اتباع الأشخاص والمنظمات الذين يقومون بأفعال عظيمة تصب في صالح الشخص البشري.
فيما يتعلق بالترشيحات لجائزة زايد للأخوة الإنسانية لهذا العام صرح المستشار محمد عبد السلام بأن عدد المرشحين ارتفع من أربعين تقريباً عام ٢٠١٩ ليصل إلى أكثر من مائة مرشح. وستُسلم الجائزة في الرابع من شباط فبراير المقبل في الذكرى السنوية الخامسة لتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية وتزامنا مع اليوم الدولي للأخوة الإنسانية الذي أطلقته الأمم المتحدة عام ٢٠٢٠.