البطريركيّة اللاتينيّة :
قام الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين، من 11 وحتى 16 حزيران 2024، بزيارة راعويّة إلى حيفا، حيث قضى وقتًا مثمرًا مع المؤمنين، وتعرف على حياة الكنيسة فيها، والتقى بمختلف الجماعات والمجموعات، وأنهى بترؤس الدورة التقليدية لطلعة العذراء سيدة جبل الكرمل.
احتشد المؤمنون وكشافة حيفا في شوراع المدينة لاستقبال غبطته، وكان في مقدمة مستقبليه كاهن الرعيّة الأب قبريانوس قبريانوس، وعدد من الأساقفة والكهنة بالإضافة الى أعضاء البلدية، والأجهزة الأمنية. وقال غبطته: “جئت لأؤكد لكم كراعٍ على قربي منكم وتضامني معكم في ظل هذه الأزمة التي تمرّ بها البلاد، وجئت لأسمع مباشرة منكم عن احتياجاتكم”. ثم بارك الحاضرين بالماء المقدّسة وترأس القداس الإلهي في كنيسة القديس يوسف. بعد القداس، أُقيم اجتماع في قاعة الرعية مع أبناء الرعية.
الجانب التعليمي
وخلال إقامته، زار غبطته مدرسة الكرمل التي يديرها الرهبان الكرمليين، وترأس حفل تخريج طلاب الروضة. كما زار مدرسة تراسنطا ومدرسة راهبات الناصرة التابعة للبطريركية اللاتينية. وخلال هذه الزيارات، التقى بالهيئات الإدارية والتدريسية والطلبة، واطلع على مجالات تحسين هذه المدارس من النواحي التحتية والتعليمية والتربوية. وبشأن التعليم المسيحي، شدّد غبطته على ضرورة تطويره في المدارس كونه ركيزة أساسية في حياة الكنيسة، ولدوره الحاسم في بناء إيمان الأجيال الصاعدة.
وزار غبطته جامعة حيفا، وجامعة التخنيون، والتقى بمجموعة من الطلبة المسيحيين، حيث أعرب عن سروره بزيارته الرسميّة الأولى إلى الجامعة، وخاصة بأنّ هناك عدد جيد من الطلبة المسيحيين في الجامعة. وقال: “أعلم بأن عدد الطلاب قليل نسبيًا في الجامعة، ولكن نعلم جيدًا بسمعة وقوة الجامعة في تنشئة الأجيال. إنّ مجتمعنا يعاني حاليًا من اضطرابات كثيرة، لذا على الجامعات أن تخرِّج طلابًا قادرين على التعاون مع بعضهم البعض، وأن يعملوا على تحقيق مجتمع عادل وشامل”.
الحياة المكرسة
كما التقى وصلى غبطته مع الرهبان والراهبات من مختلف الرهبانيات والمنظمات في حيفا، وزار المؤسسات التي يديرونها، ومنها مؤسسة قلب يسوع غير الربحية، وهو مركز رعاية نهاري للأشخاص ذوي الإعاقة من جيل 4 أشهر وحتى 21 سنة، تديره راهبات المحبة تحت إشراف وزارة الرفاه الاجتماعي. كما زار المستشفى الإيطالي في حيفا، الذي تديره الراهبات الفرنسيسكان لقلب مريم الطاهر، بالإضافة إلى زيارة رهبان وراهبات دير ستيلا ماريس على جبل الكرمل.
“من المهم بالنسبة لي أن ألتقي بأولئك الذين نذروا حياتهم لحمل المسيح إلى قلوب الناس من حولهم”، أعرب غبطته خلال عظة القداس الذي ترأسه في كنيسة الرعيّة، بحضور رجال ونساء مكرسين وأعضاء الحركات الرسولية المختلفة في حيفا. وأضاف: “أشهد أن الحياة المكرسة في حيفا غنية، وهناك العديد من الدعوات الناشئة، وهذه علامة على نشاط الكنيسة هنا”.
