سويف استقبل رئيس اساقفة تولوز: لا استقرار للإنسان الا بالحوار

استقبل رئيس اساقفة ابرشية طرابلس المارونية المطران يوسف سويف في دار المطرانية ” قلاية الصليب” في طرابلس، رئيس اساقفة مدينة تولوز الفرنسية المطران غي دو كيريميل ونائبه العام المونسنيور هيرفيه غانيارد، في حضور النائب ايلي خوري ووفد من “اللقاء للحوار الديني الاجتماعي” ضم مفتي طرابلس والشمال السابق الشيخ الدكتور مالك الشعار، البروفسور نبيل عقيص، الدكتور سابا زريق، الدكتور مصطفى الحلوة.
كما حضر منسق الثقافة في المطرانية الدكتور جان جبور، النائب العام في الابرشية الخوراسقف انطوان مخائيل، النائب الاسقفي الخاص المونسنيور جوزيف غبش، خادم الجالية المارونية والعربية في مدينة تولوز الاب طانيوس بطيش، رئيس الديوان الاسقفي الاب جو رزق الله، والابوان عبود جبرائيل وجورج جريج.
وبحث الطرفان في كيفية بناء الانسان ودور الاديان والمجتمعات المدنية والاهلية في تعزير التضامن الانساني ونشر القيم الدينية وتجسيد الحوار المبني على السلام والمحبة.
واعتبر المشاركون ان “الحوار الانساني هو البديل عن خيارات العنف”، داعين الى “نبذ كل انواع الكراهية والحقد والانانية”.
سويف
بداية قال سويف: “نحن سعداء اليوم باستقبالنا في دار المطرانية في طرابلس، رئيس اساقفة مدينة تولوز والوفد المرافق، ونعلم ان الرابط التاريخي والثقافي والاجتماعي بين مدينتي تولوز وطرابلس هو منذ مئات السنوات، والسنة الماضية تشرفنا بزيارة رئيس بلدية تولوز بحضور سماحة مفتي طرابلس ورئيس البلدية وعقدنا معا جلسة حوار بناءة جدا، ولمسنا خلال اللقاء ان رئيس البلدية كان على مواعيد محددة بالتوقيت. الان لقاؤنا استمر اكثر من ساعة ونصف الساعة مع العلم ان الوقت المحدد لنا كان بحدود النصف ساعة”.
وأشار الى أن “رئيس بلدية تولوز لمس خلال اللقاء ان طرابلس هي المناخ الديني والانساني الذي يعكس صورة لبنان والعيش المشترك، مشددا على “التواصل والتنسيق بين مدينتي طرابلس وتولوز” .
وقال: “الى جانب الابعاد المدنية والرسمية والاجتماعية، نحن مسؤولون ان نلتقي كسلطة دينية برئيس الكنيسة في تولوز وهذا حقيقة يؤكد اننا لا بد ان نجتمع معا كمجتمع مدني وكنيسي لأجل الخير العام وخير الإنسان، ولأجل كرامة كل انسان على وجه الارض وبطريقة مباشرة على الارض التي نعيش عليها، وربنا دعانا ان نتحمل المسؤولية فيها ونتفاعل مع شعبنا ان كان في لبنان او في طرابلس او في تولوز وفي اي مكان في هذا العالم”.
اضاف: “هذه هي صورة وحقيقة طرابلس ولبنان بالرغم من كل التجارب والتحديات وطبول الحرب التي تقرع للأسف الشديد في وطننا وفي المنطقة ولكننا نؤمن ان لا استقرار للإنسان الا من خلال ثقافة السلام والحوار وثقافة الانفتاح، لأن الرب يجمعنا جميعا في عائلة انسانية كبيرة”.
وتابع: “مجددا نؤكد ان لقاءنا اليوم بحضور هذه النخبة من ابناء طرابلس والشمال هو لقاء مميز ومفيد، لا سيما بحضور سماحة المفتي الشعار والنائب خوري والوزير السابق محمد الصفدي الذي اعتذر عن عدم الحضور بسبب تعرضه لوعكة صحية، وقد اسسنا جمعية على مستوى لبنان اسمها ” اللقاء للحوار الديني والاجتماعي” لان هذه هي الصورة التي تعكس حاضرنا وماضينا ومستقبلنا وهمنا في هذه المؤسسة ان نطال الشباب والطلاب الجامعيين والطالبات لأنهم هم من سيبنون الوطن لليوم وللغد، وكي يتابعوا بهذا الإرث العريق لجعل لبنان كما قال الاباء عنه رسالة اللقاء والحوار والحرية والانسان وكرامة الانسان”.
دو كيريميل
بدوره، قال دو كيريميل: “أحيي صاحب السيادة وصاحب السماحة واعضاء اللقاء، وسعيد جدا بقدومي الى لبنان وتجديد التعاون، وخاصة ان مدينة تولوز تضم عددا كبيرا من اللبنانيين، وهذه الزيارة الأولى لي للبنان رغم ان هذا الوطن كان ولا يزال في قلبي، الا ان هذه الزيارة الاولى لي التي اسعدتني جدا، وسبق ان سمعت عن الكرم اللبناني، الا انني اليوم شهدت على هذه الضيافة والكرم، وأدعم مسيرة العيش والسلام التي ينادي بها هذا الوطن”.
