ألقى مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك المطران غابريالي كاتشا مداخلة أمام المشاركين في أعمال الجمعية العامة التاسعة والسبعين للمنظمة الدولية تمحورت حول أهمية تعزيز دور المرأة في المجتمع.
قال سيادته إن النهوض بالمرأة والاعتراف بمساواتها في الكرامة أمران أساسيان لمجتمع عادل لافتا إلى أنه في وقت نعترف فيه بالتقدم المحرز، يجب أن نواصل مكافحة جميع الصور النمطية الضارة التي تحرم النساء والفتيات من تكافؤ الفرص. وأضاف أن العنف ضد المرأة، كما يؤكد البابا فرنسيس “عشب سام يصيب مجتمعنا ولا بد من اقتلاعه من جذوره”. وتوقف عند العنف المنزلي، الذي غالبا ما يكون مخفيا خلف الأبواب المغلقة. وأشار أيضا إلى الحاجة الماسة إلى استجابة مشتركة تشمل النساء والرجال على حد سواء لمكافحة هذه الآفة.
مضى الدبلوماسي الفاتيكاني إلى القول إن النساء والفتيات يمثلن حوالي ستين بالمائة من ضحايا الاتجار بالأشخاص ويشكلن أيضاً الغالبية العظمى من أولئك الذين يتم الاتجار بهم لأغراض الاستغلال الجنسي. وأوضح أن هذا الاتجار لأغراض الدعارة والمواد الإباحية هو من الأنشطة التي تتسم بالعنف والإكراه وتعاطي المخدرات، مشيرا إلى أن هذه الجوانب من الاستغلال الجنسي متأصلة في “الصناعات السرية” التي تحقق أرباحا مخزية نتيجة إساءة معاملة النساء والفتيات. وتوقف عند المقترحات الداعية إلى التحرك في هذا الاتجاه مشدداً على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية بجدية. وهذا الأمر يشمل مكافحة الفقر، وضمان التعليم للجميع، وتعزيز الأسرة، فضلا عن العمل على القضاء على الطلب الذي يغذي استغلال النساء والفتيات.
بعدها أكد المطران كاتشا أنه لا يمكن تحقيق النهوض بالمرأة بالكامل دون احترام قدراتها الفريدة، بما في ذلك الأمومة، لافتا إلى أن هذه المسألة تتطلب التزاما متجددا بالحد من وفيات الأمهات من خلال تعزيز الرعاية السابقة للولادة وتوفير العيادات المجهزة. وأوضح أن هذه الخدمات الأساسية لا تزال غير متاحة للعديد من النساء اللواتي يعانين من الفقر، فيما يتم تخصيص المزيد من الموارد لمنع الحمل وتطبيق نظريات تهدف إلى تقليل عدد سكان العالم. واعتبر سيادته أنه لا يمكن الادعاء بتعزيز النهوض بالمرأة عندما لا تعالج القضايا الملحة المتعلقة بالفقر وسوء المعاملة، وعندما تهمل المسألة الخاصة بالمرأة التي تتعرض لضغوط للخضوع للإجهاض، وغالباً ما تشعر بأنه ليس لديها خيار آخر.
تابع سيادته كلمته متوقفا عن مسألة تأجير الأرحام المثيرة للقلق، وقال إنها شكل آخر من أشكال استغلال المرأة، وقد أصبح أكثر انتشارا في السنوات الأخيرة، وقال إن تأجير الأرحام هو تسويق غير مقبول لقدرة المرأة الفريدة على الأمومة، كما يمثل انتهاكا خطيرا لكرامة المرأة والطفل، نظراً لاستغلال الاحتياجات المادية للأم في حين أن عددا من الدول تحظر هذه الممارسة التي دعا البابا فرنسيس مرارا وتكرارا إلى حظرها على المستوى العالمي.
لم تخل كلمات المسؤول الفاتيكاني من الحديث عن التربية لافتا إلى أنها المفتاح لتمكين النساء والفتيات من تنمية مواهبهن وتحقيق إمكاناتهن في المجتمع. وقال إنه على الرغم من حدوث تحسن كبير في حصول النساء والفتيات على التعليم، لا تزال أوجه عدم المساواة قائمة لأسباب متنوعة، بما في ذلك الفقر وانعدام الفرص، فضلا عن الصور النمطية السلبية والتمييز. وشدد على أهمية إتاحة التعليم للنساء والفتيات أسوة بالرجال والفتيان، ما يعزز احترام الكرامة البشرية لكل شخص.
وذكّر سيادته في هذا السياق بأن البابا فرنسيس أكد أننا نعيش في زمن كثيرا ما يشوبه العنف والحرب والأيديولوجيات التي تخنق أنبل مشاعر القلب البشري، وفي هذا السياق – تابع قائلا – أصبحت مساهمة المرأة ضرورية أكثر من أي وقت مضى. وشدد على ضرورة أن تشمل الاستجابات للنزاعات والفقر والكوارث الطبيعية النساءَ على جميع المستويات، وأضاف أنه من الأهمية بمكان تغيير المواقف والممارسات على حد سواء من أجل دعم المرأة والرجل في أدوارهما داخل الأسرة والمجتمع.
في ختام مداخلته أمام الجمعية العامة التاسعة والسبعين للأمم المتحدة أكد الدبلوماسي الفاتيكاني أن الكرسي الرسولي يواصل دعم الجهود الرامية إلى تأكيد المساواة في الكرامة بالنسبة للنساء والفتيات، وضمان حصولهن على فرصة تنمية مواهبهن من أجل تحقيق إمكاناتهن في جميع مجالات الحياة.