دعوة للاحتفال بسنة اليوبيل وجهها الأنبا إبراهيم إسحق بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك ورئيس مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك بمصر، هذا نصها:
“أخوتي المطارنة والأساقفة الأجلاء،
الآباء الكهنة والرهبان والراهبات والمكرسين والمكرسات،
أعضاء المؤسسات واللجان الكنسية،
أبناء وبنات كنيستنا الكاثوليكيّة بمصر.
نعمة وسلام في ربّنا يسوع المسيح
متحدًا مع الحَبرِ الأعظم قداسةِ البابا فرنسيس أدعوكُم إلى المشاركَةِ في يوبيلِ الرّجاءِ (2025) الّذي دَعَا إليهِ في رسالتِهِ: “الرّجاءُ لا يُخَيِّبُ” (روم 5:5). يأتي اليوبيلُ ليُساعدَنَا على زرعِ الثّقةِ الّتي يحتاجُهَا بشدّةٍ عَالَمُ اليومِ، بِما يُعزِّز كرامةَ الشّخصِ الإنسانيّ ويحمي الخليقة.
بالرُّغمِ من الصّعوبات والعثراتِ الّتي تلّفُ عالَمَنَا والحروبِ المشتعلةِ، تدعونا أُمُّنا الكنيسةُ المقدّسَة، في زمنِ اليوبيل، إلى السّعي معًا “كرُسلِ رجاءٍ”، ناظرينَ إلى رأسِ إيمانِنَا ورجائِنَا الوحيد يسوع المسيح مُخَلِّصنا، المنتصر للحياةِ إلى الأبدِ. وهذا ما نسعى إلى التعمّقِ فيهِ، والاحتفالِ بِهِ، وإعلانه للعالمِ أجمع.
في رسالتِهِ: “الرّجاءُ لا يُخَيِّبُ” يدعونا قداسةُ البابا إلى عَيشِ وإحياءِ فضيلةِ الرّجاءِ، من خلال:
الانتباه إلى الصّلاحِ الموجودِ في العَالَمِ وداخل كلِّ إنسانٍ، وأنْ نكونَ شهودًا على حضورِ الله في العَالَمِ والتّاريخِ البشريّ. وذلِكَ بأنْ نَنظُرَ بعينِ الرّجاءِ إلى الحياةِ وإلى ذواتِنَا، وإلى كلِّ إنسانٍ وواقعِنا البشريّ رُغمَ تحدّياتِهِ. فالرجاءُ هو الشّهادةُ الواقعيّةُ لصدقِ الإيمانِ ودليل المحبّةِ اللذين نحملهُمَا في قلوبِنَا، كونَ الرّجاء يرتكزُ على الإيمانِ ويتغذّى بالمحبَّةِ: “لِيَغمُرْكُم إِلهُ الرَّجاءِ بِالفَرَحِ والسَّلامِ في الإِيمانِ لِتَفيضَ نُفوسُكُم رجاءً بِقُوَّةِ الرُّوحِ القُدُس” (روم 15/ 13).
أنْ نُنعِشَ أيّامَنا ونشدّدَها بقوّةِ الرّجاءِ، تلكَ الفضيلةُ الإلهيّةُ، التي تجعلُنَا منفتحينَ على الحياةِ والمستقبلِ، والتي تسندُنا أمامَ الشّدائِدِ والعواصِفِ: “وهو لَنا مِثْلُ مِرساةٍ لِلنَّفْسِ أَمينَةٍ مَتينَةٍ تَختَرِقُ الحِجابَ” (عب 6: 19)، مِرساة ننجوَ بِهَا من وسطِ الأمواجِ المُضطرِبَةِ، فلا نستسلمُ بل نتطلّعُ إلى الله مصدرِ قوّتِنَا وفرحِنَا، سيد التّاريخ وصخرَةُ الدُهور. إذ يؤكّد المَجمعُ المسكونيّ الفاتيكانيّ الثّاني: “عندَمَا يغيبُ الأساسُ الدّينيّ والرّجاءُ في الحياةِ الأبديّة، تٌجرحُ كرامةُ الإنسانِ جُرحًا بليغًا كما نراهُ غالبًا في أيّامِنَا ويبقى لغزَ الحياةِ والموتِ والخطيئةِ والألَم دونَ حَلٍّ: وهكذا غالبًا ما يهوي البشرُ في هوّةِ اليأسِ”.
