مؤتمر *الإنسان والأرض* في البقاع: الشعب والأرض والدولة والكنيسة لحماية التنوع

عقد “المؤتمر المسيحي الدائم – إتحاد أورا” في مطرانية سيدة النجاة للروم الملكيين الكاثوليك في زحلة، مؤتمرا تحت عنوان “الإنسان والأرض”، برعاية وحضور مجلس أساقفة زحلة وحضور أساقفة بعلبك ودير الأحمر، وبمشاركة واسعة من مختلف الفعاليات الروحية والسياسية والحزبية والإدارية والنقابية والإقتصادية والتربوية والإجتماعية في البقاع، من مجلس أساقفة زحلة ورؤساء عامين ورئيسات عامات من مختلف الرهبانيات في البقاع، وزراء ونواب حاليين وسابقين، أحزاب، مدراء عامين، نقباء، رؤساء بلديات، رؤساء ومدراء جامعات، بالإضافة إلى أعضاء مكتب المؤتمر المسيحي الدائم ومنسقي ومقرري لجانه في مختلف أقضية البقاع.
وتميزت أجواء المؤتمر، بحسب البيان الختامي، ب”المصارحة والحوار الجدي البناء بين فعاليات البقاع على اختلاف انتماءاتهم وميادين عملهم، الذين التقوا حول هم واحد “حماية الإنسان والأرض لحماية الوجود والتنوع في لبنان”، كي يبقى هذا الوطن وطن الرسالة، والمحبة والشراكة، والتنوع والحرية”.
وكان المؤتمر المسيحي الدائم الذي يعمل منذ تأسيسه تحت شعار “إستنهاض تلاق وتعاون” قد دعا إلى “هذا المؤتمر واختار أرض البقاع العزيزة نقطة انطلاق لسلسلة مؤتمراته في المناطق، لما تختزنه هذه الأرض من طاقات، ولما ترزح تحته من معاناة ومخاطر”، وهذا ما ظهر في المداخلات وأجمع عليها جميع المشاركين”.
وشدد البيان الختامي على “ضرورة عودة النازحين السوريين الى بلادهم، ومعالجة قضية بيع الأراضي بشكل عشوائي ومشبوه”، ودعا الى “التشبث بالأرض والحفاظ على التنوع، وتعزيز وحدة الشعب والأرض والكنيسة”.
وناقش المؤتمر في جلسته الأولى بعنوان “عرض للواقع”، “قضية الأرض والحفاظ عليها والحفاظ على الإنسان فيها، وعرض بالتفاصيل والأرقام والتجارب واقع الأرض والوجود المسيحي فيها، وتوزيع ملكيتها وسبل معالجة التحديات والمخاطر التي تواجهها، من الإهمال والإشغال من قبل الغير إلى البيوعات العشوائية والمشبوهة وغير القانونية”.
وتضمنت الجلسة، “تقديم أول عرض من نوعه بالتفاصيل والأرقام لواقع ملكية الأراضي في البقاع، على صعيدي الأفراد والأوقاف ونسب توزعها بين المسيحيين والطوائف الأخرى الشريكة في الوطن. وتضمنت كذلك عرضا علميا بالأرقام لواقع البيوعات المشبوهة التي تجعل البقاعيين يخسرون أرضهم وديموغرافيتهم التاريخية، في خرق خطير لقانون تملك الأجانب، عسى ألا يكون مخططا ممنهجا ومدروسا. كما تضمنت الجلسة صرخات و تجارب معبرة من رؤساء بلديات وشخصيات موثوقة عن واقع خسارة الأرض بطرق عديدة، وبأساليب ملتوية في أحيان كثيرة، سواء من قبل لبنانيين أو أجانب.
الى ذلك، تضمنت الجلسة عرضا علميا حول ترشيد استثمار الأرض وشهادة حية لمشروع استثماري ناجح، للتأكيد على ان الحلول موجودة وإن كانت التحديات كبيرة وخطيرة.
ثانيا: في الجلسة الثانية للمؤتمر، ناقش المؤتمرون أسباب بيع الأرض ومواضيع الجلسة الأولى، وقدموا اقتراحات عملية لمشكلة خسارة الأرض. الى جانب مداخلات للحضور أغنت المؤتمر بالتجارب والمعلومات، وركزت على الأهمية القصوى لمعالجة هذا الموضوع وتدارك مخاطره”.
بعد المداولات، “تمت مناقشة التوصيات المتعلقة بالحلول المناسبة لموضوع الأرض وجرى تشكيل لجان عمل من الشخصيات المشاركة، وهي: لجنة استثمار الأرض، لجنة حماية الأرض، ولجنة معالجة البيوعات العشوائية، مهمتها متابعة تنفيذ التوصيات والعمل بكل الوسائل المشروعة من أجل حماية الأرض واستثمارها كما يجب من قبل أصحابها، مما يؤمن لهم الحياة الكريمة ويبعد عنهم شبح البيع والهجرة، فيتشبثوا بأرضهم ويعيدوا بناء قراهم ووطنهم على أساس الحقوق التي يسعى كثيرون إلى سلبهم إياها وهي: الحق بالوجود، الحق بالشراكة، والحق بالحرية”.
وأكد المجتمعون “ضرورة تضافر الطاقات وتشبيكها لمتابعة توصيات المؤتمر ومواكبة عمل اللجان المنبثقة عنه، ونوهوا بجهود المؤتمر المسيحي الدائم وسعيه إلى جمع ما فرقته الحسابات السياسية والمذهبية الضيقة، وتحقيق الوحدة الوطنية بخاصة المسيحية، المطلوبة والضرورية للحفاظ على الأرض والوجود، وشددوا على أهمية تعميم تجربة مؤتمر البقاع على جميع المناطق اللبنانية”.
ودعا المؤتمرون إلى “تطبيق نظام اللامركزية الموسعة كمنطلق لحل موضوع الأرض وتحقيق الإنماء المتوازن”، وأكدوا “ضرورة عودة النازحين السوريين الى بلادهم وتطبيق القوانين على من لا يستوفي شروط الإقامة”.
نداء
واطلق المؤتمر نداء يدعو إلى “الحفاظ على الأرض والتشبث بها كخشبة خلاص أساسية” جاء فيه: “خلاصنا وخلاص لبنان في التشبث بالأرض والحفاظ على التنوع، وتعزيز وحدة الشعب والأرض والكنيسة، لأن الشعب أمانتنا والأرض ضمانتنا والدولة أماننا والكنيسة راعيتنا، ومهما اشتدت المصاعب وعصفت الأزمات، فإننا أبناء الرجاء وأبناء هذه الأرض. فيها سنبقى ورجاؤنا لن يخيب. وأكبر دليل على ذلك صورة الوحدة المسيحية التي تجلت في هذا اللقاء الجامع، العابر للخلافات والإختلافات، المتطلع بعين الإيمان والأمل من زحلة والبقاع، إلى لبنان الغد الذي، من دون المسيحيين، لا يمكن له أن يكون”.