رئيس الأكاديمية البابوية للحياة يؤكد أن الإنسان المعولم يمثّل التحدي الأكبر الذي تواجهه المسيحية المعاصرة

صدر في المكتبات الإيطالية مجلد جديد هو عبارة عن حوار أجراه الكاتب والصحفي الإيطالي دومينيكو كويريشو مع رئيس الأكاديمية الحبرية للحياة المطران فنشنسو باليا. يحمل الكتاب عنوان “الرجاء في عالم مفتت”، ويؤكد فيه سيادته أن الإنسان المعولم يمثل اليوم التحدي الأكبر الذي تواجهه المسيحية المعاصرة.
يطالع الكتاب القرّاء بتأملات معمقة بدءاً من الهجوم الذي شنته حركة حماس ضد إسرائيل في السابع من تشرين الأول أكتوبر الماضي والذي أشعل فتيل صراع دام بين الدولة العبرية وقطاع غزة ذهب ضحيته لغاية اليوم آلاف الأشخاص معظمهم من المدنيين العزل. ويتناول أيضا الحرب الدائرة في أوكرانيا ومناطق أخرى من العالم. يتألف المجلد من أربعة فصول تتضمن حواراً أجراه المطران باليا مع الصحفي كويريشو، تناول خلاله سيادته مجموعة من القضايا الساخنة: الحرب، السلام، الفقر، المسنون والهجرة.
يؤكد المسؤول الفاتيكاني أن تخطي هذا العالم المفتت اليوم يتطلب حواراً مع الجميع، انطلاقاً من الضعفاء والمهمشين، كما لا بد من العمل على تعزيز التلاقي بين الشعوب المختلفة من أجل بناء تعايش سلمي، والتصدي للتوترات التي تقود إلى الصدام، خصوصا وأن عالمنا المعاصر يشهد صراعات وحروباً تتغذى من الحقد الديني في غالب الأحيان. لذا يشدد سيادته على ضرورة تعزيز التلاقي بين مؤمني الديانات المختلفة، مدركاً تماماً أن هذا الأمر يأتي نتيجة عمل دؤوب وصبور.
يرى المطران باليا أن الإنسان المعولم يشكل اليوم التحدي الأكبر والأشد إلحاحاً الذي تواجهه المسيحية المعاصرة، لافتا إلى أن البابا فرنسيس أدرك تماماً هذا الأمر وقدم لنا النظرة التي ينبغي تبنيها من أجل بلوغ عقول وقلوب الشعوب كافة. فمن خلال رسالته العامة “كن مسبحاً” الصادرة في العام ٢٠١٥ شاء الحبر الأعظم أن يسلط الضوء على “البيت المشترك” الذي لا بد من الاعتناء به، لأن البيت الوحيد الذي نملكه. وفي رسالته العامة الأخرى Fratelli Tutti تطرق إلى العائلة البشرية الواحدة التي تسكن هذا البيت المشترك، وهي عائلة تتألف من شعوب كثيرة، مختلفة عن بعضها البعض، ومع ذلك تشكل عائلة واحدة تعيش على كوكب الأرض.
من على صفحات الكتاب يعبر المطران باليا والصحفي كويريتشو عن قناعتهما بإمكانية بناء عالم أخوي ويحثان القرّاء على تقبل تأملاتهما في هذا الشأن، لأنه يحق لكل رجال ونساء زماننا الحاضر وكل زمان أن يعيشوا ويحلموا ويعملوا ويأملوا ويرغبوا بمستقبل أفضل لهم ولأبنائهم وبناتهم. كما يعتبران أن الرجاء هو اليوم عبارة عن فضيلة ثورية، وأن الأخوّة هي الكلمة المفتاح لفن المجانية بغية بناء عالم أكثر عدلاً، انطلاقاً من الأشخاص المهمشين.