اللقاء للحوار الديني والاجتماعي ” يُطلقُ أول ندواتِهِ الحوارية التفاعلية

نظَّمَ “اللقاء للحوار الديني والاجتماعي” ، يوم الخميس الواقع فيه 25 نيسان 2024 ، ندوة حواريّة تفاعليّة ، هي الأولى في سلسلة فعالياته ، وذلك في مقر “اللقاء” (مركز الصفدي الثقافي) ، بعنوان : ” اللقاء للحوار الديني والاجتماعي / أهدافُهُ وتوجُّهاتُهُ وآلياتُ عمله” ، داخَلَ فيها : صاحب السيادة المطران يوسف سويف رئيس أساقفة أبرشية طرابلس المارونية السامي الاحترام، وسماحة المفتي الشيخ د. مالك الشعار .
حضر الندوة رئيس “الهيئة الإدارية ” لـِ “اللقاء” معالي الوزير محمد الصفدي ، ونائب الرئيس سعادة النائب إيلي خوري ، وعضو ” مجلس الأمناء” د. سابا زريق .
كما حضر الندوة كلّ مِن مديرة كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية (الفرع الثالث) د. جانين الشعّار ، ومديرة حَرَم جامعة القديس يوسف في الشمال السيدة فاديا عَلَم الجميِّل مع المرشد العام للجامعة اليسوعية الأب جاد شبلي ومرشد حَرَم الشمال الأب إيلي صليبا ، ومسؤول الأنشطة في جامعة الجنان (طرابلس) ، يُواكبهم عددٌ كبير من طلبة هذه الجامعات، إلى مدير الثانوية الوطنية الأرثوذكسية في الميناء قُدس الأب إبراهيم دربلي ، مع مجموعة من طلبة الصفوف المنتهية .
– أُستُهِلّت الندوة بالنشيد الوطني اللبناني ، وبكلمة تمهيدية لأمين سرّ “اللقاء” د. مصطفى الحلوة ، مرحِّبا بالحضور ، ومُشيرًا إلى أن هذه الندوة هي الأولى ، بعد إطلاق “اللقاء ” والإعلان عنه في 17 شباط الماضي 2024 ، وستتبعها سلسلة من الندوات ، تشمل مختلف الجامعات والمدارس في طرابلس والشمال ، إلى شرائح شبابية أخرى ، وانتقالاً إلى سائر المناطق اللبنانية. وتوقّف د. حلوة عند النظام الأساسي لِـ “اللقاء” ، الذي ينص ، في بعض بنوده ، على تعزيز ثقافة الحوار وأدبياته ، لدى الأجيال الطالعة ، ونشر الوعي بين صفوفها لزيادة مناعتها الذاتية ضد مختلف أشكال التطرّف والانحرافات ، التي تفتك بالمجتمع ، وتفعيل دور منظومات القيم التي جاءت بها الأديان ، لاسيما المسيحية والإسلام .
مداخلة سماحة المفتي الشعار .. ” لقاء الأمل المبارك ” !
بدايةً توقّف سماحة المفتي الشعّار عند معاناة لبنان ، الغارق في أزماتِهِ ، على مختلف الصُعُد ، وشدَّدَ على أن بناء المجتمعات لا يكون إلا بالعلم والعمل ، ونشر الوعي ، ومنتقدًا المتاجرة بالدين وبالسياسة الضيقة .
ومن منطلق مسؤوليته الدينية ، مع سيادة المطران سويف ، قال إنّ المطلوب تعبيد طريق الوعي ، لدى الشرائح الشبابية والطالبية ، بما يخصّ المسألة الدينية الحقّة ، مع التنويه بأن الأديان جميعها تتكامل ولا تتصادم وتتقاتل . وأضاف أن قيمنا الدينية تحضّّنا على التعارف والتلاقي، وصولاً إلى تكريس التعايش فيما بيننا ، متمثِّلاً بالآية القرآنية الكريمة : ” يا أيّها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى ، وجعلناكم شعوبًا وقبائلَ لتعارفوا .. ” . كما تمثَّل بقول النبي محمد (ص) : ” أنا أولى بعيسى بن مريم منكم” ، وذلك ، بحسب سماحته ، أن الأنبياء إخوة لِعلاّت ، أمهاتهم شتّى ودينُهُم واحد ! “.
هكذا وفق سماحته ، فإن الأديان ، كرسالات سماوية ، تكمِّل بعضها بعضًا ، ومجموعُها يُساوي دينًا واحدًا عند الله .
تأسيسًا على هذا الفهم للرسالات السماوية- يُتابع سماحته – فإن قيمها مشتركة ، بل مُتجانسة ، ولربما أكثر ، فهي مُتطابقة .
وعن المتاجرة بالأديان ، وصفَ الضالعين فيها بأنهم طائفيون متعصّبون ، لا يحملون شيئًا من قيم الإسلام وقيم المسيحية ، ولو عرفوها وتمثّلوها لتحقّق التعاون بين مكوِّنات المجتمع . فهذه القيم مجتمعةً هي المدخل ، الذي لا بديل منه ، لتحقيق العيش المشترك ، بل الواحد في مجتمعنا اللبناني . وختم سماحته بأن المطلوب من الشرائح الشبابية الوقوف في وجه هؤلاء المتعصّبين ، الذين يلجأون إلى إثارة الغرائز ، والعبث بأمن الوطن . وعن هذا اللقاء ، رأى إليه سماحتُهُ أنه “لقاء الأمل المبارك” .
