المطران سويف : جميعنا نشكّل كنيسة المسيح الجامعة الواحدة

بدعوة من صاحب السيادة المطران يوسف سويف رئيس اساقفة ابرشية طرابلس المارونية السامي الإحترام، شارك في اللقاء الشهري لكهنة أبرشية طرابلس المارونية ،كل من المتروبوليت أفرام كرياكوس رئيس اساقفة ابرشية طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الأرثوذكس، والمتربوليت ادوار جوارجيوس ضاهر رئيس اساقفة ابرشية طرابلس وسائر الشمال للروم الملكيين الكاثوليك، السامي احترامهما، وذلك في مدرسة طرابلس المارونية الخيرية، كما شارك في اللقاء حضرة المونسنيور سمير حجار خادم السريان الاورتوذكس في الشمال وحضرة الأب غريغور خادم الارمن الاورتوذكس في الشمال ممثلًا سيادة المطران شاهي بانوسيان، مع لفيف من كهنة ابرشياتهم.
استهل اللقاء بفترة تعارف بين الكهنة ثم شارك الجميع بصلاة الصباح بحسب الفرض الماروني. وبعد الصلاة رحّب الخوري سايد مرّون مسؤول مكتب شؤون الكهنة بالمشاركين في هذا اللقاء المسكوني المميز، حيث قال : انه لقاء صلاة ومشاركة وتعبير عن الاخوة بالرب التي تجمعنا، وتجسيد ظاهرلحقيقة ايمانية ثابتة، نحن بالعمق كنيسة واحدة، كنيسة المسيح يسوع، على أمل المزيد من التلاقي، وليس فقط على صعيد الشكل، وانما أيضًا على صعيد القلب والفكر والصلاة. اليوم عنوان اللقاء: “الصوم مسيرة ايمان”، حيث سيلقي السادة الاساقفة مداخلاتهم حول الايمان ويُظهرون كيف يساعدنا على عيش مسيرتنا في هذا الصوم المبارك.
كما رحّب سيادة المطران سويف بالاساقفة والكهنة المشاركين، مشددًا على أن هذا اللقاء المسكوني عزيز على قلبه حيث نلتقي بهم الكنيسة وبرسالتها والتحديات التي تواجه كنيستنا اليوم، الايجابية منها خاصةً، عيش الايمان والبشارة وحضورنا وتعاوننا، لذلك يأتي هذا اللقاء في اطار الايمان في مسيرة الصوم، بحيث انه مشروع حياة وليس فقط اربعين يومًا، فهو مسيرة دائمة نحو الفصح والقيامة. كما أضاف سيادته بأننا جميعنا نشكّل كنيسة المسيح الجامعة الواحدة. وأضاف المطران سويف، لذلك نقدم للرب هذا اللقاء وللعذراء مريم للآباء القديسين الذين تأملوا بسر التدبير الالهي بحيث يلهمون كل انسان ليتابع هذه المسيرة الايمانية بروح عميقة نشهد من خلالها للمسيح الرب الالف والياء، البداية والنهاية الذي هو القيامة والحياة الجديدة.
وفي هذا السياق، وبروح أخوية وبهذا التفاعل الرسولي، استمع الكهنة الى حديث روحي بعنوان الصوم مسيرة ايمان نحو القيامة، وتناوب السادة الاساقفة على مقاربة الموضوع من مختلف النواحي، الروحية منها والرعوية والشخصية،
فتناول المطران كرياكوس في مداخلته الإيمان عند آباء الكنيسة، رابطًا بين الإيمان والصلاة، وشدّد على أنّ الصوم الكبير المقدس فترة توبة واستنارة وهو ملخص لمعنى ومضمون حياتنا على الأرض المعنى كلّه، انه شعلة محبة. الصوم حياة توبة، حياة تنقية من الأنانية، ومن عشق الذات وحب المال، انه تهيئة النفس والجسد لملاقاة العريس في القيامة. وأضاف الّا ننسى أن الصوم فرصةٌ للاحسان الى الفقراء.