أنْ نكونَ رسلَ سلامٍ، لذواتِنَا والآخَرينَ: “طوبى لِلسَّاعينَ إِلى السَّلامِ فإِنَّهُم أَبناءُ اللهِ يُدعَونَ” (مت 5/ 9)، من خلالِ عيشِ الغفرانِ في قلوبِنَا وتذوّق رحمةِ الله غير المحدودَةِ، وتقديمِ علاماتِ رجاءٍ عمليّةٍ للأخوةِ والأخواتِ الذينَ يعيشونَ في ظروفٍ صعبةٍ: للمسجونينَ والمرضى والفقراءَ، وأيضًا للشبابِ والمسنينَ الذينَ هم فرحُ ورجاءُ الكنيسةِ والعالَمِ؛ وأنْ نُحيي بالصلاةِ ذكرى مَن أكملوا مسيرتَهم الأرضيّةِ، لنكتشفَ من جديدٍ بامتنانٍ هبةَ الشّركةِ في معموديّةٍ واحدةٍ، بها صرنا نحن مع الكنيسةِ المنتصرةِ أبناءَ النورِ.
أنْ نحيا ونتحرَّكَ نحوَ الهدفِ الّذي نحن مدعوّونَ إليهِ، أيّ ملكوت الله. في رسالتِهِ العامّةِ “خُلصنا في الرجاء” ذكر البابا بندكتوس السّادسَ عشرَ: “وحدَهُ الرّجاءُ ـ التأكيد الكبيرـ وبالرُّغمِ من كلِّ أنواعِ الفشلِ، أنّ حياتي الشخصيّة والتّاريخ كلّه لا يزالان محفوظينِ في سلطةِ الحُبّ الّذي لا يُقهر والّذي، بفضلِهِ، يُرى لها معنى وأهميّة؛ وحدَهُ هذا الرجاءُ يستطيعُ في هذه الحالَةِ أنْ يعطيَ الشجاعةَ للعملِ والمتابعةِ بإمكانِنَا تحرير حياتِنا والعالم من السّموم والأوبئة التي تستطيع أن تهدمَ الحاضرَ والمستقبلَ”. “نَحنُ عامِلونَ مَعًا في عَمَلِ الله” (1قور3/9).
عن افتتاحِ اليوبيل: حَدَّدَ قداسةُ البابا فرنسيس، بأنَّ البابَ المُقدّسَ، في بازيليك القدّيس بطرس بروما، سيتمُ فتحُهُ في 24 ديسمبر 2024، ويَحتفلُ الأساقفةُ في كلِّ العالمِ بالإفخارستيّا يوم الأحد 29 ديسمبر 2024، وتُفتَتَح رسميًا سنة اليوبيل.
لِذا ندعو شعبَنَا المحبوبَ، كنائِسَنَا المحلّيةَ وسائرَ الإبرشيّات ومؤسَّسَاتِنَا الرهبانيّة والتربويّة واللجان الأسقفيّة، لعيشِ هذا اليوبيل برؤيةٍ مُلهمَةٍ وإشراق البدايات، وبخُطواتٍ فرديّةٍ وجماعيّةٍ، ليفضَ الرّجاءُ في نفوسِنَا ويغمرَ مَن حولِنَا. من خلالِ أنشطةِ ومبادراتِ سنةِ اليوبيلِ، تحملُ الكنيسةُ رسالَتَهَا وتُعلنها للجميعِ في كلِّ مكانٍ: إِنَّ يسوعَ المَسيحَ رَجاؤنا أَمْسِ واليَومَ ولِلأَبَد”.