” الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم: إِنَّ حَبَّةَ الحِنطَةِ الَّتي تَقَعُ في الأَرض، إِن لَم تَمُتْ تَبقَ وَحدَها. وإِذا ماتَت، أَخرَجَت ثَمَرًا كثيرًا.” (يو 12: 24)
معالي الدكتور هكتور حجّار، وزير الشؤون الإجتماعيّة في الدولة اللبنانيّة
سعادة السفيرة فرح برّي، القائم بالأعمال بالوكالة في السفارة اللبنانيّة في دولة قطر
Sua Eccellenza Signor Paolo Toschi
L’Ambasciatore d’Italia in Qatar
سفير دولة إيطاليا لدى دولة قطر
Monsieur Jean-Baptiste Faivre
Ambassadeur de France au Qatar
سفير جمهوريّة فرنسا لدى دولة قطر
Monsieur Francois Guillaume II,
Ambassadeur de Haiti au Qatar
سفير جمهوريّة هايتي لدى دولة قطر
الدكتور فادي جرجس، رئيس الهيئة الوطنيّة لحقوق الإنسان في لبنان
الأب حنّا الطيّار المريمي، رئيس مدرسة سيّدة اللويزة
حضرة الأب شربل مهنّا خادم رعيّة مار شربل في قطر
سعادة الاستاذة مريم ناصر الهِيل، مسؤول ملف الكنائس في دولة قطر
إخوتي وأخواتي الأعزّاء
يطيب لي أن أنقل إليكم معايدة وبركة غبطة أبينا البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي الكلّي الطوبى الذي كلّفني فشرّفني أن أكون معكم اليوم.
أودُّ أن أشكر سيادة المطران الدو Berardi من خلال الاب شربل مهنا المريميّ مع لجنة بناء كنيسة مار شربل في قطر، لدعوتي كي أكون معكم في هذا اليوم المبارك، الّذي تحتفلُ به الكنيسةُ جمعاءَ بعيدِ قدّيسِنا العظيم مار مارون، الّذي بسيرته وبشارته وخدمته ومحبّته للآخرين وتفانيه في طلب الربِّ في كلِّ حين، أسّس منهجًا للإيمان، ندعوه مذهب الموارنة. فهو قد زرع قلبه في أرض الإيمان، حبّة حنطة أثمرت ثمرًا كثيرًا. لا بل أكثر من كثيرٍ، لأنّ تلاميذه ذهبوا إلى أقاصي الأرض يعلّمون ما أخذوه عنه: من الأسُسِ الإيمانيّة، التعمّق بالمشورات الإنجيليّة، عيش وصايا يسوع، خدمة مريم والرسل، السير في طريقِ الملكوت بالرغمِ من كلِّ التحديّات والصعاب.
عندما قلت الكنيسة جمعاء، قصدتُ أبعد من الكنيسة المارونيّة. فالكنيسة الجامعة الكاثوليكيّة والكنيسة السريانيّة والكنيسة الأرثوذكسيّة الشرقيّة والمشرقيّة كلَّها تحتفل بعيد قدّيسنا الكبير، مارون، أب الموارنة. والجدير بالذكر أنّ قدّيسين كثيرين أنشأوا رهبانيّات ومناهج صلاة، اتخذت جماعات إسمها من إسمهم. أمّا القدّيس مارون، فهو ما أنشأ لا جماعة ولا رهبانيّة، لكنّه عاش نهج حياةٍ مسيحيّة وعلّم تلاميذ كثيرين صدق الإيمان والحياة المسيحيّة، والجهاد في الحياة والتبشير بالكلمة بتواضع وعيش الخدمة. فلُقبّ تلاميذه بالموارنة وأُعطي إسم الموارنة لشعب استقى منهم معنى وجوهر الحياة المسيحيّة.
هكذا، تتحقّق آيات نص إنجيل اليوم: فباتباعه الربّ، علّم مارون آخرين باتبّاعه أيضًا. وبخدمته الناس، وتجرّده من كلِّ شيءٍ، ما عدا المحبّة، حفظ نفسه ونفس آخرين كثيرين للحياة الأبديّة. وفي خدمته الكلمة وأبناء الكلمة، أكرمه الله (الآية 26) وتعمّدت أمّة بكاملها على اسمه.
أمّا اليوم، ونحن معًا في هذه الذبيحة الإلهيّة، في ذكراه الّتي تُجدد فينا صدى تاريخٍ عظيم للموارنة وللقدّيسين الموارنة، لا يسعنا إلا شكرَ الرب على صخرة مارون الّتي شُيّدت عليها الكنيسة المارونيّة، خاصّة في مواجهة الهراطقة والاضطهادات والمشقّات والتسليم لمشيئة الله والتقرّب منه كأبناء ذو علاقة خاصّة به، وبليتورجيا خاصّة بنا. إنّ نفَسَ مارون يحيا فينا، على بعد مئات السنين، ويُحيي فينا هذا الاتكال على الله والثقة بعنايته الإلهيّة.
يطيب لنا أن نشكر سعادة الاستاذة مريم ناصر الهِيل على حضورها معنا اليوم طالبين منكم ان تحملوا شكرنا وتقديرنا واحترامنا الفائق لسموّ الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر الـُمفدّى، وسموّ الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، والقيّمين على دولة قطر من وزراء ورسميّين وعسكريّين وأمنيّين ومواطنين ومقيمين…
وها قد مرّت السنين والعهود، ولا يزال ذكر مار مارون خالِدًا، عنوانًا للثبات في الإيمان ومواجهة العواصف الشديدة. في سنة 2011، في 23 شباط، وُضع تمثالٌ للقدّيس مارون في بازليك القديس بطرس في الفاتيكان، ولا أزال أذكر كلمات البابا الراحل بنديكتوس السادس عشر في زيارته إلى لبنان في أيلول 2012، حين قال أنّه يصلّي للشعب اللبناني ولكلِ مسيحيي الشرق الأوسط كلَّ يوم، وكيف لا وتمثال قدّيسنا العظيم يذكّره فينا كلّما نظر إليه؟
أستعينُ بكلماته لأشكركم ابتي الجليل الأب شربل مهنا، الراهب الماروني المريميّ، وعموم أعضاء لجنة بناء كنيسة القديس شربل، مع المجلس الرعوي للجالية، لجنة الوقف مع اللجان والجماعات الروحيّة والكورال والتواصل الإجتماعي، والكهنة القيّمين على رعيّة سيّدة الورديّة في قطر وعلى رأسها Father Xavier
اشكركم أيّها الإخوة والاخوات الأحبّاء على نقلِ إيمانكم المسيحيّ المارونيّ معكم أينما حلَلتم. وهكذا تكونون شهادةً للإيمان المسيحي في كلِّ بقاع الأرض، على غرار تلاميذ مارون الأوّلين. نعم، أنتم صورة الأبناء الطيّبة والشهادة الحسنة للشعب اللبناني المارونّي. أنتم صورة النضال في سبيل الحق والخير والجمال.
أنتم تحملون تاريخ وإيمان وجهاد وسعي ونجاح وفرح الموارنة، والربّ يعرف كم تتعبون وتسهرون وهو يعتني بكم ويكافيكم.
أصلّي من أجلكم ومن أجل جميع الّذين سبقوكم إلى هذه البقاع وكانوا الصورة الجميلة للإيمان المسيحي. أصلّي لأهل هذه البلاد، قطر الشقيقة، بارك الله مساعيهم الخيّرة وأفاض عليهم النِعم. أعاد الله عليكم هذه الذكرى، ذكرى قدّيسنا الكبير مارون، بالصحّة والخير والبركة. آمين.