حياة الرعية والكنيسة
وزار غبطته عددًا من المرضى في منازلهم ومنحهم سر مسحة المرضى. كما زار كبار السن، من ضمنهم السيدة بهية نوفي (99 عامًا)، وهي أكبر معمّرة في الرعية. كذلك، التقى فعاليات الرعيّة، من ضمنها أخوية مار يوسف، التي شاركت غبطته بأنشطتها وتطلعاتها المستقبليّة. وترأس غبطته قداسًا خاصًا لأطفال مدرسة الأحد، حيث قضى وقتًا في التعرّف على أنشطتهم.
وترأس غبطته القداس الإلهي لكل من الجماعة الكاثوليكية الناطقة باللغة العبرية، والجماعة الفلبينية في حيفا إذ قدموا نظرة عامة عن برامجهم وأنشطتهم. وزار المركز الرعوي حيث التقى مع الأمانة العامة للشبيبة المسيحية في الجليل بحضور المرشد الروحي الأب رامز طوال.
وبهدف تعزيز الروح المسكونية، زار غبطته الكنيسة الأرمنية والمارونية والأنغليكانية، والروم الكاثوليك والأرثوذكس، وأشار غبطته إلى أنّه “على الرغم من إختلاف تقاليدنا، فإننا جميعًا ننتمي إلى المسيح، ولذا أخصص وقت في كل زيارة راعوية لزيارة الكنائس المختلفة للتأكيد على أهمية التعاون فيما بيننا ولصالح مؤمنينا، خاصة في ظل هذه الأوقات العصيبة”.
والتقى غبطته أيضًا بالرهبان البهائيين وأمير الأحمدية محمد شريف عوده، بالاضافة إلى زيارة مسجد حيفا.
الاحتفالات الليتورجية
ويوم الجمعة 14 حزيران 2024، ترأس غبطته قداسًا بمناسبة عيد مار الياس، شفيع الرهبان الكرمليين، حيث أشار في عظته أننا لا نحتفل اليوم فقط بالوجود الكرملي في حيفا، بل نتذكر تاريخ الخلاص. وتطرّق إلى دور الكنيسة النبوي، قائلاً: “في العهد القديم، كان صوت النبي يعبّر عن صوت الله وذلك من خلال اتصاله المستمر مع الله والمجتمع، ومع ذلك، لم تكن أفعاله مقبولة أو مفهومة للمجتمع من حوله. وعليه، تحتاج الكنيسة اليوم إلى إيجاد هويتها في المسيح للحفاظ على حريتنا، ويكمن ذلك من خلال العمل بمشيئة الله التي تفوق وتتغلب على مقاييس البشر وتوقعات السياسيين”.
في اليوم الأخير، الأحد 16 حزيران 2024، ترأس غبطته قداس الأحد، حيث خاطب المؤمنين قائلاً: “قد تشعرون باليأس من الصعوبات التي تواجهونها في العيش هنا، لكني أؤكد لكم أن الوجود المسيحي في حيفا غنيّ. أولئك الذين يأتون لزيارتكم من الخارج يرون جمال وأهمية وجودكم في حيفا”. ومتأملاً بإنجيل الأحد الذي يدور حول مثل البذار يقول: “هناك دائمًا شيء ما وجب علينا تحسينه ولكن حافظوا على مركزية المسيح في كل أنشطتكم. هذا هو السر لأن يكون لديكم تربة جيدة تسمح للبذرة بأن تثمر”.
ومساءً ترأس البطريرك بيتسابالا موكب طلعة العذراء التقليدية إلى جبل الكرمل، بمشاركة النائب البطريركي للاتين في الناصرة المطران رفيق نهرا، والمطران بولس ماركوتسو، ولفيف من الأساقفة والكهنة وطلبة الإكليريكية والمؤمنين وعدد من المجموعات الكشفيّة.