مداخلة سيادة المطران سويف
تمحورت مداخلة سيادة المطران سويف حول تسمية اللقاء، بكلماته الأربع ، ليخلص إلى ما تشي به هذه الكلمات من دلالاتٍ وأبعاد ، وما تبعث به من رسائل : اللقاء / الحوار / الديني / الاجتماعي .
* “اللقاء” : نعمةٌ ، وحاجةٌ ، وغِنى ومصدر فرح .
– هو نعمةٌ لأنه يُحرِّرنا من “الأنا” ويدفعنا إلى الشعور بالآخر ، ويحُرِّر الإنسان من خوف الآخر ، وهو الطريق إلى الله .
– هو حاجةٌ إنسانية ٌ ليتفاعل الناس مع بعضهم بعضًا . وهو حاجة روحية كيانيّة .
– هوغِنى ، من منطلق التنوّع ، تنوّعٌ في الوحدة ، وفي هذا الغنى نكتشف المشترك بجميع تجليّاته ، لاسيما الروحي ، ومثالنا ذلك الاختبار الروحي ، حيث تداخل شهر رمضان المبارك بين صوم المسيحيين الغربيين والمسيحيين الشرقيين .
– هو مصدر فرح ، فرح العطاء وبذل النفس في سبيل الأحبّاء الآخرين .
*” الحوار ” ، وأما عن الحوار ، فهو خيارٌ ، ونهجٌ ، واعتراف بالآخر المختلف وحوارٌ من المائدة إلى الحياة .
– هو خيارٌ لبلد أكثر من وطن ، إنه رسالة. والإنسان عدو ما يجهل ، والحوار هو السبيل لتبديد الجهل ، ولن يكون إلا باقتناع .
– هو نهج حياة ، والسعي كي يكون مُستدامًا ، فيغدو بمنزلة ثقافة مترسِّخة . وثمة مخاطر تتهدّد الحوار ، من خلال إيديولوجيات ، لا تصبُّ في مصالح البشرية ، كما أثبتت التجارب عبر التاريخ .
– هو اعتراف بالآخر المختلف في مواجهة “Xénophobie” (أي رُهاب الغرباء) ، و “Islamophobie” (كراهية الإسلام) ، “Cristianophobie” (كراهية المسيحية) . وهذه هي أكبر المخاطر ، التي تواجهُ عالمنا اليوم . علمًا أن قبول الآخر المختلف يزيد مجتمعنا مناعةً .
– هو حوارٌ من المائدة إلى الحياة ، من حيث يتحلّق المتحاورون حول طاولة، وينزلون إلى الشارع ، إلى الحياة اليومية ، فلا يبقى الحوار أسير النُخَب .
* “الديني” ، فأجمل ما في الحياة هو الإيمان ، نعمةٌ من الله ، الإيمان بإله واحد ، خالق السماوات والأرض ، وهو سيِّدُ الزمن . وعبر الحوار الديني، نكتشف فرح الإيمان ، حيث يكون لتنقية الذاكرة كبير أثر إيجابي على أمن المجتمع . وعن لبنان ، في هذا المجال ، لم تحصل المراجعة الذاتية إلا بشكل جزئي ، إِثرَ ما فعلنا ببعضنا بعضًا ، لكي نبرأ من جراح الحرب .
– الحوار الديني يُعرِّفنا إلى ” الله محبّة ” ، وما تتضمّن هذه الأطروحة من تكريس للأخوة الإنسانية وبناء السلام .
* “الاجتماعي” ، هو حوار اجتماعي ، يحفظ كرامة الإنسان ، واحترام الكفاءة ، وتكريس المساواة في المواطنة ، وما يتفرّع عن المواطنة من حقوق وواجبات : الحقّ في العيش الكريم ، والحق في إدارة الحكم (الشأن العام) ، وواجب بناء الدولة واستعادتها .
– هو حوار اجتماعي لأجل الحرية المسؤولة ، مع التنويه بأن احترام حرية الدين والمعتقد هو أجمل ما في لبنان .
.. وختم سيادة المطران سويف ، مُشدِّدًا على وحدة العائلة اللبنانية ، فهي صمامُ أمان مجتمعنا اللبناني .
أعقَبَ هاتين المداخلتين حوارٌ تفاعلي بنّاء ، إِتّسم بالصراحة ومُنتهى الشفافية ، شارك فيه عددٌ كبير من الطلبة ، كما كانت تعقيباتٌ وردود .
وفي جملة المقترحات التي تمّ التقدّم بها من قبل الطلبة . اقترحت إحدى الطالبات إيجاد صفحة على “الواتسآب ” ، تضمّ جميع الطلبة الحاضرين مع أعضاء ” اللقاء ” ، يتمّ عبرها استكمال النقاش حول المسائل التي طُرحت في هذه الندوة الحوارية ، وفي الندوات التي ستلي .