في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الأحد 28 تمّوز 2024، احتفل غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة الأحد العاشر بعد عيد العنصرة، وذلك على مذبح كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكي في الكرسي البطريركي، المتحف – بيروت. وخلال القداس، استنكر غبطته بأشدّ العبارات شاجباً الإساءة بحقّ قدسية الإيمان المسيحي في افتتاح الألعاب الأولمبية في باريس يوم الجمعة الماضي.
عاون غبطتَه في القداس الأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية وكاهن إرسالية العائلة المقدسة للمهجَّرين العراقيين في لبنان، والشمامسة، بحضور ومشاركة جمع من المؤمنين.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، أعرب غبطة البطريرك عن “الفرح بلقاء المؤمنين والاحتفال بالقداس في مقرّ الكرسي البطريركي”، مقدّماً إيّاه “ذبيحة شكر للرب على إتمام الزيارة الرسولية الثانية إلى أستراليا والأولى إلى نيوزيلندا في الأسابيع الأربعة الماضية، وخلالها قمنا بزيارة كنائسنا وإرسالياتنا في هذين البلدين البعيدين جداً، في الشرق الأقصى، ونشكر الله على عودتنا بالسلامة. كما نقدّم تحيّة الشكر والمحبّة إلى سيادة أخينا الزائر الرسولي وأبنائنا الكهنة والشمامسة والمؤمنين الذين شاركوا بشوق ومحبّة بنوية وبأعداد كبيرة في هذه الزيارة، ولا سيّما أولئك الذين تفانوا في الإعداد لها كي تأتي بالثمار المرجوّة”.
ونوّه غبطته إلى أنّه “في رسالة القديس مار بولس إلى أهل فيلبي، وفيلبي مدينة قائمة في اليونان، نستغرب أنّ بولس الذي احتمل الاضطهادات والعداوة حتّى الرجم، وحُكِم عليه بالموت، فاستشهد في سبيل الإيمان بالرب يسوع، يدعو الكنيسة الأولى في فيلبي إلى أن: “إفرحوا بالرب”، فنحن نبقى الشعب الذي يفرح بالرب رغم كلّ المحن والتحدّيات والصعوبات، لأنّ الرب هو المخلّص. نعم، بيننا وحولنا المشاكل الكثيرة، أكانت معيشية أو أمنية أو اجتماعية، وللأسف هنا في لبنان نعاني هذه الأزمة المخيفة، ومع ذلك نحن مدعوون كي نعيش الفرح، ونقدّم وننعش الآخرين بفرحنا، حتّى لا يستسلموا لما نسمّيه اليأس والتشكّي والتظلُّم، وهذا الأمر ليس مسيحياً، حتّى في خضمّ كلّ الأسباب التي تدعونا إلى الحزن والضيق والألم. وفي الإنجيل الذي سمعناه، يتطرّق الرب يسوع، ولو بشكل غير مباشر إلى الرياء، حتّى أنّ البعض من الرعاة والمؤمنين يعيشون كي يرضوا المجتمع أو روح العالم، إلا أنّ الرب يسوع يطلب منّا أن نسلّم قلوبنا وحياتنا كلّها له”.
وتناول غبطته ما حدث في افتتاح الألعاب الأولمبية في باريس يوم الجمعة الماضي، فقال: “لا بدّ أنّكم علمتم بما جرى خلال افتتاحية الأولمبياد في فرنسا من إساءة وامتهان تجاه الإيمان المسيحي، وهذا أمرٌ مخزٍ تماماً، أنّ بلداً مثل فرنسا التي كانت تُسمَّى الابنة البكر للكنيسة، تحصل فيها هذه السخرية بالإيمان المسيحي باسم الحرّية الجنسية والإعلامية والاجتماعية، فيتمّ تمثيل العشاء السرّي الأخير بهؤلاء الأشخاص الذين يريدون أن يفرضوا ذواتهم على المجتمع، وخاصّةً المجتمع المسيحي. هذه الصورة وهذا المشهد لم ينل من كرامة المسيحيين ويجرحهم في الصميم وحدهم فقط، بل أساء إلى الكثيرين في العالم، وها هي الأصوات تعلو بالاحتجاج على هؤلاء الأشخاص الذين يستهزئون بالإيمان المسيحي”.
وتابع غبطته كلامه في هذا الإطار قائلاً: “إنّنا نضمّ صوتنا إلى أصوات هؤلاء وسواهم، وفي مقدّمتهم مجلس أساقفة فرنسا، فنعلن الحقيقة على رؤوس الأشهاد، ونستنكر بأشدّ العبارات ونشجب هذا العمل الدنيء والمشين والحقير الذي يشكّل تعدّياً سافراً على قدسية الإيمان المسيحي. فلا يحقّ لأحد في العالم، أيّاً كان، أن يسخر ويتهجّم على مؤمنين آخرين. هذا العمل هو خرق فاضح للحرّية وللقيم الدينية والإنسانية والأخلاقية، ونحن نعاين بألم انتشار التهجّم والسخرية على الإيمان المسيحي، وللأسف الشديد، في أماكن عدّة حول العالم، لا سيّما في أوروبا الغربية”.
وختم غبطته موعظته ضارعاً “إلى الرب يسوع كي يحمي الكنيسة التي افتداها بسفك دمه الثمين في ذبيحته الكفّارية على الصليب وبموته وقيامته، وكي يقوّينا لنكون شهوداً للحقّ، معلنين على الدوام إنجيل الفرح والمحبّة والسلام، فننير العالم بتعاليمه، حتّى تحيا جميع الشعوب والأديان والمعتقدات باحترام متبادَل، بشفاعة أمّنا مريم العذراء وجميع القديسين والشهداء”.