أحيت أبرشية البترون المارونية الذكرى الأولى لرحيل راعيها المطران بولس إميل سعاده، وترأس راعي الأبرشية المطران منير خيرالله القداس لراحة نفسه في الكرسي الاسقفي في دير مار يوحنا مارون في كفرحي، وعاونه نائبه العام المونسنيور بيار طانيوس والخوري ريمون باسيل بمشاركة كهنة الأبرشية، في حضور فاعليات سياسية ورسمية ورهبانية واجتماعية وجمعيات دينية وحشد من ابناء الرعايا بالاضافة الى عائلة المطران سعاده.
بعد الإنجيل، ألقى خيرالله عظة قال فيها: “مرت سنة كاملة على رحيل المطران بولس إميل سعاده وكأنها البارحة، ولا يزال حاضرا في ذاكرة وقلب كل بتروني وكل إهدني. وكيف لي أن أنساه، أنا الذي رافقته ستا وثلاثين سنة كان لي فيها أبا وأخا ورفيقا؟ وعرفته فيها قلبا كبيرا في شخصية إهدنية مميزة تحمل تراثا إيمانيا وكنسيا ومارونيا عريقا.”
وتناول سيرة المطران سعاده منذ تسلمه رعاية النيابة البطريركية في بلاد البترون حيث عمل على تحقيق نهضة روحية وثقافية وتاريخية وعمرانية وزراعية. وقال: “في كل مواقفه، كان المطران بولس آميل سعاده صوتا مارونيا بنكهة إهدنية وعنفوان زغرتاوي ينادي بالعودة إلى الأصالة والتمسك بتراث الآباء والأجداد وبالقيم والأخلاق المسيحية واللبنانية والإنسانية. في خلال سنوات خدمته الطويلة زرع المطران سعاده في أرض طيبة، أرض قداسة، وفي قلوب البترونيين الطيبين، كلمة الله التي أعلنها الابن يسوع المسيح على أرضنا وتمم عمل الله الخلاصي بموته وقيامته. وها هو الزرع لا يزال يثمر، ثلاثين وستين ومئة، إيمانا وقداسة وحرية شهادة للحق. (راجع متى 13/3-9). وأفضل شهادة على ذلك هي في دعوى تطويب المكرم البطريرك الياس الحويك. رجاؤنا كبير بأننا سنعتني بهذا الزرع الطيب بفضل التزام كهنتنا ورهباننا وراهباتنا وكبارنا وشبابنا وأطفالنا وعائلاتنا، وبأننا سنلبي معا الدعوة إلى القداسة، بشفاعة العذراء مريم أمنا وسيدة لبنان وجميع قديسينا.”
أضاف: “كان المطران بولس إميل صاحب قلب كبير وشخصية إهدنية فذة لا تحيد عن الحقيقة وعن الإيمان بالرب يسوع المسيح. وما زرعه المطران سعاده في قلب كل فرد منا، وبخاصة نحن الكهنة والرهبان والراهبات، يبقى حافزا لنا لكي نعيش الرجاء بيسوع المسيح الإله الحي الحاضر دوما وإلى الأبد معنا. حتى الأرض التي زرعها في محيط هذا الدير، واليوم نقطف من ثمارها، تشهد لمحبته لهذه الأرض التي هي عنصر من عناصر هويتنا المارونية. هذه الأرض التي ارتبط بها كما ارتبط بأرضه في إهدن وزغرتا لا تزال تعطي ثمارا.”
وأردف قائلا: “عدنا منذ أيام مع أبينا صاحب الغبطة البطريرك مار بشاره بطرس الراعي من روما بعد شهر من العمل المتواصل في سينودس الاساقفة لنتعلم كيف تكون كنيسة المسيح كنيسة أكثر سينودسية يحمل فيها شعب الله هم الخدمة والرسالة. ورأينا ايضا كيف أن قداسة البابا فرنسيس يحمل في قلبه قضية السلام في أرض المسيح، وبخاصة قضية لبنان، الوطن الرسالة، التي لا يزال مقتنعا بها. ولبنان سيعود وطنا رسالة بفضلنا جميعا، وبفضل عائلاتنا وكبارنا وشبابنا وأطفالنا.”
وتابع: “جواب البابا فرنسيس لنا ولي أنا شخصيا كان: إنتخبوا رئيسا وأنا سأزور لبنان فورا، لأن قناعتي هي أن لبنان سيبقى الوطن الرسالة.”
وختم :”نداء كبير نوجهه إلى المسؤولين، وبنوع خاص الى إخوتنا النواب ورئيس مجلس النواب ونقول لهم :كفى! كفى أن نرمي التهم على غيرنا! تعالوا نشبك الأيدي ونوحد القلوب والنوايا ونعمل معا، ومع شعبنا لأننا معا نتحمل المسؤولية، على بناء دولة تليق بطموحات شبابنا، دولة القانون التي تضع الانتماء الوطني فوق سائر الانتماءات، فيعود لبنان وطنا رسالة. رجاؤنا بيسوع المسيح كبير ولا يخيب، فهو حاضر معنا ويقوينا ويقول لنا: لا تخافوا! أنا معكم إلى منتهى الدهر. هذه كنيستي بنيتها على صخرة إيمان بطرس وأبواب الجحيم لن تقوى عليها!”
وبعد صلاة وضع البخور عند مدفن المطران سعاده تقبل خيرالله مع العائلة التعازي في صالون الدير.