السينودس حول السينودسية كبذرة رجاء في عالم يعيش لحظة ظلام، هذا محور مقال لمدير التحرير في دائرة الاتصالات الفاتيكانية أندريا تورنييلي.
في عالم آخذ في الاشتعال وعلى شفا هاوية نزاع عالمي جديد، في عالم يطبعه العجز عن الإصغاء وتميزه الكراهية التي تغذي الحروب والعنف، ما ينعكس أيضا على العالم الرقمي، يشكل اجتماع أربعمئة شخص لمدة شهر بعيدا عن بيوتهم للصلاة والإصغاء والنقاش حدثا بلا شك. بهذه الكلمات بدأ مدير التحرير في دائرة الاتصالات الفاتيكانية أندريا تورنييلي مقالا افتتاحيا مع اختتام الجمعية العامة لسينودس الأساقفة حول السينودسية. وتابع مشيرا إلى أن الكنيسة السينودسة التي يدعو إليها البابا فرنسيس بإلحاح هي بذرة رجاء صغيرة، فلا يزال ممكنا الحوار وتبادل الإصغاء والابتعاد عن الذاتية من أجل تجاوز الاستقطاب وبلوغ توافق. وتحدث تورنييلي عن لحظة ظلام نعيشها حاليا أصبح من الصعب فيها حتى النطق بكلمات مثل السلام والحوار، التفاوض ووقف إطلاق النار، لحظة ظلام تغيب فيها على الأصعدة كافة الشجاعة وبعد النظر وإبداع الديلوماسية. وفي هذ اللحظة علينا التشبث يالصلاة، كتب مدير التحرير، علينا دعم واتباع صوت نبوي قادر على التعالي فوق المصالح والايديولوجيات والانحياز، صوت أسقف روما.
وواصل أندريا تورنييلي أننا بالتأمل في الكنيسة ورسالتها وبتحليل وثيقة ملخص أعمال هذه المرحلة الأولى من السينودس نكتشف مستجدات ليست بالقليلة. وتحدث أولا عن وعي إضافي بضرورة تطبيق تعليم المجمع الفاتيكاني الثاني فيما يتعلق بالدعوة المشتركة بالنسبة للمعمدين جميعا. وذكَّر مدير التحرير هنا بأن الإنجيل يروي لنا كيف كانت هناك نخبة تحاول إعاقة يسوع خلال اقترابه من الجميع والتحدث إليهم، وأشار تورنييلي إلى الكتبة وعظماء الكهنة في تلك الفترة الذين كانوا يعتادون تحميل الآخرين بالأثقال، وتابع أن علينا النظر إلى يسوع من أجل أن نستعيد في الكنيسة على كل مستوياتها، من الكوريا الرومانية حتى أصغر رعية، الوعي بأن كل عمل في الكنيسة هو خدمة وليس سلطة، ويكون خدمة بالفعل حين يقترب ويوحد ويُشرك في المسؤولية، يخلق أخوة ويشهد لرحمة الله، لا حين يفرق بين مَن يسام ومَن لا يسام أو يعتبر العلماني معمدا من الدرجة الثانية. وأضاف تورنييلي أنه يجب من جهة أخرى تفادي أن ينزع المعمدون غير المكرسين المدعوون إلى الخدمة بأشكال مختلفة في إطار كهنوت المعمودية إلى أن يكونوا إكليروسا.
وتابع مدير التحرير مؤكدا أن السينودس حول السينودسية سيكون بذرة رجاء فقط حين ستتم الشهادة لزمن النعمة الذي عاشه الرجال والنساء الذين اجتمعوا في روما باعتباره منهجا يجب تطبيقه بأناة في كل جوانب حياة الجماعة المسيحية. ولن يصبح السينودس بذرة رجاء في حال تم اختزاله إلى التزام بيروقراطي أو حبسه في مرجعية ذانية وفي تقسيمات قديمة مميزة لكنيسة تقول إنها تريد تطبيق تعاليم المجمع الفاتيكاني الثاني لكنها تعمل بالمفاهيم ما قبل المجمعية حيث الأساقفة والكهنة هم مَن يقررون وعلى المعمَّدين الآخرين أن يطبقوا قراراتهم.
هذا وتوقف مدير التحرير في دائرة الاتصالات الفاتيكانية أندريا تورنييلي في مقاله عند وثيقة ملخص الأعمال الصادرة عن الجمعية العامة للسينودس، فأشار إلى أنها تتحدث عن ضرورة منح فسحة أكبر للنساء وأضاف أن هنا أيضا علينا العودة إلى الإنجيل الذي يحدثنا عن بقاء النساء تحت أقدام الصليب وكونهن أول مَن أعلن قيامة يسوع. أشار تورنييلي أيضا إلى حديث الزثيقة عن استقبال الجرحى ، اي الفقراء والمهاجرين وأيضا من وصفهم بغير النظاميين أي من هم بعيدون. وأضاف أن هنا أيضا علينا العودة إلى الإنجيل هذا إلى جانب كلمات البابا فرنسيس الذي أكد للشباب في لشبونة على أن هناك في الكنيسة بالفعل مكانا للجميع. وقال مدير التحرير إننا نجد في كل صفحة من الإنجيل كيف كان يكسر يسوع الرياء والمحظورات كي يعانق الخطأة والجرحى والمقصيين ومَن هم “غير نظاميين”. وذكَّر تورنييلي بزكا العشار وكيف جعلته نظرة يسوع الرحومة يدرك خطيئته ويتوب. وختم تورنييلي أننا في حاجة إلى كنيسة تنظر بنظرة يسوع هذه إلى كل رجل وامرأة ببؤسهم وخطاياهم كي يشعروا بقبولهم وبمرافقة صبورة وحنونة.