كنيسة جميع القدّيسين الإنجيليّة الأسقفيّة
بكركي
الأحد 28 كانون الثاني 2024
“كلّ ما فعلتموه لأحد إخوتي هؤلاء الصغار، فلي فعلتموه” ( متى 25: 40)
1. بهذا الكلام يؤكّد لنا الربّ يسوع أنّنا في مساء الحياة سندان على محبّتنا الإجتماعيّة لإخوتنا في الإنسانيّة الذين هم في حاجة. من مثل: الجوع والعطش والغربة والعري والمرض والسجن، بمفاهيمها الماديّة والروحيّة والمعنويّة والإجتماعيّة. هؤلاء يتماهى معهم يسوع ويسمّيهم “إخوته الصغار”. فبتجسّده وموته وقيامته اتّحد بكلّ إنسان، وأصبح رأس جسد البشريّة المفتداة، المعروفة “بجسده السرّي” بتعبير بولس الرسول، أو “بالمسيح الكلّي” بتعبير القدّيس أغسطينوس. ولهذا السبب يتّخذ صيغة المتكلّم: “جعت، عطشت، كنت غريبًا، كنت عريانًا، مريضًا، محبوسًا (متى 25: 35-36).وعندما استفسروا متى كان ذلك، أجاب: “كلّ ما فعلتموه لأحد إخوتي هؤلاء الصغار، فلي فعلتموه”(متى 25: 40). كلّ إنسان يُعدّ “صغيرًا” عندما يمرّ في حاجة ما ويحتاج إلى محبّة “الكبار” أي القادرين. ويُعدّ “كبيرًا” عندما يساعد من هم في حاجة إلى محبّته.
2. يسعدنا أن نختتم معًا أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيّين. ويطيب لي أن أحيّيكم باسم مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، ونحن بأجمعنا نواصل صلاة الربّ يسوع: “يا أبتِ، ليكونوا واحدًا كما نحن واحد” (يو 17: 11). وأوجّه تحيّة خاصّة إلى حضرة القسّ عماد زُعرب راعي كنيسة جميع القدّيسين الإنجيليّة الأسقفيّة، شاكرًا على الدعوة وإلقاء العظة، كما أحيّي اللجنة الأسقفيّة للعلاقات المسكونيّة بشخص رئيسها سيادة أخينا المطران يوسف سويف، ومجلس كنائس الشرق الأوسط بشخص أمينه العام الدكتور ميشال عبس، وجميع الحاضرين المشاركين في اختتام اسبوع الصلاة المسكونيّة، راجين من ربّنا يسوع رأس الكنيسة أن يوحّدها مع جميل تنوّع كنائسها على وحدة الإيمان.
3. إنّ بُعد خدمة المحبّة الإجتماعيّة يشكّل عنصرًا أساسيًّا في شدّ أواصر العلاقات المسكونيّة بين مختلف الكنائس. فالمحبّة تجمع، واللامبالاة تفرّق. “إخوتنا الصغار” يوفّرون لنا هذه المناسبة المسكونيّة، ويضعوننا على طريق المحبّة لنسير وراء المسيح.
وكوننا سنُدان في مساء الحياة على هذه المحبّة الإجتماعيّة المخلصة، ونحن نسير على طريق المحبّة وراء المسيح، فلندرك مضامين الحالات الستّ، التي يذكرها الربّ يسوع في انجيل اليوم بكلّ أبعادها.
4. الجائع هو لطعام مادّي، وأيضًا لطعام كلام الحياة الأبديّة. العطشان يعطش إلى ماء وعدالة وكلمة حقّ. الغريب هو العائش في بلاد بعيدة عن بلده وأهله، وهو أيضًا الغريب عن ذاته وأهل بيته ومجتمعه. العريان متألّم من حاجته إلى لباس، وأيضًا المعرّى من كرامته بالتجنّي والإفتراء والكذب. المريض مصاب بجسده وأعصابه وعقله، وأيضًا بمعنويّاته بسبب اليأس والفشل، ومريض بثقل خطاياه وأمياله الملتوية وإدمانه على السكر والميسر والمخدّرات. السجين هو الموقوف وراء قضبان الحديد، وهو أيضًا سجين الإستعباد لغيره، لأفكاره، لعاداته السيئة، لزعمائه على حساب قاعدة التمييز بين الخير والشر الأخلاقيّة.
5. إنّ خدمة المحبّة الإجتماعيّة تجمعنا برباط كنسيّ، لأنّ المحتاج يفوق أي إنتماء كنسيّ أو طائفيّ أو مذهبيّ، فلا يُسأل عن انتمائه كشرط لمساعدته. فأعمال المحبّة المضافة إلى الصلاة، وحوار الحياة، والحوار اللاهوتيّ الرسميّ، وسماع كلام الله في حلقات ومناسبات، والمبادرات على اختلافها، كلّها تضع المسيحيّين، بمختلف كنائسهم، على طريق السير نحو الوحدة التي يريدها يسوع المسيح.
6. فلنضع نوايانا هذه في قلب ربّنا يسوع، الذي صلّى ويصلّي فينا وعنا من أجل وحدة جسده السرّي، والشفاء من تمزّقه، لكي تأتي شهادتنا صادقة للعالم كلّه فيؤمن أنّ “الله أرسله لخلاص العالم، وأنّه أحبّ الذين في العالم كما أحبّه” (راجع يو 17: 23). آمين.