في الذكرى المئوية الثانية لوفاة البابا بيوس السابع، البابا فرنسيس يتحدث عن الشركة والشهادة والرحمة

كانت الشركة والشهادة والرحمة كقيم أساسية في حياة وعمل البابا بيوس السابع وكقيم أساسية لمسيراتنا الفردية والجماعية، محور الكلمة التي وجهها قداسة البابا فرنسيس اليوم إلى الحجاج القادمين من أبرشيات إيطالية لمناسبة الذكرى المئوية الثانية لوفاة خادم الله بيوس السابع.
لمناسبة الذكرى المائوية الثانية لوفاة البابا بيوس السابع استقبل البابا فرنسيس اليوم السبت حجاجا قادمين من أبرشيات تشيسينا – سارسينا، سافونا، إيمولا وتيفولي الإيطالية. ورحب الأب الأقدس في بداية كلمته بضيوفه الذين أتوا لتذكُّر هذا البابا خادم الله الذي توفي في ٢٠ أغسطس ١٨٢٣، والذي وصفه البابا فرنسيس بمثل كبير على الراعي الصالح الذي يبذل نفسه من أجل الخراف. وتابع الأب الأقدس أن بيوس السابع كان رجلا ذا ثقافة وتقوى كبيرتين وقد حافظ دائما، كراهب ثم أباتي وأسقف وبابا، على تكريس ذاته لله وللكنيسة مقدما أيضا تضحيات كبيرة. وأعطى البابا فرنسيس هنا مثلا ما وصفها باللحظة المأساوية التي احتُجز فيها بيسو السابع، فبنما كان هناك مَن يعرض عليه إمكانية الهروب من السجن مقابل تنازلات تتعلق بمسؤولياته الرعوية كان يجيب “لا يجوز، لا يمكنني، لا أريد”. وهكذا، واصل البابا فرنسيس، أكد مضحيا بحريته الشخصية ما وعد بعمله بمعونة الله في يوم انتخابه.
وانطلاقا من حياة البابا بيوس السابع أراد البابا فرنسيس التأمل مع ضيوفه في ثلاث قيم أساسية كان هذا البابا شاهدا لها، قيم هي اساسية أيضا بالنسبة لمسيراتنا الشخصية والجماعية، قال الأب الأقدس، ألا وهي الشركة والشهادة والرحمة.
وبدأ قداسة البابا بالحديث عن الشركة مذكرا بأن البابا بيوس السابع كان مناصرا ومدافعا في زمن انقسامات عنيفة. وأشار البابا فرنسيس هنا إلى ما أسفرت عنه الثورة الفرنسية وحملات نابوليون من اضطرابات وانقسامات سواء داخل شعب الله أو في علاقته مع العالم المحيط به، وهو ما وصفه الأب الأقدس بجراح جسدية وأخلاقية دامية. وبدلا من أن يتأثر البابا بيوس السابع بهذه الأوضاع تَمَكن بفضل مثابرته الهادئة والقوية من تحويل عنجهية مَن أراد عزله وإبعاده إلى فرصة لإطلاق رسالة أمانة ومحبة إزاء الكنيسة، رسالة أجاب عليها شعب الله بحماسة. وأسفر هذا، واصل البابا فرنسيس، عن جماعة أكثر فقرا على الصعيد المادي لكنها أكثر تلاحما وقوة ومصداقية على الصعيد الأخلاقي. وأضاف الأب الأقدس أن المثل الذي قدمه البابا بيوس السابع يحفزنا في زمننا، حتى مقابل بعض التضحيات، على أن نكون بناة وحدة في الكنيسة الجامعة وفي الكنيسة المحلية، في الرعايا والعائلات، وعلى إقامة شركة والعمل من أجل المصالحة وتعزيز السلام أمناء للحقيقة في المحبة.
وفي حديثه عن القيمة الثانية أي الشهادة قال الأب الأقدس إن البابا بيوس السابع، وديع الطباع، كان معلنا شجاعا للإنجيل وذلك بالكلمات وبالحياة. وذكَّر البابا فرنسيس بما قال البابا بيوس السابع في بداية حبريته للكرادلة حين شدد على حاجة الكنيسة إلى أن نقدم أمثلة جيدة كي يفهم الجميع أنه لا في الزهو بل في ازدراء الثراء، في الإنسانية والتواضع، الصبر والمحبة، وفي كل واجب كهنوتي تَبرز صورة خالقنا ويتم الحفاظ على البعد الأصيل للكنيسة. وواصل البابا فرنسيس أن البابا بيوس السابع قد حقق بالفعل تخيله هذا للنبوة المسيحية، وذلك بكرامة في كل الظروف، سواء على الصعيد الفردي أو على صعيد الكنيسة.
أما عن القيمة الثالثة أي الرحمة فقال البابا فرنسيس إن البابا بيوس السابع، ورغم العقبات التي واجهتها حبريته، قد ركز اهتمامه على المعوزين حيث أجرى بعض الإصلاحات وقدم عددا من المبادرات الاجتماعية الهامة والتي كانت جديدة في زمنه. وأعطى قداسة البابا بعض الأمثلة على هذه الإصلاحات والإجراءات، ومن بينها تلك التي أسفرت عن إلغاء بعض ميزات النبلاء وتحرير المزارعين الفقراء، وأيضا الإصلاحات الخاصة بالتعذيب وغيرها. كما وذكَّر البابا فرنسيس بالإرادة الرسولية التي أصدرها البابا بيوس السابع في ٦ تموز يوليو ١٨١٦ والتي تم بموجبها تأسيس قسم للجراحة في جامعة لا سابينسا في روما وذلك من أجل تحسين الخدمات الطبية وتشجيع الأبحاث. كما وأشار البابا فرنسيس إلى المحبة التي أبداها البابا بيوس السابع إزاء مضطهديه أيضا، فقد حاول، ورغم إدانته القاطعة لأخطائهم وظلمهم، إبقاء قناة حوار مفتوحة معهم. وفي المقام الأول كان يغفر لهم دائما، حتى أنه استضاف أقارب نابليون الذي كان قد أمر قبل سنوات قليلة بسجنه، كما وطلب أن يعامَل نابليون معاملة جيدة في السجن بعد هزيمته.
وفي ختام كلمته شدد البابا فرنسيس على القيم الكبيرة التي يدعونا إليها تذكُّر خادم الله بيوس السابع مثل محبة الحقيقة، الوحدة، الحوار، الاهتمام بالأخيرين، المغفرة والسعي بقوة إلى السلام. ودعا الأب الأقدس بالتالي إلى التأمل في هذه القيم وتبنيها والشهادة لها.