شربل القديس من الفاتيكان، يصنع يومًا مجيدًا في تاريخ الكنيسة المارونية في العالم

الجمعة ١٩ كانون الثاني ٢٠٢٤ عند الساعة ١٠.٣٠ دقت أجراس كنائس لبنان إبتهاجًا وفخرًا ، في هذه الساعة، فاح عطر قداسة شربل من الفاتيكان ليصل إلى كل أقاصي الأرض.
موزاييك للقديس شربل، المصنوعة من الحجر الطبيعي في مشغل الكرسي الرسولي إرتفعت تحت بازيليك القديس بطرس في الفاتيكان حيث قبو مقابر البابوات وبالتحديد بالقرب من قبر البابا القديس بولس السادس الذي سبق له أن أعلن في عام 1965 تطويب ومن ثم عام 1977 تقديس شربل مخلوف .
تلا الحفل قداس إحتفالي في مغارة الفاتيكان في الكابيلا الهنغارية ترأسه المطران يوحنا رفيق الورشا الوكيل البطريركي لدى الكرسي الرسولي في الفاتيكان، عاونه خادم رعيّة مار مارون روما الخوري جوزيف صفير، والأب جاد القصّيفي، بمشاركة سيادة المطران سيمون فضّول، والمطران رامي قبلان ولفيف من الآباء والكهنة كما شارك معهم وكلاء الرهبانيّات المارونيّة في روما وكهنة المعهد الماروني وحشدٌ كبير من المؤمنين والمصلّين،
وبعد الإنجيل ألقى المطران الورشا عظة تحدث فيها عن عظمة هذا القديس وتأثيره في قلوب المؤمنين في لبنان وكل العالم، والفرح والتأثر الكبيرَين بهذا الحدث الكنسي التاريخي الجميل، و كيف يمكن ان لا نتوقّف عند معجزات هذا القديس المستمرّة؟ والتي تشهد يوميًّا وفي كلّ لحظة على وجود إله ليس ببعيد، أو جامد، بل إلهًا رحومًا، مُحبًّا، يفتقد شعبه ويرافقه، قريبًا من كلّ واحد وواحدة منا؛ لا يتركنا على الرغم من كلّ التحديات والتعقيدات التي نواجهها في عالمنا اليوم, شاكرًا الربّ على العطيّة التي أعطاها للكنيسة: عطية القديس شربل التي تبعث فينا الرجاء، ليس فقط للكنيسة المارونية ولكنيسة لبنان، بل أيضًا لكنيسة الشرق الأوسط كما وللكنيسة الجامعة. ولا بدّ من الإشارة إلى كثرة عدد المؤمنين هنا في روما وفي إيطاليا المكرِّمين للقديس شربل والذين يلتمسون شفاعته بمجرّد التعرّف إليه: منهم مَن يطلب زيتًا للتبرّك منه، ومنهم مَن يريد أن يغوص أكثر في سيرة حياته وفضائله ليتأمّلها ويعيشها.
تابع المطران عظته بالقول أن كم وكم من الحجاج الذين سيزورون هذه البازيليك ويشاهدون من الآن فصاعدًا وجهه المُشبَع نورًا آتيًا من النور الإلهي. فلنكن في شركة مع جميع الذين يصلّون إلى هذا القديس العظيم، ملتمسين شفاعته، راجين أن يعمَّ العالمَ السلام وتتدفّق عليه نعمُ السماء.
نشكر الربّ من أجل جميع المؤمنين في العالم، حتى غير المسيحيين، الذين يأتون من كل مكان لزيارة قريته في بقاعكفرا، أعلى تلة في شمال لبنان حيث كان يقترب إلى السماء ويرتقي إليها، كما ولزيارة مزار دير مار مارون عنايا العابق بالقداسة وفي جواره المحبسة المعطّرة برائحة النسك والزهد وإماتة الحواس.
إذا ما سرنا في حنايا الدير نخشع أمام قبره حيث يأتي المؤمنون من كلّ حدب وصوب مستنجدين بصلواته من أجل نيّة أو طلب… كما وتُذهلنا حقًا تلك الواجهة الزجاجية حيث يُعرض ما تمَّ جمعُه من رسائل شكر مختلفة من بلدان شتّى، نقرأ فيها شهاداتٍ حيّة بنيل شفاءات متنوّعة أجراها الله بشفاعة هذا القديس. يجدر أيضًا ذكر تاريخ الثاني والعشرين من كلّ شهر في عنايا، بحيث يتحلّق جمع غفير من المؤمنين والمؤمنات للمشاركة في الذبيحة الإلهية بعد مسيرة قربانية خاشعة وهم يتأمّلون بعظائم الله القدير وبما صنعه مع السيدة نهاد الشامي ومع كثيرين، فتلمس القلوب وتُشعل الإيمان بقوّة شفاعة شربل “طبيب السماء”. عجيبٌ هو الله في قدّيسيه!
أكمل سيادته طالبًا من القديس شربل أن يتدخّل لدى الرب من أجل الشَّرق المعذّب والعالم المضطرب، لكي يضع حدًّا للحرب الشرسة الدائرة بين إسرائيل والفلسطينيين، ولا نعرف متى سينتهي؛ نصلي من أجل وطننا لبنان والاستقرار والسلام فيه، ومن أجل شعبه المتألّم الذي يمرّ بفترة حرجة، قلقًا من أن تمتدّ الحرب الدائرة إليه فيما لم يعد يتحمّل أزمات ومصائب… ونصلّي أيضًا من أجل انتخاب رئيس للبلاد، ينتشل لبنان واللبنانيّين من الغرق ومن العواصف المحدقة إليه من كلّ جهة.
وتابع سيادته مغتنمًا الفرصة للشكر من صميم القلب سعادة السفير السيد فريد الخازن على هذه المبادرة القيّمة وخص بالشكر صاحب النيافة الكردينال ماورو غامبيتي الذي بفضل جهوده وإشرافه كنائب لقداسة البابا فرنسيس والمسؤول عن بازيليك مار بطرس رُفعت موزاييك القديس شربل. شاكرًا من خلاله قداسة البابا من الكنيسة المارونية ومن لبنان لهذه اللفتة التي خصّنا بها، وهو منذ كان رئيس اساقفة الأرجنتين كان له تكريم خاص لهذا القديس العظيم.
وكان البابا فرنسيس قد بارك الموزاييك في 15 تشرين الثاني خلال إحدى لقاءاته العامة مع المؤمنين حين حملها إليه وفد لبناني برئاسة المطران الورشا وسفير لبنان لدى الفاتيكان السفير فريد الياس الخازن.
مع القديس شربل، وبهذه المناسبة نرفع الصلاة إلى الله لكي يُمطر علينا نعمه السماوية ويُغدق سلامه على العالم وبخاصّة على وطننا المعذّب لبنان.