الكاردينال غوجيروتي يختتم الاحتفالات بعيد القديس أغسطينس في بافيا

اختتم عميد دائرة الكنائس الشرقية الكاردينال كلاوديو غوجيروتي في كاتدرائية القديس بطرس في بافيا الإيطالية الاحتفالات بعيد القديس أغسطينوس وذلك خلال ترؤسه القداس الإلهي وألقى عظة توقف فيها عند المسيرة التي اجتازها أسقف هيبونا وقادته إلى اكتشاف الله. وتطرق أيضا إلى الشكوك التي واجهها هذا القديس في حياته مشيرا إلى أننا مدعوون نحن أيضا إلى طرح التساؤلات لأنها تقود إلى الحقائق السامية.
تم الاحتفال الديني في كاتدرائية بافيا حيث يُحتفظ بذخائر هذا القديس، علما أن الكنيسة تحتفل بعيده في الثامن والعشرين من آب أغسطس من كل عام. توجه الكاردينال غوجيروتي إلى المؤمنين المشاركين في القداس ناقلا إليهم تحية البابا فرنسيس، خاصا بالذكر الأشخاص المتألمين والمهمشين ومن يواجهون صعوبات في حياتهم، قبل أن يتوقف عند الخبرة الشخصية التي عاشها أسقف هيبونا وميزت حياته الأرضية.
وتحدث نيافته في العظة عن الصراعات المسلحة والحروب التي يشهدها عالم اليوم، لافتا إلى أن مشاعر الخوف والقلق تعني جميع الأشخاص، وذكّر بما كتبه القديس أغسطينس عن الحرب داعياً في إحدى رسائله إلى قتل الحرب بواسطة كلمة الله، عوضا عن قتل البشر بالسيف. وأضاف أن من يُحب السلام فعلاً يُحب أيضا أعداء السلام. وأضاف غوجيروتي أن هذا القديس تطرق في الرسالة نفسها إلى الحوار مشجعاً الأشخاص على سلوك هذه الدرب والتخلص من الخلافات ونبذ الإساءة من خلال الصلاة على نية من يسيئون إليهم، والتعامل بسلام مع من لا يريدون السلام ويحبون الاقتتال. كما شدد أيضا على ضرورة أن نرى أخاً لنا في الخصم والعدو، في من يكرهنا ويحتقرنا والتعامل معه بوداعة. وذكّر نيافته بأن هذه الدعوات صدرت مراراً وتكراراً عن البابا فرنسيس.
تابع عميد دائرة الكنائس الشرقية عظته مذكراً المؤمنين بأن القديس أغسطينس كان باحثاً دؤوباً عن الحقيقة، ولم يعرف التعب قط، وقد عرف لحظات مظلمة في حياته، خصوصا عندما لم يجد أجوبة مقنعة على تساؤلاته الكثيرة. وهذه التساؤلات هي نفسها التي يطرحها الكثير من رجال ونساء زماننا الراهن. وقد بحث عن خير الأشخاص ومصلحتهم، لا عن خيره ومصلحته وحسب. وكان أناس زمانه يختبرون الخوف الناجم عن العيش بسلام في عالم يشهد حروباً. مضى نيافته إلى القول إن هذا القديس وبعد سنوات طويلة من الحج الذهني وجد الله في أعماق ذاته، في قلبه وهذا ما كتبه في “اعترافاته”، مؤكدا أن الله كان موجوداً بداخله، ينتظره، ولم يلتقِ به من قبل لأنه أغسطينس لم يدخل إلى أعماق ذاته، بل بقي في الخارج. وكتب أن الجمال كان مقيماً في داخله، لكنه كان يبحث عنه في مكان آخر.
وأضاف الكاردينال غوجيروتي في هذا السياق أننا نحن أيضا معتادون على العيش خارج أنفسنا، في زمن مطبوع بالابتعاد عن الذات، ونبقى أمام شاشة الحاسوب أو الهاتف الذكي، اللذين يبعداننا عن أعماقنا، وعن أصوات الآخرين. ومن هذا المنطلق – مضى قائلا – لا بد أن نتعلم من القديس أغسطينس ونعرف كيف نطرح الأسئلة. وذكّر نيافته بأن أسقف هيبونا آمن بأن الله صار إنساناً ومات بدافع المحبة التي يكنّها تجاه كل واحد منا، وهذا الأمر يعلمنا أن نكون أخوة ونتكلم مع بعضنا البعض بوداعة ورقة. كما ينبغي أن تساهم كلماتنا في إرساء أسس المحبة والتوافق، عوضا عن زرع بذور الانشقاقات والخلافات. في ختام عظته دعا عميد دائرة الكنائس الشرقية المؤمنين للصلاة إلى ملفان الكنيسة هذا كي يوقظ فينا القوة اللازمة لننظر في داخلنا ونكتشف هذه اللؤلؤة النفيسة التي هي المسيح.