وتابع المطران كرياكوس قائلًا: ” الايمان هو الثقة بما يُرجى وتصديق الأمور التي لا ترى” (عبرانيين11 : 1)، وهو الثقة الكاملة بالمسيح. واضاف قائلا بحسب القديس سيرافيم ساروف: الصلاة باستطاعتها أن تنزل الروح القدس الذي يحوّل الخبز والخمر الى جسد ودم المسيح وباستطاعتها أن تحفظ توازن العالم. الصلاة الايمانية لها فعل رسولي. وبالايمان وعن طريق الصلاة نكتسب قوة كبيرة. كما ركّز سيادته أنّ الصفاء الداخلي الذي يساوي التطهر من الأهواء السيئة والانفعالات الرديئة والسلبية يدعم الفعل الايماني.
وختم المطران كرياكوس انه بالايمان نتصل بالمسيح القائم من بين الأموات. وسر الانسان المسيحي كائن في ايمانه بالمسيح حيث يمتلك قوة الهية تجعله يفعل أفعالاً تتخطى القدرة الانسانية. لذلك الصلاة هي أكبر قوة أعطيت لنا.
ثم كانت مداخلة للمطران ضاهر، حيث قدّم الشكر بدايةً للمطران سويف على هذا اللقاء الجامع والمعبّر، وتكمن أهميته بالوحدة التي نصلي لأجلها، وحدة في المحبة ووحدة في المسيح ووحدة في العمل الرسولي، والرعائي. رسالتنا أن نشهد للرب يسوع وخصوصًا في هذه المدينة وفي هذه المنطقة التي تتخبط، ومن الاهمية الضرورية أن نحافظ على عمل الرب في حياتنا، وان نتابع رسالتنا بايمان كبير.
وتابع المطران ادوار في طرح مداخلته التي حملت عنوان : ” الايمان والانسان المعاصر”، حيث عرض حديثه ضمن ثلاثة محاور: الايمان والمعرفة، الايمان ربح، تحديات الايمان في عالم اليوم. وختم أن الرب دائما معنا، وان نستعد للغد، وان تكون كل التحديات فرصة للتلاقي وتقرّبنا من الرب، وإظهاراً لقيادته في حياتنا. فهذه هي حياة الايمان أن نثق بالرب يومًا بعد يوم، وتحدّ بعد تحدّ، فنكون ثابتين ومتمسكين بالرب لكي نختبر تعامل الله معنا في البركات.
وفي ختام مداخلته، أضاف المطران ادوار، تمر الايام وتُظهر التحديات نوعية ايماننا، فالتحديات في حياة المؤمن هي واقع مستمر يستخدمه ابليس ليهبط من عزيمة المؤمن ولكن الرب حاضر ليحولها الى بركة عندما نصمم أن نتمسك به في كل الظروف، بينما نعيش نحن زمن غربتنا في برية هذا العالم، لا بد من التحديات ولكن الرب أمين بأن يُحلّي كلّ ظرفٍ مرّ في حياتنا ويقودنا في طري الحق حسب قول الرب يسوع : ثقوا بي ولا تخافوا انا هو وانا قد غلبت العالم، فالسماء والارض تزولان وكلامي لا يزول.
كما كانت للمطران سويف مداخلة عملية راعوية، ربط من خلالها بين موضوع الابرشية العام للسنة الماضية، الرجاء، وموضوع السنة الحالية: الايمان، طارحًا مجموعة من الافكار التي تشكل موضوعًا لفحص ضمير كهنوتي، مؤكدًا على الدور الذي يجب ان يضطلع به الكهنة في تعزيز عيش الإيمان والرجاء لقيادة شعب الله نحو فرح القيامة. حيث تناول سيادته الموضوع ضمن عشر نقاط وافكار روحية في حديثه. في هذا الاطار عرض صاحب السيادة تحديات الايمان، فنحن ابناء الرجاء والايمان، فهل يجوز أن نترك شعبنا؟ فالايمان نعمة من الله، فحياتنا أصبحت انطلاقا من المعمودية للحياة الابدية، هذا الايمان لا يمكن ان يستمر بدون قبول وجهاد من أجله، وعلى مثال العذراء مريم عندما قالت أنا أمة الرب، يكتمل ايماننا ويتفاعل عندما ندخل في قبول يومي لهذه النعمة، فيصبح مشروع حياة بكل أبعادها.
