مع بداية زمن المجيء قام حارس الأرض المقدسة الأب فرنشسكو باتون بالدخول إلى مدينة بيت لحم متبعاً التقليد السنوي، والذي جرى للمرة الثانية في ظل الحرب الدائرة في المنطقة. وقال الراهب الفرنسيسكاني للمناسبة إنه إزاء ما نشهده من شرور ويأس ومرض وإحباط لا بد من عدم فقدان الأمل وإبقاء رؤوسنا مرفوعة.
تمنى الأب باتون بالنسبة لبيت لحم، التي شهدت ولادة المخلص، أن تعود مرة جديدة لتصبح مدينة السلام والفرح. وقد وصل حارس الأرض المقدسة إلى بيت لحم قادماً من إسرائيل وتحت مرافقة أمنية من الشرطة الإسرائيلية قبل أن يعبر الجدار الفاصل من خلال البوابة الحديدية، على مقربة من ضريح راحيل. من هناك توجه سيراً على الأقدام إلى ساحة المهد ترافقه الشرطة الفلسطينية، وقد أحاط به سكان المدينة وأطفال المدارس، بحضور ممثلين عن السلطات المحلية ومجموعة الكشافة التي عزفت الموسيقى.
وقد كانت واحدة من ثلاث مناسبات تُفتح فيها البوابة المذكورة خلال الأعياد الميلادية، إذ ستُفتح ليلة عيد الميلاد لمناسبة دخول بطريرك القدس للاتين الكاردينال بيرباتيستا بيتسابالا، ثم في الخامس من كانون الثاني يناير عندما سيدخل إلى مدينة بيت لحم بطريرك كنيسة الروم الأرثوذكس تيوفيلوس الثالث.
وقد اختُتمت الزيارة بتلاوة الصلاة في كنيسة القديسة كاترينا المجاورة لبازيليك المهد والتي يمكن الدخول منها إلى المغارة. ومما لا شك فيه أن زيارة حارس الأرض المقدسة شكلت مناسبة هامة لسكان بيت لحم الذين يعيشون عيد الميلاد في حالة من العزلة والفقر والحزن للسنة الثانية على التوالي، أي بعد اندلاع الحرب في الأرض المقدسة في السابع من تشرين الأول أكتوبر ٢٠٢٣.
فمنذ ذلك التاريخ غاب السياح والحجاج عن المدينة الفلسطينية حيث معظم السكان يكسبون لقمة العيش بفضل السياحة والحج، ويجدون أنفسهم عاجزين عن التوجه إلى مدينة القدس بحثاً عن فرص بديلة للعمل، ففقدوا دخلهم وهم يعيشون في أوضاع من العوز ما انعكس سلباً على الأجواء الميلادية في المدينة التي اتشحت بأجواء الحزن. واللافت أن بازيليك المهد خلت من السياح والحجاج، والفندق المجاور الذي يستقبلهم مقفل منذ اثني عشر شهراً شأن متاجر الحرفيين الذين يصنعون التذكارات الدينية.
بالعودة إلى زيارة الأب باتون فقد تمنى هذا الأخير أن يكون هذا آخرَ ميلاد حزين تعيشه مدينة بيت لحم وشجع الأشخاص على عدم فقدان الأمل، حتى إذا بدا أن العالم كله يريد أن ينتزعه منا، كما قال. وذكّر حارس الأرض المقدسة المؤمنين بأن عيد الميلاد هذا العام هو بداية للسنة الليتورجية التي ستكون سنة يوبيلية أيضا. ولفت إلى أن البابا فرنسيس وعندما أعلن سنة يوبيل ٢٠٢٥ حثّ المؤمنين على الحفاظ على الأمل، لا بل على أن ينشروا هذا الأمل وأن يكونوا حجاجاً للرجاء.
وختم الأب باتون كلمته طالباً من المؤمنين ألا يفقدوا الأمل وأن يبقوا الرؤوس مرفوعة، على الرغم من كل ما نشهده من شرور ويأس وأمراض وإحباط، وإزاء الحرب الرهيبة التي تقلق الجميع وتسبب الموت والدمار. وهي ليست المرة الأولى التي يُطلق فيه الأب باتون هذا النداء، إذ سبق أن أكد في عيد الميلاد من العام الفائت أنه يمكن أن نجد أنفسنا في أسوأ الأوضاع ووسط ظلمات التاريخ ووسط عتمة الحرب والحقد، ومع أن الظلمة لا تدرك النور فإن النور يضيء دائماً في الظلمة ولا يستطيع أحد أن يخنقه أبدا.