وصل رئيس مجلس أساقفة إيطاليا الكاردينال ماتيو زوبي إلى موسكو في مهمة جديدة تهدف إلى إعادة القاصرين الأوكرانيين المتواجدين في روسيا إلى بلادهم وتبادل الأسرى بالإضافة إلى البحث عن سبل تحقيق السلام الذي طال انتظاره بين موسكو وكييف، مع العلم أن هذه الزيارة الجديدة تندرج في إطار المهمة التي أسندها البابا فرنسيس إلى الكاردينال الإيطالي العام الماضي.
بعد ستة عشر شهراً على الزيارة الأولى ها هو الكاردينال زوبي يعود إلى موسكو في مهمة جديدة ضمن المبادرة الإنسانية التي أطلقها الكرسي الرسولي بحثاً عن سبل تحقيق السلام في أوكرانيا. هذا ما جاء في تصريح لمدير دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي السيد ماتيو زوبي، أعلن فيه أن رئيس مجلس أساقفة إيطاليا بدأ هذا الاثنين زيارة جديدة إلى موسكو، مضيفا أن نيافته سيلتقي بممثلين عن السلطات المحلية، وسيتم تقييم الجهود المبذولة من أجل لم شمل العائلات بالنسبة للأطفال الأوكرانيين المتواجدين في روسيا، فضلا عن المساعي الهادفة إلى تبادل الأسرى بين الجانبين، على أمل التوصل إلى السلام الذي طال انتظاره.
في الثامن والعشرين والتاسع والعشرين من حزيران يونيو ٢٠٢٣ قام الكاردينال زوبي بزيارته الأولى إلى موسكو، بعد أن توجه إلى كييف حيث كان له لقاء مع الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي، وفي الأشهر التالية للزيارتين توجه نيافته أيضا إلى واشنطن ثم بكين. خلال الساعات الثماني والأربعين التي أمضاها على التراب الروسي التقى رئيس مجلس أساقفة إيطاليا ببطريرك موسكو وسائر روسيا كيريل، وصدر بيان عن الكرسي الرسولي وَصف اللقاءَ بالمثمر، موضحا أن الكاردينال زوبي نقل إلى البطريرك كيريل تحيات البابا فرنسيس. كما تطرق الرجلان إلى المبادرات الإنسانية التي يمكن أن تسهل التوصل إلى حل سلمي للصراع الدائر.
بعدها كان للكاردينال الإيطالي لقاءان آخران منفصلان أولا مع يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لشؤون السياسة الخارجية، ثم مع ماريا لفوفا بيلوفا، التي تشغل منصب مفوض لحقوق الطفل. خلال اللقاءين تم التأكيد بشدة على البعد الإنساني للمبادرة، فضلا عن ضرورة التوصل إلى السلام المنشود. وفي ذلك اليوم نشر الموقع الإلكتروني الرسمي للمفوضية مقالا بشأن اللقاء جاء فيه أن الكاردينال زوبي ناقش مع السيدة بيلوفا القضايا الإنسانية المرتبطة بالعمليات العسكرية وبمسألة الدفاع عن حقوق الأطفال، وذلك في إشارة إلى أكثر من تسعة عشر ألف قاصر أوكراني اقتيدوا بالقوة إلى روسيا، وهي قضية حملت الرئيس الأوكراني على طلب مساعدة الكرسي الرسولي خلال اللقاء الذي جمعه مع البابا فرنسيس في آذار مارس ٢٠٢٣. مطلب عاد زيلينسكي ليكرره أثناء لقائه الأخير مع الحبر الأعظم يوم الجمعة الفائت في الفاتيكان، وقال إن هذه القضية الإنسانية لا تتعلق بالأطفال وحسب إنما تشمل جميع الأسرى الأوكرانيين بما في ذلك الصحفيين.
وبفضل القناة الدبلوماسية التي فتحها الكاردينال زوبي تمكن عدد من الأطفال الأوكرانيين الذين اقتيدوا إلى روسيا من العودة إلى عائلاتهم. وخلال الأشهر الماضية شكرت نائبة رئيس البرلمان الأوكراني أولينا كوندراتيوك رئيس مجلس أساقفة إيطاليا على نشاط الكرسي الرسولي “الدبلوماسي الإنساني” الذي أدى إلى نتائج هامة، كما قالت المسؤولة الأوكرانية. ومن بين تلك النتائج الإفراج عن كاهنين كاثوليكيين أوكرانيين اعتُقلا في نوفمبر تشرين الثاني ٢٠٢٢ وأطلقت روسيا سراحهما ضمن عملية تبادل للأسرى مع أوكرانيا في التاسع والعشرين من حزيران يونيو الماضي. وقد عبر الرئيس زيلينسكي للبابا عن امتنانه على هذه الجهود.
مما لا شك فيه أن الجهود الدبلوماسية التي يقوم بها الكاردينال زوبي وزيارته الأخيرة إلى موسكو لم تكن نتائجُها فورية، وهذا ما تحدث عنه أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين في أكثر من مناسبة، لكنه شدد على أهمية استمرار النشاط، لأن النتائج موجودة حتى لو كانت بطيئة. وكان الكاردينال بارولين قد أجرى اتصال فيديو، في شهر أيلول سبتمبر الماضي، مع تاتيانا موسكالكوفا، مفوضة حقوق الإنسان في الفدرالية الروسية. وخلال المحادثات أكد المسؤول الفاتيكاني – حسبما جاء في بيان صدر عن دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي – ضرورة السعي دائما، في زمن الصراعات والحروب، إلى الدفاع عن الحقوق الإنسانية الأساسية التي تضمنها المعاهدات الدولية.