اضاف: “بالرغم من ان الحكومة الفرنسية ألغت الزيارة للفرنسيين الى لبنان، الا ان شركة الميدل ايست كانت كعلامة لقدومي الى هذا البلد العزب، وكان قدومنا في وقت يعتبر صعبا وأسمع كثيرا مما يحصل في هذا الوطن المجروح. كما لفتتني حركة الهجرة الكثيفة التي يشهدها لبنان من قبل شبابه الى اوروبا، ونحن كفرنسيين ندعو الشباب اللبناني الى ان يتمسك بأرضه وبوطنه ويعيش مع اهله قيم السلام والمحبة، ونحن كأساقفة فرنسيين نشجع شباب لبنان ليبقوا في وطنهم ويتمسكوا به”.
وتابع:” في تولوز هناك لقاء تعاون بين الأديان، ومنذ توليّ منصبي كمطران، أنشأنا لقاءات للحوار، ونحن نتطلع لتوسيع العلاقات لأننا نعتبر ان هذا اللقاء مثالًا قويًا وجديًا لتوسيع علاقاتنا والعمل بشكل جدي في تولوز لإنشاء لقاءات للحوار تكون مثمرة كما شهدنا اليوم في هذا اللقاء”.
وختم: “نعتبر ان مشاركة فرنسا في هذا الحوار جيدة، لذلك أستوحي من هذا النموذج للتعايش بين الطوائف والتبادل والحوار بين الأديان من اجل استكمال هذا الحوار في تولوز، وكلنا يجب ان نعمل من اجل السلام وخاصة على مستوى العالم، لذلك لا بد من ان نتحاور بروح الحقيقة والسلام”.
الشعار
من جهته، قال الشعار: “أرحب بكم في دارٍ اتسع مضمونها حتى اصبحت دارة المدينة ودارة اهل طرابلس والشمال، هذه الدار ألفتُها وعرفتُها وعايشتُ أهلها منذ لا يقلّ عن ثلاثين عاما، وفي كل فترة أشعر أننا أصحاب رسالة فيها من التجانس والتقارب، ما يستعصي على أي فتنة خارجية، وأهل الديانات السماوية هم حملة مشاعر الخير والسلم العالمي للبشرية كلها”.
أضاف:” نحن في شريعتنا الإسلامية نعتبر ان أخوتنا المسيحيين هم أقرب أنواع العالم في الدنيا إلينا، ولذلك قال الله في القرآن *ولتجدنّ أقربهم مودةً للذين آمنوا الذينَ قالوا إنّا نصارى* فالخير الذي نحمله لا نحمله لاخوتنا المسيحيين فقط بل للعالم، للبوذيبن والهندوس والصائبة والدهريين الذين لا دين ولا معتقد لهم، كل البشرية بحاجة إلى رحمة الله وإلى قلب يستوعبهم في عبق ومضمون قيم السلام والمحبة”.
وتابع: “لذلك فإن النبي محمد عليه الصلاة والسلام عندما اضطهده اهل مكة حيث كانوا وثنيين، كانوا يعبدون الأصنام، وكان بعضهم من النصارى أو من اليهود، ولكنهم كانوا قلة قليلة، وكان الكثرة من عبدة الأوثان، ومع هذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “اللهم اغفر لقومي لانهم لا يعلمون”، وشرّفهم بقوله ووصفهم بقومه”.
واردف: “لذلك أعتبر أن استقبالنا لأي رمز من رموز الديانات السماوية المعتبرة هو يوم بهيج، وهو يوم سارٌّ لأننا نلتقي بمحبّي السلام، بل بصانعي السلام في العالم والمجتمع”.
وختم: “أعتقد أن كلمة أخي صاحب السيادة المكرّم المطران سويف تكفي عن أي كلام آخر، ولكنني اصبحت من اصحاب هذه الدار لذلك يكرّمني دوما أن يكون لي شرف الكلمة في استقباله لضيوفه، ضيوف مدينتنا، اهلا وسهلا بكم “.
خوري
أما خوري فقال: “أرحب بالمطران الفرنسي في طرابلس، وهذه الزيارة لها نكهة خاصة بالتقاطع التاريخي بين تولوز وقلعة طرابلس، وسعيد بحضوركم معنا وبزيارته لدار المطرانية وطرابلس التي تجسد الرسالة التي يحملها مختلف اللبنانيين لان ما نقوم به في هذا اللقاء الحواري والاجتماعي في طرابلس من اجل ان ننشر الرسالة السماوية التي وصفها البابا بأنها رسالة حقيقية للانسانية”.
اضاف: “وجودنا اليوم في هذا اللقاء لدينا فلسفة روحية نؤمن فيها تقول ان لبنان بتركيبته المتعددة بكل طوائفه ليس بالصدفة هو ارادة الله، وبالتالي نحن واجبنا ان نحافظ على هذه التعددية التي اوجدها ربنا. وانطلاقا من ايماننا وكل انسان من ايمانه لديه واجب المحافظة على هذا النموذج بالمنطقة والعالم ويكون رسالة حقيقية للانسانية “.
وختم: “بفرح نستقبلك وسنكون معك ونحن سعداء بتواجدك اليوم، ونتمنى ان تعيد هذه الزيارة الى طرابلس ولبنان والا تكون هذه الزيارة الاخيرة “.
مائدة محبة
وخلال اللقاء، قدم سويف ايقونة للسيدة العذراء الى دو كيريميل، اقام مائدة محبة على شرف الوفد الفرنسي والمشاركين في دير مار يعقوب في كرم سدة .