وتابع المطران سويف في النقطة الرابعة سائلاً: لماذا اخترنا هذه السنة عنوان : الايمان؟ وذلك لأننا شعرنا أننا أمام كل هذه الأزمات التي تحيط بنا، أنّ شعبنا يكاد ينهار، فهل يجوز بعد الفين سنة على تجسد كلمة الله المسيح الفادي، وعلى الموت والقيامة، وعلى الكنيسة التي شهدت وانطلقت الى العالم، وامام قوافل الشهداء أيجوز أن نكون كنيسة هشة؟ نتراجع من خلال أزمة؟ لذلك جئنا نطرح السؤال: ما السبب في ذلك؟ ” أين الايمان؟ “، فالايمان يبرز في الشدائد والصعوبات، والاضطهاد. فيا رب زدنا ايمانًا. وفي النقطة الخامسة طرح سيادته أنّ الايمان يأتي من نعمة موت يسوع، أي من الفداء ومن القيامة، انه يرتكز على المسيح الذي قدّم حياته لأجلنا، وحده الركيزة للايمان، انه معطي الحياة. وفي النقطة السادسة أشارالى انّ حياتنا هي اعتراف دائم بيسوع المسيح : ” من تقول الناس اني أنا هو؟”، الجواب: انت المسيح ابن الله الحي، فالايمان هو الاعتراف بالقلب والصلاة بالرب يسوع، وايضا من خلال الشهادة في عالمنا ومن حولنا. وما زالت الكنيسة مستمرة بفضل دم هؤلاء الشهداء، فهم الخمير الذي يخمّر العالم. والذين يخلقون التوازن في هذا العالم.
وأضاف في النقطة السابعة، الإيمان هو ايمان محوّل، والتحول هو عيش القيامة من خلال الافخارستيا، والكهنوت يساهم في مشروع التحوّل بنعمة الروح القدس، فاذا لم يمتد هذا التحوّل الافخارستيّ الى حياتي الكهنوتية اليومية عندها تأتي الأزمة، لذلك من الضروري التحوّل في قلب العالم. وسأل سيادته: أين الاعتراف والتوبة في حياتنا اليومية؟ هل نكرّس فسحة لذلك ولهذا التحوّل، لكي نصل الى الرب يسوع؟. وتابع سيادته ثامنًا، على الايمان أن يكون ايمانًا شخصيًّا، بمعنى أن يكون فيه عيش الطفولة الروحية، من خلال الثقة بالآب السماوي، وعلاقتنا مع الرب علاقة : ” أبّا”.
وقال في النقطة التاسعة، الايمان لا أعيشه لوحدي بل أعيشه في كنيسة، في الجماعة، نحن كنيسة بطبيعتنا عائلة متضامنة في الصلاة والقربان والخدمة الانسانية، فالعلاقة مع الرب تجعلني انفتح على الآخر. وختم سيادته المداخلة قائلاً: هذا الايمان هدفه فرح العالم، لان العالم من دون الايمان يعيش في الشقاء، يعيش في الحزن، بالايمان بيسوع المسيح يدخل الى الفرح الحقيقي الى الحياة الجديدة.
في الختام كانت مداخلات لعدد من الكهنة الذين قدموا أفكارًا وطروحات عملية لتعزيز الخدمة في إطار من التعاون الكهنوتي المشترك، قبل أن ينتقل الجميع الى مائدة المحبة.